الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطلاق منحة الطلاب الشهرية لأسباب انتخابية

سالم بخشي المندلاوي

2014 / 1 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


*المسؤولون في وزارة التعليم ووزارة المالية، رمى أحدهما الكرة في ملعب الآخر وحمّله مسؤولية التأخير.

*التجاهل والإهمال ولامبالاة المسؤول... ماركة مسجلة للكثير من المسؤولين في العراق الجديد.

في مطلع العام 2011 استبشرت خيراً ومعي كل الأباء من ذوي الدخل المحدود ، عندما أدلى المسؤولون بتصريحات مفادها: ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتنسيق مع وزارة المالية، قررت توزيع منح مالية شهرية لطلاب الكليات مقدارها، مئة ألف دينار عراقي لكل طالب.
تبعتها تصريحات للسادة الموقرين في وزارة التربية وعلى أعلى المستويات في حذوهم لوزارة التعليم العالي في منح الطلاب وعلى مختلف مراحلهم الدراسية (الإبتدائية ، المتوسطة، الإعدادية ) منحاً شهرية لمساعدة ذويهم من أصحاب الدخل المحدود في إكمال مسيرتهم العلمية كأولاد الأغنياء.
ولأنني أب لخمس بنات رائعات جميعهن طالبات... فيهن الطالبة الجامعية وأخرى في المرحلة الإعدادية وواحدة في المرحلة المتوسطة، ناهيك عن طالبتين في المرحلة الإبتدائية، ولأنني لا أملك غير (رحمة الله) وراتبي اليتيم في صحيفة التآخي الغرّاء؛ طرت فرحاً وقلت في نفسي: وأخيراً صار المسؤولون يشعرون بمعاناة أهالي الطلاب من ذوي الدخل المحدود ويفكرون جدياً في خدمة أبناء الشعب والتخفيف من معاناتهم المعيشية.
ولم تكن مشاعر البهجة والانشراح تنتابني بمفردي بل استبشر معي مئات الآلاف من آباء الطلاب من ذوي الدخل المحدود في العراق.
كنت حينها مثقلاً بدين تجاوز المليون دينار عراقي ثمن بعض المدرسين الخصوصيين عندما كانت ابنتي البكر في السنة الأخيرة من مرحلة الإعدادية، قبل أن تصبح طالبة جامعية في المرحلة الأولى قسم هندسة الحاسوب للعام الدراسي (2010 ـ2011)... العام الذي أعلن فيه عن تخصيص المنحة!
قلت في نفسي مرة أخرى: وأخيراً سأتوقف عن الاستقراض و لن يشغلني همّ توفير مبالغ إضافية لتأمين خطوط النقل الشهري لهنّ أو شراء الملازم الدراسية والاستنساخات والملابس والصدريات و.. وسأخرس الشامتين الذين نصحوني بتزويج بناتي في سن مبكرة والخلاص من حمل المسؤولية، وأثبت نظريتي التي حاربت طوال حياتي من أجلها، لخلق نساء متعلمات يبنين مجتمعاً متعلماً راقياً، وإخراجهنّ من دائرة التخلف والجهل الذي حول أغلب بناتنا إلى خادمات جاهلات – لأزواج مراهقين جهلة- وكائنات استهلاكية، لا يجيدنّ غير العجز والبكاء!
مر عام من دون جدوى وصارت ابنتي الثانية طالبة جامعية هي الأخرى في كلية اللغات، وزادت الأعباء ،لكن من المستحيل أن أخذلهن أو اتخاذل في تحقيق هدفي. وفي محاولة للتقليل من ضغط المصاريف والقروض المتعاظمة والمستمرة؛ شطرت بيتي المشطور أصلا لأحشر في ربع قطعة سكن وأؤجر الشطر الثاني بمبلغ 250 ألف دينار عراقي من أجل المواصلة وعدم رفع الراية البيضاء وسط لوم المتخلقين حولي وشماتتهم لكني لم أفقد الامل تماما في إنسانية المسؤولين وصرت أمني نفسي مجدداً: لا بد أن ينفّذ القرار يوماً ما وتنتهي مأساتي ومأساة مئات الآلاف من الذين يحاربون مثلي من أجل مستقبل أولادهم.
مر عام آخر .. وآخر من دون جدوى، ووصلت ابنتي الكبرى إلى المرحلة الأخيرة في جامعتها ولم يتبق على تخرجها سوى شهور قليلة... والمسؤولون الحكوميون يجعجعون بالمنحة من دون نتيجة.
وعندما نسأل المسؤول في وزارة التعليم العالي عن مصير المنحة، يرمي بالكرة في ملعب وزارة المالية بزعم أنها لم تخصص مبالغ للصرف على الرغم من موافقتها الرسمية وعندما نحتج عند المسؤول في وزارة المالية يكذّب الخبر ويعيد الكرة إلى ملعب وزارة التعليم باعتبارها تلكأت في إرسال قوائم بأسماء الطلاب المشمولين بالمنحة ليتم تخصيص أموال لهم!
وهكذا ضاعت أحلامنا وحقوق ابنائنا الطلبة نتيجة التجاهل والإهمال ولا مبالاة المسؤول وإنعدام ضميره الأخلاقي وهي ماركة مسجلة يتصف بها أغلب المسؤولين في العراق الجديد.
وعندما بحثنا عن وزير التعليم العالي في حينها لنقدم له شكوى بهذا الخصوص، أخبرنا مكتبه بأن الوزير مسافر إلى إحدى الدول الأوربية لحضور مؤتمر علمي، وعندما سألنا عن موعد عودته، أخبرونا بعدم علمهم لأنه ربما سيذهب الى منتجع ما، ولا يمكن التكهن بموعد عودته بالضبط..!
تحرينا عن وزير المالية في وقتها؛ عله يجد لنا حلاً، فوجدناه غائباً عن الوزارة بعد أن قدم استقالته إلى مجلس الوزراء إحتجاجاً على القضاء لإصداره أمراً قضائياً يفيد بإلقاء القبض على أحد النواب بتهمة الإرهاب!
لكن... وعند قرب حلول موعد الانتخابات النيابية دبت الغيرة النائمة في نفوس بعض المسؤولين ليحركوا البحر الراكد منذ سنوات ويعجلوا في اجراءات توزيع المنحة لأسباب انتخابية ودعائية مع الأسف وليس بدافع الحرص والوطنية!
لكن وكما يقول المثل: ((أن تأتي أخيراً خيراً من أن لا تأتي)) ونضيف: أن تدب الغيرة في نفوس البعض أفضل من المنسحبين من العملية السياسية لأسباب حزبية وفئوية ضيقة وأرجو أن تدب الغيرة الوطنية في نفوس المسؤولين جميعاً لإقرار القوانين المعطلة الأخرى التي تهم المواطنين بالدرجة الأولى مثل، قانون التقاعد الموحد وغيرها....
نسيت أن أقول لكم بأن ديوني تجاوزت خمسة ملايين دينار عراقي لكن ما يبهجني في الأمر؛ هو قرب موعد تخرج ابنتي في الجامعة هذا العام، تليها أختها في العام القادم، وتبا وبعدا للمسؤولين الجاحدين الذين لا يستحقون أن يقودوا سرباً من الذباب، وليس شعباً عظيماً مكافحاً كشعب العراق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا