الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرض المسرحي (فوبيا .. تكرار) .. مستقبلنا المخيف !

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2013 / 12 / 12
الادب والفن


مقدمة:
تعد فكرة التواصل مع الآخر المختلف في العادات والتقاليد واللغة واحدة من معطيات العولمة الثقافية التي إجتاحت العالم منذ سنين عدة ، وعلى الرغم من أن مفهومنا للعولمة يقتصر على الهيمنة السياسية والإقتصادية للدول الكبرى ، والعمل على جعل العالم "قرية صغيرة" من خلال الثورة التكنولوجية التي إجتاحت العالم ، الامر الذي منح الفعل الثقافي فرصة في توظيف مهيمنات العولمة على الشعوب والعمل على خلق التواصل بين أفرادها ، ومن هنا تأتي أهمية مشروع (ستامبا – المتلازمة الشرقية الغربية ) الثقافي المسرحي من اجل الإفادة من مقترحات العولمة والتعاطي مع مضامينها من خلال منجز مسرحي يعتمد على تقديم مشاريع مسرحية يتشارك في تقديمها عدد من الدول (مصر ، فرنسا ، ألمانيا، العراق) ، وقد بدا واضحاً أن إفتتاح هذا المشروع في العراق يعد سابقة نتمنى ان لاتكون الاخيرة ، لعلنا نفلح في نقل صورة جميلة إلى العالم تكون مغايرة لتلك الصورالجحيمية التي تتناثر في تكنولوجيا "القرية الكونية" كاشفة حجم الخراب والدمار الذي لم يزل يقع على شعب يمتلك حضارة لم تعد حاضرة في السلوك الإنساني ، بل راح ينظر إلى الماضي بغضب كما يقول "أوزبورن" بكل مافيه من خسارات وإنكسارات وحروب ، فضلاً عن سياسات خاطئة ومتعاقبة ترفض النظر إلى المستقبل.
العرض المسرحي العراقي (موت مواطن عنيد ، فوبيا ، تكرار) :
إن فرضيات القراءة الإخراجية للنص الدرامي باتت تشكل ضرورة فكرية وجمالية في صياغة العرض المسرحي ، كما حصل في مسرحية (موت مواطن عنيد) تأليف (د.هيثم عبد الرزاق) إخراج (يحيى إبراهيم) التي قدمت ضمن مشروع (ستامبا) ، فقد بدا واضحاً أن المخرج أراد تفعيل الأفكار الهامشية داخل المتن النصي ، مستفيداً من بعض المقترحات اللفظية التي قدمها المؤلف في إشارة إلى تاريخانية الاحداث ، الامر الذي جعل المخرج يعمل على تحويلها إلى مفردات ديكورية كما في توظيف (زير الماء) الذي إرتبط وجوده العلامي بحقبة زمنية معينة ، وبذلك يكون المخرج قد إختزل العديد من المشاهد اللفظية ، فضلا عن ذلك فإن (زيرالماء) الذي إمتلك وظيفة محددة في الواقع تمثلت في (جمع الماء في آنية فخارية كبيرة من اجل الحفاظ عليه بارداً وبعيداً عن حرارة الصيف العراقي) ، إلا انه في فضاء العرض قد تحول إلى مقترح للتطهير ، كما بدا واضحاً من تعامل الممثل (ياس خضير) معه في أكثر من موضع ، إلا ان تكرار عملية التطهير بالماء أوقع العرض في مغالطة مع الملفوظ الحواري (المجاري فاضت .. حتة بيت المعلم ) ، الامر الذي جعل من (مياه الزير) الصافية تتحول إلى مياه آسنة ، ربما يكون القصد من وراء ذلك أن الفساد والجريمة المنظمة لم تترك موضعاً نظيفاً من دون أن تلوثه ، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال تأكيد المخرج على تكرار مشهد الإغتسال بالمياه التي باتت (آسنة) في إشارة إلى ان الشخصية باتت ملوثة بدماء الأبرياء .
كما أن مكان العرض قد إمتلك حضوراً جمالياً في تشكيل الرؤية الإخراجية لاسيما أن البناء المعماري يشكل إيقونة تراثية تمثلت في بناية (منتدى المسرح) الذي إختار المخرج التعاطي معه مستفيداً من وجود مناطق متعددة في الإشتغال ، فضلاً عن الإفادة من المقترح المكاني المتوافر في نص المؤلف ، ولم يعمد المخرج إلى إغراق الفضاء بالمفردات الديكورية ، بل إنه إعتمد على المفردات التي شكلت البناية التراثية ( شناشيل، شبابيك خشبية ، دنّكْ خشبية ،أبواب ..وغيرها) تاركاً الفضاء خالياً إلا من حضور الممثلين ، الذين حولتهم الإضاءة إلى ظلال في العديد من المواضع ، حيث بدت القصدية واضحة في الإشتغال على الإضاءة الشبحية ، التي تبدو فيها ملامح الممثلين غائبة في كثير من المشاهد ، فضلا عن ذلك فإن الازياء التي إختارها المخرج لعبت دوراً أساسياً في بناء فكرة العرض ، حيث كانت أزياء (الأب) مشابهة لتلك التي يرتديها (الغريب) في إشارة واضحة إلى ان المجرم والضحية يتشاركان في القضاء على الحياة المدنية، كذلك هو الحال مع أزياء الشخصية النسائية (سميحة) التي بدت متشحة بالسواد ، الامر الذي جعلها تتشارك في إقصاء الآخر والمساهمة في النواح عليه، على الرغم من أن الملفوظ الحواري لتلك الشخصية يكشف عن كونها ضحية في مجتمع ذكوري متسلط .
إمتلك المخرج خصوصية جمالية في الإشتغال على الزمن الذي بدا متوافراً في النص الدرامي من خلال الاحداث التي تتكشف عبر اللغة ، إلا أن المخرج إختار التعبير عن حركة الزمن وتتابعه عبر توظيف (الاناشيد الوطنية) التي جاءت تعبيراً عن مراحل تأريخية متعددة ، الامر الذي كشف عن إنهيار القيم الوطنية التي يعد (النشيد الوطني) من ثوابتها ، وفي ذلك إشارة واضحة إلى ان جميع السلطات التي تعاقبت على حكم العراق لم تكن تعمل على وفق نظام يحفظ للوطن والشعب حريته وكرامته ،بل إنها جميعاً جاءت من اجل إقصاء الآخر وتهميشه وإلغاء جميع مقترحاته سواء كانت سلباً إو إيجاباً.. والعودة بالبلاد إلى (المربع الاول) كما يردد رجال السياسة في الفضاء الإعلامي المتوافر في الوقت الراهن.
ولم يكتف المخرج بإختزال المفوظ الحواري بل إنه إعتمد على توظيف بعض المقترحات المحايثة للمتن النصي والتي تمثلت في تحريض المتلقي على مواجهة السلطة والعمل على إقصائها ، مستفيداً من ملفوظ النص (المرض مو بالمدينة .. المرض بعقولنة) حيث إختار المخرج تجسيد المشهد مع المتلقي من اجل تفعيل فعل التحريض، حيث جاء تصميم مقاعد الجلوس منسجماً مع فكرة المشهد وخصوصيته.
المخرج الممثل .. لماذا ؟
إن إمتلاك القدرة على التمثيل لايعني أن المخرج قادر على تجسيد شخصية درامية إمتلكت حضورها النصي إبتداءاً ، بل على العكس من ذلك فإن أداء الممثل (يحيى إبراهيم) الذي لعب دور (الاب) إنعكس سلباً على تفكيره الإخراجي بتلك الشخصية ، فعلى الرغم من انه إستطاع تحطيم الإيقونة التأريخية التي نسجها المؤلف حول تلك الشخصية ،من خلال تحويلها إلى شخصية حاضرة تمتلك وجودها وفعلها التعبيري ، إلا انه وقع في فخ التمثيل النمطي لتلك الشخصية التي تمر بتحولات عدة ، حاول الممثل (يحيى إبراهيم) التعاطي معها إلا انه ظل حبيس طبقة صوتية ثابتة ، متجهاً في بعض المواضع إلى إتخاذ البكائية منهجاً في الاداء ، الأمر الذي كان يقلل من طروحات العرض الإخراجية ، وبخاصة في المشاهد التي إتخذ فيها الممثل من الطابق العلوي (للمنتدى) مكاناً له حيث بدا وكأنه مخرج يحاول ان يعوض غياب الممثل الذي يجسد الشخصية . أما الممثل الآخر (ياس خضير) الذي جسّد شخصية (الغريب)، فقد بذل جهوداً حركية وتعبيرية بدا فيها متمكناً من الشخصية وبخاصة في المشاهد المكررة حيث حافظ على السلوك الحركي نفسه وكذلك طبقته الصوتية ، إلا انه إفتقر إلى الحضور (الكاريزما)، ويعود ذلك إلى عدم إنتباه المخرج إلى صعوبة تمثيل هذا النوع من الشخصيات التي يحتاج الممثل فيها إلى تبني سلوك ادائي تبدو من خلاله ملامح الشخصية حاضرة في جميع المواضع .
كما بدا ذلك واضحاً مع الممثلة (شيماء جعفر) التي لم تكن بعيدة عن تبني سلوك الشخصية بل على العكس فإنها قد اجادت في تبني سلوك شخصية المرأة العمياء التي تتعاطى مع الإفعال الحسية أكثر ، وبخاصة في المشاهد التي يحاول (الغريب) الإعتداء عليها ، إلا ان مايؤخذ على المخرج في سلوك الشخصية ،وجود بعض المشاهد التي غادرت من خلالها (شيماء جعفر) شخصية (سميحة) بما حملت من قيم أخلاقية وإنسانية رفضت الرضوخ لذلك الغريب الذي إقتحم منزلها ، وبخاصة مشهد (التدخين) الذي بدا مقحماً على سلوك هذه الشخصية ذلك ان فعل التدخين مع شخص (غريب) إقتحم المنزل احال المتلقي إلى التفكير في وجود توافق بين (المرأة/المستلبة) و (الرجل /المقتحم) ،فضلا عن ذلك فإن الاداء التمثيلي أفرز بعض التناقضات التي كانت متقاطعة بين الفعل الحركي والفعل اللفظي كما في حوارها ( دا أغني ) بينما يأتي الفعل مناقض تماماً حيث بدأت تؤدي حركات راقصة تشبه كثيراً حركات الرقص عند الغجر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??