الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن في مجسم تسكنه ألاعيب الاقليمية والطائفية

فياض اوسو

2014 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


قوالب الانظمة الحاكمة لم تعد تتحمل ارادة شعوب المنطقة، فالتاريخ المشترك والمصلحة المشتركة في العيش الآمن لشعوب المنطقة، تستدعي نضالاً مشتركاً لمواجهة ما تمر بها المنطقة من الحروب والتصادمات، التي لا تتفق مع كينونة المجتمع المؤلف من مكونات متاخمة بحكم الجيرة والتفاعل المجتمعي في السعي لديمومة الحياة القائمة على احترام المتبادل والقيم المتعارف عليها بين الاجداد، لكل منهم تاريخ حافل بالبطولات وحضارة تنعش العالم بمبادئ واعراف، بشهادة المؤرخين القدامى على مر الأزمنة السابقة.
إن الشعوب المنطقة ومنها الكتل الأكبر كمّاً والأقدم وجوداً - العربي والكوردي والتركي - بمناة عما يدور في فلك الدول ورجالاتها التي تحكمهم، فالشعوب هي أصحاب حضارات وثقافات، تجمعهم التاريخ والجغرافيا والمصلحة، وليست بحاجة الى الحروب والصراعات المفتوحة بلا جدوى، بقدر ما هي بحاجة الى تأمين احتياجاتها من التبادل المعرفي والإنساني والتجاري والثقافي.
إذا كانت الظروف قد جعلت إحداهن تتفوق من الظاهر على اخريات في فترة من الزمن واستخلصت باسمها مكون سياسي تُعرف وتتعاطى الحياة السياسية وتخوض المعارك وتسجل المواقف إقليمياً ودولياً، إلا أن كل ما تم تحقيقه على الأرض الواقع كان من جهود المكونات المؤلفة للمجتمع ككل، في الدول المنطقة كسوريا والعراق والتركيا، حتى ولو كان من نصيب المكون الكوردي ألا تحظى بمثل هذه الفرصة في غضون فترة تشكيل الدولة الحديثة في الآونة الاخيرة.
ففي كل من العراق والسوريا اللتان تشكلتا على اساس قومي واحد، مع العلم ان الشعب المكون لتلك الدول كانت دوما مؤلف من عدة قوميات ومنها الرئيسية ككورد مع العرب وباقي الأقليات لا بل كانت تمارس في حقها التهميش وسياسات عنصرية من قِبل النظام الحاكم فيها، خشية المطالبة بحقها في المشاركة الشرعية لكل مفاصل الدولة حينها، الأمر الذي أدى إلى خلق فكرة مغلوطة عنهم لدى إخوتهم في الدين والوطن و تتعارض مع مطالب الكورد في المساواة، بحجة الخشية من مطالبتها باستقلال أو اقتطاع جزء من جغرافية المنطقة أو قيام كيان جديد لا يضمنون تحالفه معها.
ومن شمال الثورة اقليميا حيث تركيا (العلمانية- الاسلاموية) التي كانت في تلك الفترة على علاقة شبه وثيقة مع الاسرائيل، والتي تأسست في آذار/مارس 1949 عندما أصبحت تركيا ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة (بعد إيران عام 1948)، تعترف بدولة إسرائيل. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت إسرائيل هي المورد الرئيسي للسلاح لتركيا، وحققت حكومة البلدين تعاونًا مهمًا في المجالات العسكرية، الدبلوماسية، الاستراتيجية، كما اتفق البلدان حول الكثير من الاهتمامات المشتركة والقضايا التي تخص الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى أن وصل الحوار الدبلوماسي بين النظامين –التركي والإسرائيلي - إلى الكثير من التوترات، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في موضوع الهجوم على غزة2009 واستهداف اسطول الحرية في ذاك الوقت، وبعدها بدأت السياسة الخارجية التركية تنقلب لتتوسع في المحيط العربي من خلال تأييدها ودعمها للقضية الفلسطينية من الظاهر ومنافسة اسرائيل على المنطقة في الخفاء من قبيل التطلعات لبعث الخلافة العثمانية، وأحلام التغلغل في العالم العربي، لتعود وتهتم بآراء واصوات الانتخابات من المكونات داخل حدودها من الكورد والعرب تحت غطاء اسلامية الدولة تزامناً مع اندلاع الثورات في الربيع العربي بعلاقات شبه مفتوحة مع الدول، مثل مصر وسعودية واحتضانها للمعارضة السورية، أما داخلياً لُحظ في الآونة الاخيرة الانفتاح على الحريات العامة والتقدم بخطوات نحو حلحلة القضية الكوردية وموضوع السلام مع حزب العمال الكوردستاني عن طريق وساطة إقليم كوردستان العراق بالتحديد، يبدو لكل هذه التغييرات وتناقضات إن صح التعبير دلالات مفتوحة المعاني لتشير في النهاية على أنها تلعب على وتر المطلوب وفق السياسة الخارجية لها، لبقاء النظام على ما هو عليه كما حصل في العلاقات المذكورة مع الوسط العربي باعتماده على تيار واحد (الاخوان) دون بقية الاطر المناهضة للاستبداد سواء في مصر او بالنسبة للوضع في سوريا، ناهيك عما يدور في أروقة النظام المالكي في العراق وتحالفه مع النظام الايراني بشكل علني لدعم النظام السوري من خلاله في إرسال مزيد من الأسلحة والبراميل المتفجرة التي تقتل الشعب السوري يومياً، وخلافاته مع الإقليم الكوردي هناك لوقف مساندته للمكون السني، وعلاقاته التجارية الجيدة مع جارته تركيا ليزيد من الجموح الايراني نحو بسط نفوذها على المنطقة هي ايضاً.
وفي الحقيقة الشعوب دائما لا تتهم بأداء أو ممارسة سلوك معين من قبل حكامها ضد طرف آخر، باعتبار أن النظام الذي كان يحكم هذه الدول في هذه الفترة كانت استبدادية لا تمثل عقيدة الشعب ومصالحها العميقة، إنما كانت تمارس الظلم والاضطهاد بحق كل من يشكل عائقاً أمام بقائه كنظام، ويكرس كل جهوده في افتعال الفتن و الكراهية فيما بين المكونات، ليبقى هو كعامل مشترك وحاضن للجميع في منظوره باختلاق قضايا كبرى على أنها تشكل خطراً على وجود المجتمع متماسك لا يمكن احتماؤه إلا بوجوده كنظام واشخاص على رأس الحكومة، عن طريق ربط مصالح الأفراد وتفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشخصية القائد الأوحد، الذي يردُّ التهديدات ويسدُّ الهجمات وحامي الحمى بخلق جوٍ من الأمان و الاطمئنان وحياة كريمة بأفكاره الخارقة للطبيعة البشرية، لكي لا يتجرأ احدٌ من البشر التفوه بكلمةٍ تتعارض مع ما هو موجود كأمر واقع، ومن جهة أخرى استولت على السياسة الخارجية أيضا بربط مصالح الدول الكبرى بشخص القائد على حساب مصالح الأفراد من كل المكونات في المجتمع، ليضمن تأييد ما تسمى بالمجتمع الدولي والرأي العام العالمي ، بالإضافة الى اللعب على وتر جماعات وتنظيمات مسلحة لا حدود تحدها، وذلك لخلط الأمور وبسط نفوذه اقليمياً عن طريقها، والمتاجرة بدماء الأبرياء على طاولة المفاوضات إذا تطلب الامر.
واذا اسلمنا بهذه النتيجة الأقرب الى الحقيقة التي مرت بها المنطقة في القرن الماضي بوجود مثل هكذا الانظمة وانعدام أي دور للأفراد والشعوب في تقرير ما يجب ان يكون، سيتم تبرير وبراءة ذمة الافراد المكونات الثلاث بما تم باسمهم في كل النواحي دون استثناء، وما يؤكده هو الوضع الحالي وما غيرته الثورات الربيع العربي ومواجهة الشعب السوري للنظام الفاشي والقمعي بكل اطيافه ومكوناته الاثنية والعرقية من العرب والكورد وباقي الاقليات منذ بداية اندلاع الثورة على رغم استمرار الانظمة والمنظمات الراديكالية بنزع الود القائم بين المكونات وخلق عوائق بشتى الوسائل.
والمأمول من الاصحاب العقول الراجحة العاملين في الحقل الثقافي والفكري قراءة الوقائع والعمل على اعادة صياغة المفاهيم التفرقة وتثبيت المشتركات لتمتين العلاقة و اواصر المحبة والتآخي وتوثيق الصلات فيما بين المكونات المتعايشة والمتداخلة في علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية والانسانية، لقطع الطريق امام المخططات المتفق عليها بين المتسلقين وتجار الحروب المسيئين لكرامة الشعوب بزيف يدعى الوطن ووهم كبير يسمى العدو يستهدف مصالح الامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم