الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة 20 فبراير : وجهة نظر عشريني...

محمد امباركي

2014 / 2 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


حركة 20 فبراير : وجهة نظر عشريني...

محمد امباركي
من الصعب الحديث عن حركة 20 فبراير من زاوية نظر مغلقة و حاسمة و ادعاء تقديم تشخيص دقيق و شامل لواقع الحركة و مستقبلها بعد ثلاث سنوات على انطلاقتها و ذلك على الرغم من النقاش الواسع و المتنوع الذي واكب هذه الحركة و الممتد الى حودود الآن..هذه مهمة مستحيلة بالنظر من جهة أولى الى طبيعة حركة 20 فبراير كدينامية احتجاجية مفتوحة على كل التطورات في العلاقة بسياق محلي هو أيضا متحرك سياسيا
و اجتماعيا و اقتصاديا و محيط عربي لازالت لم تتضح بعد نتائج و تداعيات ما اصطلح عليه بالربيع العربي .. و من جهة ثانية فإن أية مقاربة سوسيولوجية لحركة 20 فبراير كحركة احتجاجية متميزة في علاقة بأزمة التحول الديمقراطي الجذري ببلادنا يستلزم من الناحية العلمية و المنهجية والأكاديمية ما يمكن الاصطلاح عليه ب " المسافة الابستيمولوجية " و هي مسافة تتشكل من متغيري الزمن و موضوعية الذات الباحثة..

لكن و بغرض توخي معالجة إشكالية مسكونة بقلق السؤال بدل بساطة و جاهزية الجواب، لا نرى مانعا الانطلاق من السؤالي الأساسي التالي : هل تاريخ الحركات الاحتجاجية في المغرب هو تاريخ الفرص الضائعة؟

نضلات الشعب المغربي و قواه الوطنية و الديمقراطية متشعبة و طويلة و جديرة بالتقدير، و دون الوقوف عند نفاصيل هذا التاريخ و لحظات المد و الجزر التي اعترته، فلا بد من الاقرار بأن المشترك في هذه النضالات المعطاء منذ 1956 تاريخ الاستقلال مهما كانت طبيعتها عفوية أو منظمة و حدتها سلمية أو عنيفة و درجة تأطيرها و تنظيمها، هو أنها كانت ضد عنف الدولة المركزية المستبدة و النظام اللاديمقراطي الذي سرق من الشعب المغربي حلم الاستقلال الحقيقي الذي يعني الانتماء الى وطن يحفظ كرامة أبنائه و بناته بدل أن تحتكر خيراته و ثرواته في يد أقلية طبقية إقطاعية ترتبط مصالحها بمصالح المستعمر..

ظل هذ الحلم يراود الشعب المغربي و قواه الحية و كانت المعارك الكفاحية و حركات الاحتجاج ذات الطابع السياسي و الاجتماعي تعبيرا بشكل من الأشكال عن التشبث بهذا الحلم ، حلم الديمقراطية الحقة و التوزيع العدل للثروة و السلطة ، كما أن أبرز فترات مواجهة عنف النظام السياسي منذ 1956 تعامل معها هذا الأخيربأعتى أدوات القمع و الترهيب من عنف و اعتقالات و اختطافات و محاكمات غير عادلة و اغتيالات سياسية في حق الرموز و الشخصيات الوطنية و في نفس الوقت إطلاق مبادرات سياسية جزئية و تناورية للتغطية على مسلسل القمع وبالتالي تضليل الرأي العام الوطني و الدولي، و يمكن تأمل هذا " الأرشيف الاحتجاجي " الذي تنضاف إاليه حركة 20 فبراير لتلمس بعض الأسئلة المرتبطة بأزمة التحول الديمقراطي في المغرب و استخلاص بعض الدروس المفيدة على مستوى النظرية و الممارسة :
انتفاضة الريف 1958 – انتفاضة 23 مارس 1965 – الانتفاضة المسلحة 3 مارس 1973 – اضرابات قطاعات التعليم و الصحة و البريد 1979- انتفاضة يونيو1981 بالدار البيضاء و مدن أخرى على ضوء الإضراب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل – الانتفاضة الطلابية و التلاميذية يناير 1984 – انتفاضة 14 دجنبر 1990 على ضوء الاضراب العام الذي دعت له ك.د.ش و ا.ع.ش.م – احتجاجاات شعبية متواصلة خلال الفترة الممتدة من بداية التسعينات الى العقد الأول من القرن 21 بكل من سيدي إفني، صفرو، تازة، بني بوعياش، العرائش...

لا شك أن هناك مراحل أخرى تم القفز عليها بدون قصد كاحتجاجات جماهير قرى و مراكز حضرية صغيرة ضحية الاقصاء و التهميش، ونضالات الحركة العمالية و حركة المعطلين حاملي الشواهد و الحركة الطلابية و الحركة الحقوقية و نضلات المعتقلين السياسيين و عائلاتهم... لكن لا نتصور أن تعامل النظام السياسي مع هذا النوع من الفعل الاحتجاجي المعزول و المنعزل عن بعضه البعض يشبه تعامله مع حركة احتجاجية قوية و عارمة و حاملة لمطالب سياسية و اجتماعية واضحة و مؤهلة للانتشار طبقيا ، زمنيا و جغرافيا.. لهذا تعتبر حركة 20 فبراير من أقوى لحظات المغرب الاحتجاجية في سياق إقليمي داعم فرضت على النظام تبني استراتيجية قمعية واضحة و استنفار مختلف أجهزته السياسية و الاديولوجية و الدينية و التسريع بمبادرات سياسية و اجتماعية متتالية للحد من توهجها وإشعاعها.

لكن في سياق التعاطي النقدي مع حركة 20 فبراير بعيدا عن التمجيد و الأسطرة لا بد من التأكيد أنه إذا كانت قدرة النظام السياسي في المناورة و الالتفاف بادية للعيان من خلال تبني شعارات الحركة قصد إفراغها من محتواها الحقيقي، فهذا لا يعفينا - في تقديري الشخصي – من مساءلة ذات الحركة من خلال مؤشرات دالة منها عجز حركة 20 فبراير عن التحول الى اصطفاف طبقي للقوى الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير خاصة القوى المنتجة ( عمال، فلاحين، فئات وسطى..) مما ضيق من الدائرة الاجتماعية للحركة و جعلها حبيسة فئات غير منتجة للثروة بشكل مباشر ( الشباب المعطل والمتعلم، طلبة و موظفو القطاع العام، التجار الصغارو المتأثرون بحركة سياسية دعوية هي العدل و الإحسان..)، وكذلك ضبابية الافق السياسي للحركة من خلال تعدد الأرضيات و السجال و المزايدات التي نتجت عنها و التي عكست للأسف الشديد غياب الثقافة الديمقراطية سلوكا و تنظيما بين مكوناتها التي عجزت عن تدبير الاختلاف من موقع الوعي الاستراتيجي بطبيعة حركة 20 فبراير كحركة سلمية جماهيرية ديمقراطية من المفروض أن تستوعب و تحتضن جميع الشعارات و المطالب ذات الجوهر الديمقراطي على الرغم من اختلافها و تعددها و منها الملكية البرلمانية و النظام الديمقراطي... و هذا الأمر أضفى على حركة 20 فبراير ذلك الطابع الفصائلي المكوناتي الضيق بمسميات مختلفة ( السقف، الشعار المركزي، مجالس الدعم و التنسيق، تحالفات تاكتيكية...الخ) والتي يتم تسويقها من خلال التسابق نحو الإعلام، و هذا الطابع المكوناتي هو في حد ذاته كابح لأية أمكانية للتطور الموضوعي في اتجاه مراكمة شروط إنتاج الحالة الثورية في بلادنا.
و بالتالي ليس من الصدف أو مكر التاريخ أن تعاني حركة 20 فبراير من أعطاب شبيهة بتلك التي تميز الحركة السياسية و النقابية ( عمالية و طلابية ) و الحقوقية و التي ليست إلا تجليا من تجليات الأزمة الذاتية لليسار في المغرب و القوى الديمقراطية، لأنه بقدر ما أن تاريخ هذا اليسار مليئ بالتضحيات و الصمود و الكفاح بقدر ما أن هذا اليسار غير قادر على التخلص من حسابات التاريخ و الأجيال و المواقع و الحروب الصغيرة بأدوات أصغر بشكل تحول معه التناقض الثانوي الى تناقض رئيسي و العكس صحيح..لا أدري في يوم ما أخشى من أن نصطدم داخل أوساط اليسار بشعار " ارحل !"...

يبدو هذا الحكم قاسيا لكنه مستمد من ثقافة النسبية و النقد الذاتي و التداول الجيلي...ومع ذلك ستظل حركة 20 فبراير لحظة مشرقة في تاريخ المقاومة المدنية السلمية للشعب المغربي ضد الطغيان و القهر و الاستبداد و الفساد ومن أجل الحرية و الكرامة و العدالة ...و من ثمة ليست حركة 20 فبراير قطعيا من الفرص الضائعة بالنظر الى قدرتها على توسيع وعاء الثقاقة الاحتجاجية و كسربعض أسسس المنطق المخزني القائمة على التخويف و الترهيب، لكنها تعتبر الآن من الفرص المتاحة لتحفيز الحوار السياسي و الفكري و دعم جميع مسارات توحيد قوى اليسار المغربي و حركات الاحتجاج الاجتماعي في اتجاه جبهة و طنية شعبية لإسقاط الفساد و الاستبداد في شتى أبعاده المترابطة : السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الإعلامية ...هذا – في تقديري الشخصي – أفق من الآفاق الممكنة و حلم من الأحلام القابلة للتحقق...

تحية تقدير لهذه الحركة في عيد ميلادها الثالث و من خلالها كل الاحترام لجميع الذين و اللائي ساهموا ( ساهمن )في توقيع شهادة ميلادها و صنعوا ( صنعن ) داخلها أغنيات جميلة نشدانا لغد أفضل...

وجدة في 20 فبراير 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟