الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة ما يطلبه المستمعون

أمينة النقاش

2014 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


عشنا سنوات قبل انتشار الفضائيات، وتعدد القنوات التليفزيونية، والمحطات الإذاعية ، مع واحد من أجمل البرامج الإذاعية وهو برنامج “ ما يطلبه المستمعون” للإعلامية القديرة “سامية صادق” وكان البرنامج يقوم علي إذاعة الأغاني التي يطلبها المستمع، ويهديها مع مشاعر المحبة والمودة والرحمة إلي أحبائه وأصدقائه ومعارفه. وقد تذكرت هذا البرنامج الجميل حين قرأت تصريحا لرئيس الحكومة الجديد المهندس “إبراهيم محلب” يقول فيه إن التراجع عن قرار تكليف الدكتور “أسامة الغزالي حرب” بحقيبة وزارة الثقافة، يعود لاختلاف أصحاب المكان حوله، وهو ما دعاه للبحث فورا عن بديل له. والعلاقة بين هذا البرنامج الغنائي والواقعة وثيقة الصلة، فالأول يلبي رغبات المواطنين فى إذاعة ما يعشقونه من الطرب العربي، والثانية تكرس لمبدأ أن الوزير يعين بناء علي ما يطلبه العاملون فى وزارته، مع وجود فارق مهم بين الاثنين، أن البرنامج يسعد المواطنين، بما يشيعه من مشاعر تمتلئ بالدفء والحنان، وما يذيعه من أغان تعبر عن تلك المشاعر، فيما سياسة اختيار الوزير طبقا لما يطلبه العاملون تفتح الباب واسعا أمام الوقوع فى أسر تصفية الحسابات وإشاعة الكراهية والبغض الملازمة لروح المنافسة علي المنصب ، واستسهال الافتراء علي الحقيقة والتطاول علي خلق الله بهدف التجريح وخدمة أهداف شخصية لا أكثر ولا أقل.

وتكشف الحدة التي قابل بها البعض ترشيح أسامة الغزالي لمنصب وزير الثقافة عن خلل فى فهم مفهوم الثقافة الذي يقصره هؤلاء علي الإبداع، وبين مفهوم إدارة العمل الثقافي، ووضع السياسات التي تتطلبه ومتابعة تنفيذها، وهي مهمة وزير الثقافة.

وقد ادهشتني أن أحد الاعتراضات التي ساقها البعض لرفض ترشيح “الغزالي” أنه غير مثقف ولا علاقة له بالثقافة، وأنه كان عضوا بلجنة سياسات الحزب الوطني، ولأن المثل الشعبي المعروف يقول لمن يفتون بغير علم “اللي ما يعرفش يقول عدس” فإن اسامة الغزالي حرب يعد واحدا ممن أشاعوا الثقافة السياسية وثقافة الديمقراطية فى المجتمع المصري علي امتداد سنوات حين تولي رئاسة تحرير مجلة السياسة الدولية، وعبر كتاباته الصحفية والبحثية ومداخلاته التليفزيونية، كما كان عضوا لعدة سنوات فى لجنة الثقافة بمجلس الشوري، وأحد أعضاء اللجنة العليا للرقابة علي المصنفات الفنية، ترك أسامة الغزالي لجنة السياسات فى عز سطوة نفوذها، وخرج منها إلي صفوف المعارضة لمعظم سياسات نظام مبارك، وأسس حزبا لنقل هذه المعارضة إلي مؤسسة حزبية، تقود التحرك من أجل التغيير والاحتجاج علي الأوضاع السائدة، ورغم سلطته المعنوية والأدبية فى حزب الجبهة إلا أنه أدرك بوعيه وحسه السياسي الرفيع، مدي ضعف الحياة الحزبية، فأتخذ قرارا شجاعا بانضمام حزبه إلي حزب المصريين الأحرار ليشكلا معا كيانا معتبرا يسند الحياة الحزبية ويشد عودها.

فى 28 يناير 2011 ظهر أسامة الغزالي علي إحدي الفضائيات ليدعو فى وقت مبكر للغاية من ثورة يناير حسني مبارك لإعلان تخليه عن الترشح هو أو ابنه لموقع الرئاسة مرة أخري، وهي الدعوة التي استجاب لها الرئيس الأسبق، لكن بعد فوات الآوان.

أقول هذا ليس بغرض إثبات أن اسامة الغزالي حرب مثقف، أو أنه يمتلك من المعرفة والثقافة والخبرة والالتزام الوطني والأخلاقي ما يؤهله لخدمة الصالح العام فى أي موقع، ولكن للتحذير من أن ممارسة السلطة علي طريقة، “ما يطلبه المستمعون أو العاملون” تهدر معيار الكفاءة والخبرة، وتغذي روح العدوان السارح فى كل اتجاه، والتوحش والغلظة فى التعبير عن الرأي وعن التأييد والمعارضة، التي سادت المجتمع المصري علي امتداد السنوات الثلاث الأخيرة، وهي سياسة ينبغي أن تتوقف فورا، حفاظا علي هيبة الدولة، وكرامة المنصب وكرامة المرشحين لتقلده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا