الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف جميل في زمن قبيح

كوهر يوحنان عوديش

2014 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في خطوة تعتبر مفاجئة للعراقيين وللمهتمين بالشأن العراقي قرر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي والبراءة من وزرائه في الحكومة ونوابه في البرلمان العراقي، ورغم ان اعتزال السيد مقتدى الصدر للعمل السياسي يؤدي الى تشتت اصوات تابعيه مما يؤدي الى تقلقل الموازين السياسية وترجيح كفة على اخرى ( باعتباره زعيم ديني له نفوذ لا يستهان به، فله كتلة برلمانية تضم 40 من اصل 325 نائبا وستة وزراء في الحكومة )، الا ان قرارا كهذا يحتاج الى شجاعة وجرأة طالما افتقدها الرؤساء والسياسيين ورجال الدين على حد سواء في العراق وفي الشرق الاوسط عموما.
ان الاسباب التي ادت الى اعتزال الزعيم الديني الشاب للعمل السياسي كثيرة، لكن يمكن ايجازها في عدة اسباب تعتبر الاهم في اتخاذ قرار مصيري كهذا، واول هذه الاسباب يعود الى الواقع المعاشي والامني المزري والمتردي للمواطن العراقي بصورة عامة، فالخدمات مفقودة والامن والامان لا وجود لهما والمستوى المعيشي للمواطن في تردي مستمر رغم الميزانية الخيالية للبلد. اما السبب الثاني فيكمن في اداء اعضاء البرلمان الانتهازي الذين ابتعدوا عن معاناة الشعب ومطاليبه واصبح جل اهتمامهم منصبا على كيفية ترسيخ وتثبيت امتيازات ومنافع شخصية بعيدة كل البعد عن هموم المواطن العادي ومآسيه وكذلك عن مشاكل البلد المتفاقمة ( وفي الوقت نفسه لا يمكن نسيان استغلال اكثرية نواب البرلمان لانتمائهم الطائفي، وليس الوطني!، لكسب الاصوات والوصول الى عضوية البرلمان، وعندما يقف هؤلاء بالضد من ارادة الشعب ومصالحه ويفرضون مصالحهم على مصلحة الشعب والوطن فانهم بهذا انما يسيئون الى طائفتهم ومرجعياتهم ومبادئهم الدينية، لذلك فان قرار السيد مقتدى بالاعتزال انما كان حفاظا على سمعة ال صدر المشرفة، وعدم استغلال هذا الاسم الكبير لتحقيق نوايا ومصالح شخصية ) . اما السبب الثالث فقد وضحه السيد مقتدى بكل بساطة واختصار في خطابه المتلفز حيث قال في كلمته ان ( السياسة اصبحت بابا للظلم والاستهتار والتفرد والانتهاك ليتربع ديكتاتور وطاغوت فيتسلط على الاموال فينهبها وعلى الرقاب فيقصفها وعلى المدن فيحاربها وعلى الطوائف فيفرقها وعلى الضمائر فيشتريها وعلى القلوب فيكسرها، ليكون الجميع مصوتا على بقائه!) ويضيف السيد مقتدى ويقول ( العراق تحكمه ثلة جاءت من خلف الحدود لطالما انتظرناها لتحررنا من ديكتاتورية لتتمسك هي الاخرى بالكرسي باسم الشيعة والتشيع). لا اظن ان هذا الكلام يحتاج الى شرح وتفسير بل هو واضح وضوح الشمس، وهو بكل اختصار يكشف لنا حالة الحكم ونظامه المقيت التي وصل اليها العراق بعد عناء وعذاب طويل، ولا يمكن لاي كان مهما كان منصبه ان ينكر هذه الحالة او يبررها بالاعذار القبيحة والحجج الواهية، لان التشبث بالكرسي واحتكار الحكم وتهميش الاخر والفتك بالمعارض ونهب ما يمكن من اموال الوطن وغيرها من القاذورات التي كان حكام العراق الجديد يعيبون بها النظام السابق، انما هم بانفسهم بلحمهم ودمهم يقومون بها بابشع الصور وباضعاف ما كان يقوم بها النظام السابق، وهذا يكشف لنا نحن العراقيين ان الشعارات الرنانة، مثل التحرر من الدكتاتورية وبناء بلد ديمقراطي وتوزيع خيرات الوطن على الشعب وغيرها من الشعارات والكلمات الجميلة والمنمقة، التي رافقت عملية اسقاط النظام السابق لم تكن سوى ذريعة لاحتلال العراق واخضاع شعبه ووسيلة لاستبدال نظام دكتاتوري باخر مثله لكن باسم الديمقراطية هذه المرة.
اضافة الى هذه الاسباب يمكن اعتبار الضغوطات الخارجية والداخلية التي بدأت تمارس على السيد مقتدى الصدر للموافقة على الولاية الثالثة للسيد نوري المالكي وقبولها ( ويمكن ان تأتي بعدها الولاية الرابعة والخامسة والسادسة الى ان تصبح ولاية وراثية! ) سببا اضافيا لاعتزال السيد مقتدى للعمل السياسي ( فما فائدة العمل السياسي اذا كان الرئيس هو هو مهما تغيرت الاحوال ومهما كانت نسبة التصويت )، لانه في حالة التشبث بالحكم واحتكاره يكون العمل السياسي بلا فائدة وبلا نتيجة، وبنفس الوقت يكون كل المشاركين في الحكومة متحملين لجزء غير يسير من المسؤولية عن كل الجرائم التي ترتكب بحق الشعب والوطن.
سؤال بسيط:- اذا كان السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي لا يستطيع ارضاء زعيم ديني وسياسي من ابناء طائفته فكيف به ارضاء مواطن عادي من غير طائفته في وطن طائفي حتى النخاع؟ وكيف له ان يطالب بولاية ثالثة ويفرض نفسه لحكم العراق لاربعة اعوام اخرى بعد كل الويلات التي لحقت بالشعب والدمار الذي لحق بالوطن منذ تسلمه للحكم لحد يومنا هذا؟

كوهر يوحنان عوديش
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا