الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمية لشعب ينقرض!

كوهر يوحنان عوديش

2013 / 12 / 14
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


ارقام وتقارير مخيفة ومروعة تنشرها هئيات رسمية وغير رسمية عن اعداد المسيحيين المتبقين في العراق، والذي اصبح يتناقص يوميا جراء الانفلات الامني وتهميش الاقليات بصورة عامة والعمل بمبدأ الاكثرية والاقلية الذي اصبح معمولا به منذ 2003 بعد اسقاط النظام السابق وسقوط المواطنة من قانون الدولة، واخر هذه التقارير كان تقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة الذي يقدر عدد المسيحيين ب 150 الف شخص فقط بينما كان عددهم يبلغ حوالي المليون في نهايات الثمانينيات من القرن الماضي، وهذه الارقام ان كانت صحيحة فهذا يعني ان حوالي 850 الف شخص قد هاجر العراق منذ تسعينات القرن الماضي لحد يومنا هذا، وان القسم الاكبر قد هاجر العراق خلال السنوات العشر الاخيرة اي في زمن الديمقراطية!!!.
ان هجرة المسيحيين، او بالاحرى تهجيرههم من العراق لم تكن مخفية عن احد بل تمت بصورة علنية وامام انظار العالم اجمع، وكأن العالم باجمعه اتفق على هذا التهجير والانتقام من شعب اصيل ليس له ذنب سوى كونه شعب مسالم ولا يملك ميليشيا مسلحة وعصابات اجرامية تقتل هذا وتفتك بذاك، فالتهجير العلني والسكوت عنه من قبل الحكومة العراقية او من قبل المجتمع الدولي ان دل على شيء فانما يدل على ان الجميع متفقون على ابادة شعب سكن هذا البلد منذ الاف السنين، والا لماذا لم تقم الحكومة العراقية بحماية ارواح المسيحيين واماكن عبادتهم وهذه من اولى الواجبات وابسط المهام التي يجب على كل حكومة القيام بها دون تمييز على اساس العرق والمذهب واللون والدين لاضفاء الصفة الشرعية والوطنية عليها، والا فان هذه الحكومة لا تكون سوى مجموعة مسلحة تتحكم بمصير الشعب بالحديد والنار وتتلاعب بثروات الوطن وتفتك بالشعب!!، هذا لو غمضنا عيوننا وتناسينا كل عمليات الاختطاف والابتزاز وانتهاك الحريات الشخصية لابناء هذه الطائفة التي لا تزال تتكرر يوميا مع الاعداد القليلة الباقية في المحافظات الجنوبية من العراق. ولماذا بقى المجتمع الدولي ، وخصوصا الدول الكبيرة صاحبة النفوذ والقرار والتي غيرت النظام السابق بحجة ترسيخ الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، ساكتة على كل الجرائم التي مورست ضد مسيحيي العراق؟
ان ازدواجية التعامل مع القضايا المصيرية لشعوب الشرق الاوسط من قبل الهيئات والمنظمات الانسانية والحكومات الغربية يكشف لنا بوضوح زيف الادعاءات التي تصرح بها هذه المؤسسات وكذلك زيف الشعارات البراقة التي ترفعها بشأن حقوق الانسان وترسيخ الديمقراطية وانماء العلاقات الودية بين الشعوب والامم على اساس المساواة والاحترام المتبادل، والذي يستدل من هذا التعامل المزدوج ان هذه الجهات مجتمعة وبدون اي استثناء انما تتعامل مع قضايا الشعوب حسب ما تقتضيه مصالح بلدانهم دون اي مراعاة لحقوق الانسان او لما يحصل للغير من قتل وذبح ومعاناة جراء سياستهم العوجاء، وخير مثال على ذلك هم مسيحيي العراق الذين دمرت كنائسهم وهددت ارواحهم وهدرت دمائهم وهجرت نفوسهم ظلما وجبرا، دون ان نتلمس اية مساعدة دولية او حتى نسمع اية محاولة للتخفيف عن معاناتهم المتفاقمة.
ان دعوات البقاء في الوطن وعدم اخلائه من المكون المسيحي التي يطلقها بعض الساسة ورجال الدين وغيرهم من المتحسرين والمتألمين على مسيحيي العراق وما وصل اليه حالهم من تشرد وضياع لم تعد تنفع ولن تنفع في ثني هذا المكون الاصيل عن الهجرة من بلد تسيره الميليشيات الطائفية وتحكمه قوانين الغاب، لان اسباب الهجرة تفوق كل خيال واسباب البقاء اصبحت نادرة في وطن اصبح ينكرهم.
همسة:-
في الوقت الذي يبكي فيه انصار البيئة والحياة ويذرفون دموع التماسيح على حيوان نادر نفق، او يصرفون مليارات الدولارات ويقيمون محمية طبيعية لحيوان اخر مهدد بالانقراض، نتمنى ان يتم التفكير ولو قليلا بمستقبل هذا الشعب ونرجو من كل ذو ضمير حي ان يلتفت الى معاناة شعب يتعرض لتطهير عرقي سينقرض من موطنه الاصلي خلال سنوات معدودة لا محال، هل من يسمع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو