الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون الجعفري

رحمن خضير عباس

2014 / 3 / 16
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يبدو أنّ وزير العدل العراقي الشمري على عجلة من أمره ، فهو يريد تمرير قانون ( القضاء الشرعي الجعفري ) باي ثمن ، قبل الإنتخابات القادمة التي قد تقلب الطاولة على التشكيلة الوزارية والبرلمانية الحالية ، وقد يخسر هذا المنصب الذي لايتناسب وامكاناته العلمية والمعرفية ، اللهم الا مسألة انتمائه الى حزب الفضيلة الذي تشكل بفترة وجيزة ،على قاعدة ( كوكوت منت ) اي قدْر الضغط حسب تعبير اخوتنا في المغرب العربي الذين وصفوا حزبا من أحزاب السلطة في المغرب تأسس قبل ستة اشهر من الأنتخابات وفاز بالأغلبية ! . كان ذالك في ثمانينات القرن الماضي ،وهذا ما حدث لحزب الفضيلة الذي ينتمي اليه الشمري ، الذي فاز بمقاعد مناسبة ، أهلته لتقاسم الكعكة مع دولة القانون و المكونات والأحزاب الأخرى االتي إجتاحت بلدنا ، تحت غبار الغزو . اذن فوزير عدلنا مصرُّ على تسجيل إسمه في سجل الذين جعلوا عراقنا "شعوبا وقبائل " لا ليتعارفوا ، بل ليتحاربوا ويتناحروا ويتفرقوا. وقد ذكر الوزير في معرض ترويجه لهذا القانون " إنّ القانون الجعفري يقدم إمتيازات غير مسبوقة للمرأة ، فيما يتعلق بالزواج وسن البلوغ والميراث ، مما يرفع من مكانتها ويصون كرامتها " ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : اي كرامة للمرأة حينما تكون " المعاشرة الزوجية حق الزوج ، بصرف النظر عن رضا المرأة " اي أنّ المرأة تُعامل كمادة لمتعة الرجل وتلبية رغباته الجنسية بمعزل عن قناعتها بذالك .وهذا يعني امتهان انسانيتها وجعلها وسيلة رخيصة لشبق الرجولة !! فأين صون الكرامة من هذا ؟ إنّ إجبار الزوجة على المعاشرة رغما عنها ‘ يعتبر عند المجتمعات المتقدمة حضاريا اغتصابا يعاقب عليه القانون ، لأنّ له دلالات إنسانية تتعلق بالمشاركة الوجدانية بين الرجل والمراة على اساس التكافؤ ، وليس على اساس الإستعباد .
يمنح القانون حضانة اي طفل بلغ الثانية من العمر أو تجاوزها تلقائيا للأب في حالة الطلاق . وهذا يعني حرمان الأم من حضانة طفلها وجعله في حضانة أب قد لايستطيع ان يلبي الحاجات الأساسية للطفل ومنها الجانب النفسي . فكيف صان القانون كرامة الأم ، علما بأن الأم هي الأقرب الى الطفل من الناحية النفسية والعاطفية ، وهي الأقدر على تنشئته في ظرف أمومي طبيعي ، فيه الغذاء من طبخ ونفخ تقوم به الأم ، وفيه من انواع الرعاية التي تتجاوز مداركنا ومعارفنا عن العلاقة بين المراة واطفالها .
أما سن الزواج فقد جعله القانون ( تسع سنوات هلالية ) اي يعني أقل من التسع سنوات بحوالي ستة اشهر . واستطيع أن اقول بأن السماح للزواج في هذا السن هو انتهاك صريح للطفولة ، واغتصاب مؤلم لها ، واختطاف كبير لأنسانية المرأة ، وحرمانها من التمتع بطفولتها وحياتها ودراستها واحلامها .وهو تشويه للبلوغ البايلوجي الذي يتجاوز هذا السن بكثير . ثم ماذا عن الآثار النفسية لطفلة تجبر على ممارسة الجنس في طفولتها ؟ وماذا عن موقفنا - كرجال – عن الطفولة ؟ فأين الصون لكرامة المرأة كما إدّعى وزير العدل ؟ وهل يتحمل ان يزوج ابنته وهي تحمل لعب طفولتها ؟ ام ان قانون زواج القاصرات ينطبق على الطبقات الفقيرة فقط ؟ مثله مثل السماح بالمتعة المحللة في شرعهم ، لكنهم قد يقتلون بناتهم اذا مارسن المتعة !
إن الفقه الجعفري اكبر من عقلية هذا المهووس بالشهرة -أعني وزير العدل -وان فيه الكثير من العلامات المضيئة التي يمكن الأستفادة منها ، وفي نفس الوقت فإن فيه مما لايلائم العصر ويمكن عدم الأخذ به ولنا في الأمام علي (ع)قدوة حسنة ، والذي راى أنّ القرآن حمال اوجه ،في مسألة التحكيم، اي اننا لاينبغي ان نؤسس من النقل للنص معيارا لتطبيقه ، فقد يكون قد كتب لحدث آخر اوزمن آخر.
من ناحية اخرى فالعراق بلد يزهو بالمكونات القومية والدينية والمذهبية . وقانون الأحوال المدنية الذي شرع في عام 1959 كان من المنجزات التي يفخر بها العراقيون بكل فئاتهم ومكوناتهم ، وهو يمنح المراة ( شيعية او سنية او مسيحية او صابئية ) حقوقا كفلها القانون . فلماذا هذا التسلق على هذا الأنجاز الذي احرزته المرأة وارجاعها قرونا الى الوراء ؟ . ثم إننا كشيعة ، نفخر باننا احد مكونات هذا الشعب ، فلماذا نريد ان نشرع قوانين خاصة بنا ، وننسى او نتجاهل او نترفع على اخوتنا في الوطن الواحد . نحن المظلومين او دعاة المظلومية ، ايصح ان نصبح ظالمين ، ونفصّل القوانين على مقاسات تصورناها – وهما – انها مقاساتنا ؟ وما هو موقفنا من اخينا في الموطنة ؟ سواء كان من الأديان او المذاهب الأخرى التي تشاطرنا هذا الوطن ؟
لقد سقطت يا وزير العدل في الإمتحان . ففي سني وزارة عدلك أُخْتُرق العدل ، سواء بالهروب المنظم والمبرمج من السجون لأعتى قتلة الشعب العراقي الذي اردتَ ( صون كرامة امهاته ) فقد فرّ مجرمو القاعدة من سجونك الورقية .هل انقذت العراقيات من هول قتل ابنائهن على يد من فروا من سجونك يامعالي الوزير . هل تعلم بتفشى ظاهرة الفساد في وزارة العدل ابتداءا من القضاء والمحامين ودوائر القضاء والموظفين وكتاب العرائض وشرطة العدل وجنوده ، وانتهاءا بدوائر نقل المالكية . رشوة رخيصة وفساد تشم عفونته من بعيد . لم تستطع ان توفر للمرأة حقها وكرامتها في هذا المعترك ، وفكرت فقط بصون كرامتها حينما تسمح بفض بكارة الطفلة العراقية التي لم تتجاوز عمر البراءة !!
نحن شيعة مثلك نعيش في بلد أجنبي منذ سنين . في هذا البلد توجد الكثير من الحسينيات لشيعتنا . يعيشون في مساواة تامة مع مكونات هذا البلد . ومع أنّ هذا البلد كافر في عرفكم يا معالي الوزير ، ولكنهم يوفرون الحماية لثقافتنا الدينية او المذهبية ، الدولة توفر للحسينيات المخصصات المالية ، التي تتلائم وحجم الأنشطة – طبعا طقوس عاشوراء والأربعينية تعتبر من الأنشطة ، التي تدفع لها الدولة ( الكافرة في عرفكم )وهذه المخصصات تقتطع من دافع الضرائب الكافر ايضا . ولكن الشرط الوحيد لهذه الدولة التي نعيش في فضائها الأنساني المتسامح . ( نحن نحترمك بقدر احترامك لكل المكونات الأنسانية والدينية والعرقية ) اخوتك في المذهب يعيشون هنا في بحبوحة دون الحاجة الى قانون جعفري يا معالي وزير العدل .
من ناحية اخرى . ان القانون الجعفري ، سيساهم في تفتيت المكون الوطني وتجزئته الى مذاهب وأديان . فنحن نعتز بمذهبنا الجعفري ولكننا لانريده فوق المذاهب والأديان . إنّ فكرة التعايش اهم من تحقيق ما يسمى بالمكاسب المذهبية .إننا كعراقيين نصبو الى تحقيق الُلحمة الوطنية بين مكوناتنا ،وبذالك يتحقق للمرأة العراقية التي هي أمنا وأختنا وحبيبتنا وزوجتنا وبنتنا الكرامة الحقيقية .علما بأنّ جيلنا وجيل آبائنا كان يتمتع بشرعية لاغبار عليها . في ظل قانون الأحوال المدنية الذي يريد الشمري الإنقلاب عليه . اشد ما يؤلمني هو تجييش مظاهرات نسوية يطالبن بتطبيق القانون الجعفري ، دون أنْ يعْلَمْنَ فحواه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا عن الانتهاكات في الحرب في السودان خصوصا بحق النساء؟


.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية




.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك


.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج




.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً