الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسليع المرأة بين الدين والرأسمالية

خليل محمد إبراهيم
(Khleel Muhammed Ibraheem)

2014 / 3 / 8
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


تسليع المرأة
بين الدين والرأسمالية
حين الكلام عن الدين، فليس المقصود دينا بعينه وإن جاء ذكر دين محدد، فما جاء لسبب إلا لأنني أعرف شيئا عن هذا الدين؛ أكثر مما أعرفه عن سواه، لكن سواه لا يختلف عنه كثيرا جدا في غير التفاصيل، كما أنني حين أتكلم عن الرأسمالية، فلن أتكلم عن دولة بعينها، لكنني سأتكلم عن النظام الرأسمالي، بمعناه العام، فلعله تمَّ تشذيبه في بعض البلاد، وبقي على حاله أو صار أسوأ؛ في بلاد أخرى، وهكذا أبدأ الكلام.
من المعروف أنهم/ في قديم الزمان- كانوا يُسلّعون الإنسان؛ حينما كانوا يبيعون الإنسان ويشترونه، بغض النظر عمّا إذا كان رجلا أم كانت امرأة، وبغض النظر عمّا إذا كانا كبيرين أو صغيرين، وبغض النظر عمّا إذا كانا/ في الأصل- ابنان لشخصين من الأحرار، أو كانا مولودين لعبد أو عبدة، أو كانا ولدين لعبدين رقيقين، وهكذا، فقد كان الإنسان مالا، أو يمكن تحوّله إلى مال، لسبب أو لآخر، فإذا به يغدو مثل الحيوان؛ قابلا للبيع والشراء، والاستثمار بكل شكل ممكن؛ في الزراعة أو الخدمة أو البغاء، ومَن يتتبّع القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة؛ يجد من ذلك كثيرا؛ صحيح أن الإسلام؛ حاول تقليص تسليع الإنسان، وشجّع على تحريره من العبودية وشرها/ جزئيا أو كليا- لكن ذلك لم يترك فسحة واسعة للتحرير الشامل للعبيد، فقد كانت مصادر العبودية؛ ما تزال مفتوحة أبوابها على مصاريعها المتعددة، ولننظر أنموذجا من تسليع النساء؛ وقف الإسلام ضده في مثل قوله تعالى:- ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(النور: من الآية33)، وواضح أن الفتيات/ هنا- بمعنى الجواري المستعبدات، وواضح/ كذلك- أنهنَّ كُنَّ يُكرهْنَ على البغاء؛ مع أن بعضهنَّ تبتغي التخلص من البغاء، والتحصن عنه، لكن سادتهنَّ يمنعونهنَّ من التحصن، لما يوفّره زناهنّ؛ من أرباح مالية كبيرة، لأسيادهنّ، لا يُريدون الاستغناء عنها، فجاءت هذه الآية؛ مانعا من ذلك، ومَن يقرأ التفاسير الكبيرة/ مثل تفسير القرطبي- في تفسيره لآيات الزنى، وما يدور حولها، وما ينبني عليها من أحكام دينية، وتصرّفات فعلية؛ يجد عجبا، فبمقدور الرجل الراغب في شراء جارية؛ أن يرى منها ما لا يراه الرجل إلا من زوجه، ويشترط الفقهاء لذلك، عدم الشهوة؛ ترى كيف يمكن ضبط هذه المسألة؟!
لذلك، فمن المعلوم أن الفساق؛ كانوا يقضون أوقاتهم في أسواق الرقيق، وعند تجار الجواري؛ يفعلون ما يفعلون، وأخبار أبي نواس ل(ابن منظور)، وذم الهوى لـ(ابن الجوزي) مثالان على ذلك؛ ويمكن الرجوع للعقد الفريد، وللأغاني، ولكتب الجواري والغلمان، لمتابعة هذه المسألة بما لا يُصَدَّق، ومَن يقرأ كتب التاريخ، ودواوين الشعر؛ يكتشف أن قصور الخلفاء، وكبار الوزراء؛ كانت حانات كبيرة، ومباغٍ شهيرة؛ خاصة، لأرباب السلطان والشعراء، ومَن إلى هؤلاء، وكيف لا تكون كذلك، ولدى الملك أو الوزير أو الثريّ؛ ألوف الجواري؟!
فمتى يصل إلى كلٍّ منهنّ؟!
هل يستطيع الوصول إلى كل منهنّ؛ مرة واحدة في حياته؟!
والجارية امرأة؛ تحتاج إلى ما تحتاجه المرأة من الرجل، والرجال القادرون على الغواية موجودون، والنساء الراغبات في الغواية موجودات، ولا حرج في ما يفعله الرجال أو تفعله النساء إلا إذا أريد إيذاؤهم، وإيذاؤهنّ، بطريقة أو بأخرى، فعلى ماذا يدلُّ كل هذا؟!
أليس يدل على تسليع الإنسان عامة، والمرأة خاصة، حتى أنهم يطلبون/ فقهيا- للجارية الاستبراء/ وهو عدم وطء مالكها الجديد، لها قبل أن تنتهي من عدتها من مالكها القديم- وعدة الجارية/ عندهم- نصف عدة الحرة، وكأنها نصف امرأة، لذلك، فهم يرجمون الحرة المحصنة؛ إذا ثبت عليها الزنى، لكنهم لا يرجمون الجارية المحصنة إذا زنت، لأن عليها نصف ما على الحرة، والرجم لا يُمكن تنصيفه، كما أنها مال، لا ينبغي التفريط به، لذلك، فمَن يرجع لأخبار النساء لـ(ابن قيم الجوزية) أو أخبار النساء لـ(ابن الجوزي)، يجد عجبا، ولوجد مسوّغ ما قاله (جمال البنة) من إمكانية تقبيل الرجل الأجنبي، للمرأة الأجنبية؛ مما أثار عليه حنق الحانقين؛ الذين يقولون ما لا يعلمون.
وقد استمرَّ هذا الحال؛ إلى الوقت الحاضر، فصحيح أن العبودية؛ تمَّ إلغاؤها ظاهريا/ في نهاية القرن التاسع عشر- لكن الرقيق عامة، والرقيق الأبيض خاصة/ اليوم- واضح المعالم، ومَن يقرأ ميجر باربرا لـ(برنارد شو)، يعلم أنه يتحدث عن أن تجار الأسلحة والمروّجين لها ومصنعيها؛ هُمْ من اللقطاء، ويرمز لهم بوالد الميجر المؤسسة ل(جيش الخلاص)/ أحد عنوانات ترجمة أخرى للمسرحية- فاللقطاء/ حقيقة أو مجازا- هم/ عند شو- المشتغلون بهذه الأعمال، ومَن يتتبع ما يحدث اليوم، فإنه يجد أن بعض بنات الليل؛ يبعْنَ أبناءهنَّ وبناتهنَّ لعصابات تعرفهنَّ ويعرفْنَها، وهُنَّ يريْنَ أن في ذلك تخلصا من ثمرة الزنى، وكسبا إضافيا يكسبْنَه بهذا البيع، فماذا سيفعل المشترون لهذا اللقيط به، أو لتلك اللقيطة، بها؟!
ثم أنهم يخدعون الفقيرات/ في البلدان الفقيرة- فيطلبون إليهنَّ السفر إلى بلادهم، بحجة تشغيلهنَّ في أعمال شريفة، فإذا حضرت الفتاة؛ وجدت نفسها في مباءة فاسدة، ليس لها التخلص منها، وإذا بها داعرة؛ مروّجة مخدرات؛ لصة قمار غشاشة، وغير ذلك كثير، وهو ما يحصل للكثير من المُهرَّبين والمهرَّبات من البلدان الفقيرة، أو التي يتمنى أبناؤها وبناتها التخلص منها، فهم/ قبل كل شيء- يستنزفون أموالهم وأموالهنّ، فإذا ما حدث هذا، وكان/ أو كانت- في بلاد الغربة، بلا مال، وبلا أمل في الحصول على اللجوء السياسي أو الإنساني؛ كان/ وكانت- لقمة سائغة في أيدي المهرِّبين، ومديري بيوت الدعارة، ومروجي المخدرات، والمافيات والعصابات، وما إلى ذلك؛ يستغلونهم ويستغلّونهنّ؛ أبشع استغلال، وهذا أمر طبيعيّ، فهل رحمت الرأسمالية المخادعة؛ أبناءها، وبناتها من جشعها، فحمتْهم، وحمتْهنَّ من البطالة، وما يترتب عليها من مشكلات لا أول لها ولا آخر، حتى ترحم أبناء الشرق أو أمريكا الجنوبية؛ أو الأفارقة المخدوعين بهم والراحلين إليهم؟!
عندي/ على البريد الإلكتروني- عشرات الرسائل الموجهة لي من أفريقيات شابات جميلات، يرويْنَ لي قصة توشك أن تكون واحدة، فأبوها قتيل عصابات المتمردين، وهو يملك أموالا/ تذكرها- وتريد مني مساعدتها على الحصول على هذه الأموال المودعة في مصرف أوربي، وأنها/ الآن- تسكن مع قس، وهي غير متزوجة، وتريد منحي جانبا من نقودها، وهي تحب المجيء إلى بلدي لتعيش معي أو لأنشئ لها شركة أقوم بإدارتها، وواضح أنهُنَّ يمارسْنَ اللصوصية؛ إغراءً لمَن يتمكنَّ من إغرائه بواسطة المال أو الجنس وما إلى ذلك، هذه هي المشكلة؛ انظر إلى الإعلانات، ألا ترى فيها تسليع المرأة الجميلة؛ واضحا؟!
وانظر إلى الفن، ألا ترى فيه كيف يستثمرون المرأة والرجل إباحيا؟!
انظر فلم (عنتر شايل سيفه) ل(عادل إمام)، وهو/ وإن كان فلما كاريكاتوريا عن هذه المسألة، فإنه- معبّر عن هذه القضية، بصورة مناسبة، ومشاهدة الأفلام الإباحية من جهة، والأفلام المعبرة عنها مثل (فلم ثقافي)؛ يفهم ما أقول، مثل هذا يُقال عن قنوات الإعلان الفضائية، فإنها تسلّع المرأة تسليعا فاضحا، وتستغلها استغلالا واضحا، فهي تعزف على ما تفتقر إليه المرأة من حاجات الملابس والمطبخ وما إلى ذلك من حاجات النساء المادية، وأخرى تتعلّق بالجمال النسوي، وهو ما تبذل المرأة فيه ما تملك وما لا تملك، فمن أين تسدد ثمن هذا الذي لا تملكه؟!
لقد كان تسليع الإنسان عامة، وتسليع المرأة وما يزال؛ مشكلة تحتاج إلى حل، ولا حل لها غير الاشتراكية؛ أعدل نظام معروف في العالم.

الدكتور الكفيف خليل محمد إبراهيم
المرشح على قائمة التحالف المدني الديمقراطي محافظة بغداد 232








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 3 / 8 - 01:17 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك , تحت مُعرّف : (أبو بدر الراوي) , و السبب : سعة مساحة الكتابة .

اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو