الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسودة ٱلدستور ٱلتونسى

سمير إبراهيم خليل حسن

2014 / 1 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما كتبه "أعضاء المجلس الوطني التأسيسي" من دستور لتونس. هو أسوأ ما كتبته سلطة ٱلاستبداد منذ بدأ ما يسمّى ٱستقلالا. إذ يظهر ما كتبوه. أنّ ٱلتونسيين أيتام قاصرون عن كتابة شرع معروف من ٱلدِّين constitution. لحكم رشيد فى بلدهم.
فإن صدّق ٱلتونسيون ما يظهره ٱلكاتبون من قصورهم. أنصحهم أن يطلبوا من ٱلأمم ٱلمتحدة. حكومة ٱنتداب تعلّمهم كيف يكتبون ٱلشرع من ٱلدِّين. وكيف يقوم ٱلدِّين بحكم رشيد.
فما جآء فى "التوطئة" يبين كيف يفكر ويفهم كاتبوه. وبما قالوه عمَّا يعتزّون به:
(اعتزازا بنضالات شعبنا واستجابة لأهداف الثورة التي توجت ملحمة التحرر من الاستعمار والاستبداد وحققت انتصارا لإرادة الحرية ووفاء للشهداء وتضحيات الأجيال المتعاقبة وفي سبيل القطع النهائي مع الظلم والفساد والحيف).
يربطون مستقبل ٱلتونسيين بماضٍ ثاروا عليه.
وفى تلك "التوطئة" أوثقوهم بما قالوه:
(وتأسيسا على ثوابت الإسلام ومقاصده المتسمة بالتفتح والاعتدال وعلى القيم الإنسانية السامية واستلهاما من المخزون الحضاري للشعب التونسي على تعاقب أحقاب تاريخه ومن حركته الإصلاحية المستندة إلى مقومات هويته العربية الإسلامية والى الكسب الحضاري الإنساني العام وتمسكا بما حققه من المكاسب الوطنية).
وأظهروا مفهوم ٱلمشركين ٱلجمعى بقولهم:
(ومن اجل بناء نظام جمهوري ديمقراطي تشاركي..).
وبما لا يختلف عن وثاق ٱلأحزاب ٱلقومية وٱلإشتراكية ٱلتعليمىّ. ٱلتى تسلطت على كلِّ شىء وأمر. وأفسدت فيهما حتّى ثارت عليها شعوبها. قالوا مبيّنين ما يريدون من وثاق للإنسان فى تونس:
(وبناء على منزلة الانسان كائنا مكرما وتوثيقا للانتماء الثقافي والحضاري للأمة انطلاقا من الوحدة الوطنية القائمة على المواطنة والاخوة والتكافل الاجتماعي وعملا على إقامة الوحدة المغاربية خطوة نحو تحقيق الوحدة العربية ونحو التكامل مع الشعوب الإسلامية والشعوب الافريقية والتعاون مع شعوب العالم وانتصارا للمظلومين في كل مكان ولحق الشعوب في تقرير مصيرها ولحركات التحرر العادلة وعلى رأسها حركة التحرر الفلسطيني).
وكما سخرت ٱلأحزاب ٱلقومية وٱلإشتراكية من شعوبها. وكما سرقت إنسانيتها. سخروا من شعب تونس بضحكهم عليه بما قالوه:
(ودعما لارادة الشعب في ان يكون صانعا لتاريخه ساعيا إلى الريادة متطلعا إلى الإضافة الحضارية في تعامل مع البيئة بالرفق الذي يضمن للأجيال القادمة استمرارية الحياة الامنة في مستقبل أفضل وعلى اساس السلم والتضامن الإنساني واستقلال القرار الوطني. فإننا باسم الشعب نرسم على بركة الله هذا الدستور).
وهذه "التوطئة" ٱلسيِّئة هى أساس فى هذا ٱلوثاق:
(4 - الأحكام الختامية
الفصل الاول: توطئة هذا الدستور جزء لا يتجزأ منه لها ما لسائر أحكامه من القيمة).
فهى تحمل مفاهيم سلطة تسخر من ٱلتونسيين. وتعود بهم إلى ٱلطغوى ٱلتى ثاروا عليها.
ولننظر ماذا رسم ٱلكاتبون؟
(2ـ المبادئ العامة:
الفصل الاول: تونس دولة حرة، مستقلة, ذات سيادة, الاسلام دينها, والعربية لغتها, والجمهورية نظامها).
دولة تونس دينها ٱلإسلام. وٱلعربية لغتها. وٱلجمهورية نظامها.
هذه ٱلدولة مكرهة على دين طآئفة من ٱلأعراب ٱلذين أسلموا ولمَّا يدخل ٱلإيمان فى قلوبهم. وهم ٱلأشدُّ كفرا ونفاقا.
ومكرهة على لغو ٱللغة ٱلتى تضلُّ ٱلمعبّد بها عن كلِّ فهم.
ومكرهة على ما تدلّ عليه ٱلكلمة ٱلفارسية "نظام". ٱلتى تبيّن منع أىَّ ٱختلاف مهما كان صغيرا.
وهذا ٱلإكراه تظهره كلمة "دستور" ٱلتى جآءت عنانا لما كتبوه. فٱلكلمة فارسية وتدل على مفهوم ٱلسلطة ٱلعسكرية.
فهل تبقى تونس حرّة؟
وهل هى مستقلّة وذات سيادة؟
وهل من أجل هذا حرق بو عزيزى نفسه؟
وجآءت ٱلسخرية فيما كتبوه:
(الفصل العاشر: كل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء امام القانون.
الفصل22:
«المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون دون تمييز بأي شكل من الأشكال»).
وفيه أرآء منها ما ينسف تلك ٱلمساواة:
(الفصل 46 : (رأي أول)
يشترط في المترشحة أو المترشح لرئاسة الجمهورية ان يكون ناخبا غير حامل لجنسية أخرى، مسلما مولودا لأب ولأم تونسيين وبالغا من العمر أربعين سنة على الأقل.
الفصل 46 : (رأي ثان)
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي وتونسية بالولادة ودينه الاسلام.
الفصل 46 : (رأي ثان)
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي وتونسية بالولادة ودينه الاسلام.
كما يجب ان يكون المترشح يوم تقديم ترشحه بالغا من العمر أربعين سنة على الأقل وخمسا وسبعين سنة على الاكثر ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية.
الفصل 46 : (رأي ثالث)
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي.
رأي رابع في اطار الفصل 46:
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل مواطن حامل للجنسية التونسية دون سواها.
رأي خامس :
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي مسلم مولود لأب ولأم وجد لأب ولأم تونسيين بدون انقطاع).
وفيه أنّ هذا ٱلوثاق لا تعديل له قبل خمس سنوات لتوكيد ثبوت تأثيره:
(الفصل الثاني: لا يتم أي تعديل لهذا الدستور الا بعد خمس سنوات من دخوله حيز التنفيذ).
وفيه ثوابت لا تقبل بتعديل:
(الفصل الثالث: لا يمكن لاي تعديل دستوري أن ينال من الطابع الجمهوري للنظام والصفة المدنية للدولة ومن الإسلام باعتباره دين الدولة واللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية ومن مكتسبات حقوق الإنسان وحريته المضمونة في هذا الدستور ومن عدد الدورات الرئاسية ومددها بالزيادة).
وفيه إكراه بعمل ٱلسخرة:
(الفصل الثالث عشر: الخدمة الوطنية وجوبية على المواطنين حسب الصيغ والشروط التي يضبطها القانون).
وفيه وضع للتونسيين أمام عدوّ لا سلام معه:
(الفصل 27:
ـ كل أشكال التطبيع مع الصهيونية والكيان الصهيوني جريمة يعاقب عليها بقانون»).
هذا مآ أردت بيان ٱلرأى فيه من هذا ٱلوثاق. لعل يعلم ٱلتونسيون بما يُكتب للتسلط عليهم بطغوى أكبر من ٱلطغوى ٱلتى ثاروا عليها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لك على مقالك ولي إضافات يمكنك الإطلاع عليها
مالك بارودي ( 2014 / 1 / 12 - 00:12 )
شكرا على مقالك، سيّد سمير.
لقد إهتممت بمتابعة مشروع الدّستور التونسي منذ النّسخ الأولى وقد كتبت عنه مقالا مطوّلا تطرّق للكثير من الثغرات والتفاهات التي حشروها فيه، ولكن لم يتغيّر شيء ولم يتكلّم أحد وبقي مقالي، رغم كثرة من إطلعوا عليه، مجرّد كلام... وفي حقيقة الأمر، لقد فقدت الثقة في عقول التونسيين وذكائهم. البلاد ذاهبة في إتجاه الهاوية، وكلّ الأدلّة تؤكّد ذلك.
على كلّ حال، يمكنك أن تطالع مقالي هنا:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=338921
يقال أنّ -القانون لا يحمي المغفّلين-، ولكن دستورنا هذا ينطبق عليه قول آخر: -القانون يكتبه المغفّلون-.

اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة