الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيشان/ بين الحاضر والمستقبل

أمين شمس الدين

2014 / 2 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ملحق/ حميد يونس

في كتاب "الديانات القديمة عند الشيشان"
المؤلف: بشير دالغات (1893م)
وترجمة: د. رمضان رئيس (1992)

لقد أعلن الشعب الشيشاني استقلاله عن روسيا بعد انتهاء الاتحاد السوفييتي. ولم تبد حتى الآن (1992) أي دولة استعدادها للاعتراف بهم سوى العراق بقيادتها الحرة. أما بقية الدول بما فيها روسيا، فلا يسعها إلا أن تنتظر مزاج تجار النظام العالمي الجديد، المميز باللانظامية.
فما هي القاعدة التي يستند إليها استقلال شيشانيا؟ هل هي الاقتصاد، متوهمين بأن شيشانيا دولة بترولية؟ أم هل هي القومية والفروسية الشيشانية الموصوفة بالشرف والحرية؟ أم هل هي إيديولوجية جديدة بديلة للاشتراكية، متوهمين بأنهم استوعبوا الإسلام، وهم في مرحلة البحث عمن يقرأ القرآن؟
قد تكون هذه القواعد وغيرها مشترِكة، هي الدافع للانفصال أو الاستقلال. إلا أن الدلائل تشير إلى أن القاعدة الدينية، هي المحرك الرئيس لجماهير الشيشان، بالائتلاف مع القومية. ويمكن تقييم الموقف بما يلي:
- التنظيمات الحزبية سواء الدينية أو القومية، لا تزال في طور المخاض والولادة.
- ضعف القيادات الدينية في الثقافة الدينية والإدارية، وعدم أهليتها للقيادة السياسية.
- احتمالات تدخل القيادات الدينية المحكومة بالعمالة من الخارج باسم الدين.
- تشتت القاعدة الدينية من الداخل بطرق ومذاهب وتسميات مختلفة. (علما بأن حميد يونس قام بشرح تفصيلي عن التنظيمات الدينية المختلفة في جمهورية الشيشان في الكتاب المترجم).
- تسليم رئاسة السلطة التنفيذية إلى عسكري (ويريد به جوهر دوداييف- أ.ش) نشأ على تربية عقائدية مختلفة عن عقائد الطرق الصوفية (علما بأن اليوم الحاكم قديروف، هو صاحب الطريقة الصوفية القادرية- أ. ش). فإذا قبلوا بهذا التنظيم والتشكيل، يعني ذلك احتمالات وقوع بقية السلطات في يد عناصر مقنعة بالدين، حتى لو كانوا خريجي حانات.
- اتصالاتهم الخارجية غير المدروسة، لطلب الدعم. وهذا يعني عدم استعداد القيادة للنضال الشعبي في الميدان. وهنا أكرر القاعدة الاستنتاجية التالية: "كل ما يأتي من الخارج، إما أن يكون مسموماً أو ملوثاً. ولا شيء بلا ثمن".
- إن نجاح أي حركة بالأخص الدينية الإسلامية، يعتمد على صدق التعامل مع القواعد الشعبية الجماهيرية. إن زيارة قيادة الحركة الشيشانية إلى "..بعض الدول العربية..".. وغيرها لهو تصرف لا مسؤول يدل إما على الجهل المطبق، أو الاستهتار بضمائر مئات الملايين من الجماهير العربية والإسلامية المقهورة، الهادرة. كما أنه خيانة للشعب الشيشاني وأجياله اللاحقة، في وقت هم فيه بأمس الحاجة إلى الصداقة مع الحق والعدل.
- يبدو أن الحركة الشيشانية تستعجل الأمور (1992)، بدون فكر استراتيجي معلوم، لمستقبل آمن ومضمون، وقبل إرساء أسس التنظيم والتخطيط لهدف واضح، ورؤيا واضحة.
- إن الشعب الشيشاني، المتعطش لمعرفة الدين الإسلامي، الطامح إلى بناء دولة باسم جمهورية الشيشان الإسلامية، يتطلع إلى مساعدة الدول العربية لتنظيم مثل هذه الدولة. إنهم لا يعلمون بأنه لا توجد أي دولة عربية باسم دولة عربية إسلامية رسمياً. فما على الشيشان إلا الانتظار، أو شراء هذا الاسم من تجار الحرب الباردة في الغرب، كما فعلت باكستان وأفغانستان وغيرهما، أو دراسة النظام الإسلامي الإيراني.
- وأخيراً وليس آخراً، فإن تحركاتهم واتصالاتهم داخل القوقاز الشمالي والجنوبي، لا توحي بالاتزان المطلوب في مثل هذه المواقف، ولا تؤدي لغير طريق السراب. وكمثال فإنه ليس من الاستقامة في شيء التنسيق مع البلقار والأذريين متجاهلين والقبرطاي والغلغاي (الإنجوش)، وطريق الحرير إلى البحر الأسود.
الاستنتاج:
إن أدق تسمية في اللغة العربية لحركة الشيشان في هذه المرحلة (1992)، هي الانفلات، وليس الاستقلال. ومن السابق لأوانه اختيار الاسم التاريخي الأدق لهذه الحركة.
في مثل هذا الموقف الغامض، لا مجال أمام حركة الشيشان إلا التخطيط ضمن إستراتيجية قوقازية، شاملة النضال من أجل حقوقها المادية. وتنسيق مستقبل الشؤون الروحية، مع الشرفاء الأحرار في الدول العربية والإسلامية. والتمييز بين الشرفاء وغير الشرفاء في الظرف الحالي (1992)، هو في غاية البساطة. وذلك من خلال محضر اجتماع آخر قمة لجامعة الدول العربية، وآخر قمة إسلامية حتى هذا التاريخ..
وإذا كان المسلمون في شيشانيا يعتقدون أن بإمكان الدول العربية الغنية أن تساعدهم، فإن ذلك أيضاً خطأ واضح، وغاية في الوضوح، لأن أموالها وخزائنها ليست بيدها. ولا تستطيع تقديم أي حسنة، أو قرضة حسنة، ولا حتى الاستثمار، إلا بمعرفة ورضى المستفيدين منها، من تجار ما يسمى بالنظام الجديد في الغرب.. وهم لم يقدموا لمشردي ولاجئي أفغانستان إلا جهود التفريق والتدمير. ولا حتى لأبناء جلدتهم من المسلمين العرب في اليمن والسودان والصومال، الذين يموتون جوعاً.
كان على الضابط الشيشاني، الذي حط على أرض الحجاز والكويت، أن ينتظر انعقاد البرلمانات في تلك الديار، ومخاطبة ممثلي جماهيرها الأصيلة، العظيمة، بدلا من أن يعرض نفسه كنموذج للمرتزقة على "زعمائها". وليس من شك بأن فرسان الشعب الشيشاني الأحرار، لديهم الاستعداد لنجدة الجماهير المقهورة أينما كانوا في سبيل الحرية، وتحرير المقدسات من القواعد العسكرية لما يسمى بالنظام العالمي الجديد، هذه القواعد المجهزة لتدمير الإسلام بأموال المسلمين.
إن أخشى ما يُخشى عليه، هو أن يقوم القوقازيون بشكل عام، والشيشان بشكل خاص، بحركات جماهيرية وطنية، ولكن بتدبير غير وطني من الخارج. أن يقوموا بحركات خليطة من الدين والسياسة.. حركات لا روح ولا نفس فيها.. حركات هم ليسوا أهلاً لها في الظروف الراهنة. إن القيادة الشيشانية التي بدأت تبشر بالاستقلال بالنفاق مع عملاء قوى الشر، هي قيادة محكوم عليها بالسقوط. وكان الأولى لها أن تعرض استقلالها على رأس قوى الشر نفسها، سواء أكانت روسيا أو أمريكا، بدلا من أن تدني نفسها إلى أذنابها.
فعلى البرلمان الشيشاني أن لا يترك أمور الشعب للمغامرات الفردية المنكرة، وأن يستعمل الحكمة البرلمانية اللانهائية، لدراسة مستقبل الشعب، مع أصحاب الشأن والعلاقة من الشعب الروسي، فتلك هي الشجاعة. وأن لا يلجأوا إلى التغني بشعارات مختلطة، لا يعرفون لها تعريفاً، مثل "الاستقلال"، و "الديمقراطية"، و "الخلافة الإسلامية".. وغيرها. ووضع آمال ومستقبل الشعب ضمن خطط قابلة للتنفيذ بالإصلاح التدريجي بنظام الأولويات، حتى لا تكون مرتبطة بنزوات فردية. وتنظيم مستقبل الشؤون الدينية بمعزل عن السياسة والاقتصاد، حتى لا يفقد الدين قيمته الروحية، وحتى يبقى مرجعاً طاهراً للتشريع على أسس أخلاقية.
إن الشعب الشيشاني الديناميكي، هو شعب عمل ميداني، وليس شعب شعارات. فهم مؤمنون وديمقراطيون، وأحرار مستقلون بطبيعتهم الروحية، حتى لو كانوا في السجون والمعتقلات والنفي. ولم يكونوا قط عبيداً لأطماع الغرباء في القوقاز. إنما قدرهم السيء عبر التاريخ، هو ثقتهم بكل غريب أو مشرد، يدّعي الصداقة من الخارج، حتى لو كان مسخاً نكرة. لقد آن الأوان أن يراجعوا دروس التاريخ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا