الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة - أوطان - للشاعر ( عادل سعيد ) قصيدة تتأرجح بين عالمين..!!

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2014 / 1 / 16
الادب والفن



هل يمكن ان تختزل التجربة الشعرية للشاعر عادل سعيد بقصيدة ؟؟
وهل بأستطاعة القصيدة المختارة من منجزه الشعري ان تفرز لنا مظاهر استقراء ممكنة لتجرية " عادل سعيد " الشعرية ؟, ولكن عند قراءتي لآغلب قصائد الشاعر المنشورة في الصحف والمواقع ألالكترونية أحاول في كل مرة الولوج الى عوالم الشاعر والتي يسكن ا الوجع والهمْ الانساني على عتباتها منذ البداية و لكني عند قراءتي للقصيدة المنتخبة (اوطان ) أستطيع ان أكشف عن التجرية الشعرية للشاعر "عادل سعيد في " والتي لها خصوصيتها و فرادتها و تميزها في الوقت الذي أُتخم المشهد الشعري بالكثير من الصراخ و العويل و بقليل من دهشة الشعر!!
على العموم استطاع الشاعر عادل سعيد في اغلب قصائدة ان يخرج بعصارة فكره و ثقافته وقراءاته المختلفة واهتماماته الادبية و المهم هنا هو وعيه المبكر والذي جعل االشاعر أن يكتب ضمن رؤيا شعرية موحدة مفعمة بألم المنفى والاغتراب, في قصيدة (أوطان) يصف الغربة و البحث الدائم عن وطن حرأ
في آخرِ الطابور أقف
كما ينبغي لمشرّد مُحترفٍ ان يفعل
تماماً في آخر الطابور
امام لجنة توزيع الأوطان
على الفائضين عن حاجة الزمان
ِوالمكان
ِوالخرائط
و سجلاتِ النفوس
و المقابرِ
في آخر الطابور اقف
يستحضر الشاعر هنا صورة الوطن من خلال غربته التي امتدت لأكثر من ثلاثين عامأ . والوطن وهو المرادف الى الامل الغارق في الدم و القهر و الخرافة التي قضت على حلم العودة لوطنه الذي كان يحلم ان يراه حرأ و سعيدأ و يحلم بالوصول اليه و لكن الوطن هنا ملتبس و منسي و معروض في المزاد وهذه الصورة التي تعكس الواقع المعاش و من خلال حالة الوحشة و العزلة التي هي تحصي حاصل من حالة الاغتراب التي يعيشها العراقي في داخل الوطن و خارجه وفكرة المنفى و الاغتراب تفتح الباب على جرح غائر يمتد عمقه في الذات و الروح ويصل مداه الى الطفولة وبفرح طفولي نرى الشاعر وهو ينشد في اغنية
الطفولة ( يابط..يابط...أسبح بالشط) حين يقول
لي نكهة لم تستأصلها القابلة مع حبل السرّة
لي في القلب نشيدٌ عن بط
يسبح في شط
ولكنه يعود و يسترجع اللوعة و الحزن على عمر ضاع في المنافي و أحلام ا وادها الديكتاتو بوحشيته و قمعه مما دفعة الرحيل صوب مدن الغربة الباردة و الموحشة وقد حرمَ من حنان امه و طيبة والده حين يقول :

و احلامي البائدة
في صرّة طفولتي التي اضاعت دميتها
وحصتي المؤجلة من حنان أمي.

يستذكر الشاعر وطنه و ما وقع عليه من حيف و قهر وجوع ويدفعه هذا الى الاحساس بالمرارة و لوعة وغصة الغياب بلا وداع و المترسب في ذاكرته غبار الطلع و تمرات أدخرها من النخلة العراقية والتي لها الكثير من الدلالات :
ولي في حصّالة حياتي
تمراتٌ ادخرتُها من توق النخلة للأرض
وبعضُ غبار الطلع مازال يسافرُ في رئتي
ليس في جبيني علامات النبوّة .

و في هذه الصورة يستحضر الشاعر فيها صورأ جميلة بعد أن أمتلك رؤية شعرية تجسدت في القمع و النفي من نظام فاشي ديكتاتوري (كتبٌ في الجوع وحربِ الطبقات..... احرقها الفاشست ) . )
هذه الرؤية الشعرية المحفورة في وجدانه والذي استطاع ان يخرجها شعرأ راقيأ استطاع من خلاله وضع قدميه بين شعراء العرب الذين ابدعوا و كتبوا و تركوا لنا أثرأ أدبيأ , القصيدة إذن تتأرجح بين عالمين متجاورين ومتصارعين:
الواقع الحالى بكل صوره الشرسة و وأوجاعه اليومية والعالم الداخلى الخاص بالشاعر.
إن مملكة الشاعر يحكمها طفل بعمره، طفل يرفض أن يوقع على سجل الكراهية مغمورأ بالحب ، ويبغض عصر الخرافة وبشاعة القتل المجاني مملكة سورها البراءة والطيبة , ومن خلال تلك الصورة الرائعة يعود بنا و بأسلوب ( الفلاش باك ) الى أيام الطفولة بكل براءتها و نقاءها متجسدأ في اغنية الاطفال ( يابط )
وما تحملها من دلالات للبراءة و النفاء وكأنها تتنبأ بما سيمرّ بالعراق، فنراه تطوى قلبه الحزين , عالم الشاعر إذن ذكريات تمتزج ببراءة طفولتنا وهى تبحث عبثا عن الوطن !!
و لن اقبل بذاك الوطن اللامع الذي على اليمين
و لا بذاك المترف الذي على اليسار
فقط ذاك
ٌذاك الذي رأسُه نخل
و ذراعاه نهران
******
إنها لوحة من الذاكرة، فأن " نكتب ذاكرتنا، معناه أن تخلى عن وهم محاكاة الواقع ونحرر اللغة من ترجمة المرئي، ونرتاد فوضى التخييل المنفتح على أكثر من سجل والمكتسب من مخزونه للحقائق و الوقائع التي مرَ بها الشاعر :
مثل دمعةٍ معلقة في مأتم
اجمع ما تساقط من سنيني
وخرافاتي
و احلامي البائدة

انها شعرية الألم، والتي لا يفصح عنها " عادل سعيد " الا بالرمز مرة و بالدلالة مرة اخرى ، ربما من فظاعة المشهد، ربما لهول الفاجعة على الشاعر التى أراد للقصيدة التكثيف والدخول فى غموض الرمزالمغلق .
هذه الطاقة الشعرية التي تدفع بالشاعر عادل سعيد ان يحلم برصيف لن ينتهي أبدأ التى تدفعه في رسم سنوات العمر الباقية ولان الشاعر من النوع الذي يعتمد في تركيب الصور الشعرية والتي يكون أطارها الأمل فى تغيير هذا العالم لذا يجعل من الحلم سمة طاغية على القصيدة , فالحلم هو الضمان الأصلى ضد عمليات التغريب والقهر المتراكبة التى تمارسها الانظمة الديكتاتورية المتسلطة,
وهذا القهر والتسلط سبب رئيسى للمعاناة فى القصيدة كما فى الواقع المعيش قد يجعل الإنسان يعيش بلا أمـل !!
وبعد: أترانا فككنا شفرة قصيدة " أوطان ؟ واطّلعنا الى خبيئتها، وسمقنا الى حروف الشاعر " عادل سعيد " المتوهجة ؟ أم ترانا مررنا كفراشة نور فوق مباسم حروفه ام وجع دفين محاولين تقديم بعض وميض يجلى المسكون و المختفي من جواهر الكلمات و ايقاعها المدهش و الجميل أيضأ ؟؟؟

علي المسعود

كاتب عراقي مقيم في
المملكة المتحدة

قصيدة " أوطان " - الشاعر عادل سعيد

اوطان

في آخرِ الطابور أقف
كما ينبغي لمشرّد مُحترفٍ ان يفعل
تماماً في آخر الطابور
امام لجنة توزيع الأوطان
على الفائضين عن حاجة الزمان
ِوالمكان
ِوالخرائط
و سجلاتِ النفوس
و المقابرِ
في آخر الطابور اقف
مثل دمعةٍ معلقة في مأتم
اجمع ما تساقط من سنيني
وخرافاتي
و احلامي البائدة
في صرّة طفولتي التي اضاعت دميتها
وحصتي المؤجلة من حنان أمي
لي نكهة لم تستأصلها القابلة مع حبل السرّة
لي في القلب نشيدٌ عن بط
يسبح في شط
واغانٍ عن دمع الحلوة يسيلُ مع الكحل
و اصابعي مازالت ترتجف
من هول الدرس
و حفيفِ مسطرةِ المعلم
و لي في حصّالة حياتي
كتبٌ في الجوع وحربِ الطبقات
احرقها الفاشست
و اطفأوا دموعَ الحبّ الممنوع
ولي في حصّالة حياتي
تمراتٌ ادخرتُها من توق النخلة للأرض
وبعضُ غبار الطلع مازال يسافرُ في رئتي
ليس في جبيني علامات النبوّة
ولا هالاتُ القدّيسين
ولكنه سيعرفني
وطني الجالسُ هناك
في لجنة توزيع الأوطان
و انا في الطابور
لن ازاحم رفاقي المشرّدين
في اوطانهم
و لن اقبل بذاك الوطن اللامع الذي على اليمين
و لا بذاك المترف الذي على اليسار
فقط ذاك
ٌذاك الذي رأسُه نخل
و ذراعاه نهران ******
انت ايها السيد*
يامن كنت في آخر الطابور
لم يتعرف عليك وطنٌ من الأوطان المجتمعة في اللجنة
لقد أطفأَت المنافي نكهتك
و ذبُلت اغانيك
و بالرغم من منسوب العشق العالي فيك
و لكن ما من وطنٍ في الأرض
يفهمُ لغتك
حتى ذاك! ؟ --
حتى ذاك --
و اشفاقا منّا عليك
قرّرنا منحك رصيفاً
رصيفاً لن ينتهي ابدا
تهدرُ فيه
ما تبقى لك في حَصّالة حياتك
مِن سنوات

شاعر عراقي مقيم في النرويج









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم