الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعتراف في حضرة الذات

ابراهيم حمي

2014 / 4 / 13
الادب والفن


لم أكن على علم بأن متعة الكتابة لها هذه اللذة الرائعة وهذا السحر الخارق على نفسانية الإنسان، الذي يحاول أن يترجم كل ما يخالجه من أحاسيس وأفكار وحتى الأماني والاحلام المتفاعلة في أعماق و أغوار النفس التي تحاول الكتابة.
فعندما تكتب فأنت تشارك هواجسك ورغباتك ومتمنياتك وافراحك وأطراحك واحزانك وأيضاً قناعتك وإيمانك بفلسفتك ونظرتك وتوجحهاتك في الحياة مع الآخرين الذين يشاركونك ويتفاعلون معك، لهذا عهدت ذاتي أن أكون صادقاً مع الكل، معها هي أولا ومع الآخرين أيضًا، وهناك حقيقة أخرى تكمن في أنني لا املك في هذا السياق غير الصدق والصراحة بصفة إجبارية وليست اختيارية، لافتقاري لأداوت التصنع والطرق البهلوانية المنمقة في الكتابة، فالقليلون جدا من يصلون إلى هذه الدرجة من الإحساس الذي يجبرك أن تتحمل لمسؤوليتك في الترجمة، لكل الأحاسيس السكينة في لاشعورك واستنطاقا لتجاربك بما لها وما عليها بكل صدق وأمانة، تقتضيها لحظة التأمل ولحظة استرجاعك لشريط الذكريات الحلوة والمرة أيضًا.

مهلا أعزائي أنا طبعا لا أتكلم عن الكتاب المحترفين أو صناع المقالات و السيناريوهات تحت الطلب لا، أنا أتكلم عن ذاك الإنسان البسيط جدا والذي لا يستطيع إتقان صناعة الأفراح ولا صناعة الأحزان، والذي يسعى فقط ان يجد من يقرأ له همومه وشعوره بتلك البساطة وبذاك التواضع الذي ترجم هو به أحاسيسه وحتى اسراره.
و رغم معرفتي بأن الكتابة تتطلب ما تتطلب من المعرفة الواسعة وأيضاً لتروى من العلم في كافة المجالات والكثير من التقنيات والضوابط اللغوية. وكذلك لكم لابأس به من المصطلحات والمفاهيم أيضًا، ولكن بغض النظر عن امتلاك كل هذا فإن لم تتوفر الأمانة والصدق فإن الكتابة ستكون مثل نجمات هوليوود لا يتحركنا أو يخرجنا دون مساحيق التجميل ولا يصلحنا إلا للصور و واجهات الفيترنات فقط، وغير صالحات للحياة العادية التي تتطلب مقايس ومعاير يفرضها الواقع المعاش الذي بدوره لايستقيم إلا مع الأشياء الطبيعية في أغلب الأحيان ولا تجدي معه المساحيق ولا الثراء المصنع افتراءا.
وهذا هو الفرق في الكتابة التي تفتقد للصدق والأمانة في إبداعها. وكما يقول بلزاك في تعريفه للفن حيت يقول : الانسان زائد الطبيعة يساوي الفن.

وانطلقا من هذا المبدأ الذي يزاوج الإنسان بأمه الطبيعة، حاولت ان أغامر في هذا المجال ولو بشيء بسيط جدا جدا، شريطة ان ألتصق بطبيعتي وسذاجتي وعفويتي بكل أخطائها الطبيعية أيضًا، لأن أجبر ذاتي على الإعتراف والبوح بكل الأحاسيس، حتى تلك التي تدخل في خانة الأسرار والخصوصيات، لأننا أمام اعترافاتنا الذاتية في لحظاتها التأملية الصادقة لا تنفتح لك نوافذ النجاة لاغاتتك من مأزق الاعترافات الذاتية أمام نفسك كما تنعدم لديك كل فرصة للهرب من تاريخك بكل أخطائه وانكسارته وحتى انتصاراته إن كان هناك بعضها، لأنك حين تستحضر كل ماضيك وتاريخك فأنت حينها تطالب فقط بالتعادل ولا تطمح بالانتصار على ذاتك، التي تعاتبك دوما وتذكرك بعجزك وخيانتك لها في عدم الوفاء بتحقيق كل رغباتها وتطلعتها، فعندما تخلو بنفسك لأجل التأمل، فأنت تدعو ذاتك للمحاسبة حين تطالبها بالاعتراف، لهذا عليك أن تكون حذر من السقوط في المناورات فهذا هو الخطأ بعينه. فاصعب شيء هو مناورة الذات والكذب عليها بماض، هي متيقنة من كل تجلياته وخباياه. فحذاري حذاري ان تحتقرك ذاتك يوما ما، فذاك هو الفشل الذريع الذي لا علاج له، فكن صادقاً معها لحظة التأمل والمكاشفة، وهذا ما أحاول أن احققه مع ذاتي في تسجيلاتي لحظة تدوين اعترافاتي الذاتية بصدق وأمانة، مهما أنتجت هذه الاعترافات من مواقف قد لا ترضي البعض ولكن رضا الذات، ورضا النفس أهم عندي من إرضاء أين كان، كما اكتشفت أن للكتابة أدوارا أخرى وعلاجات أخرى قد تشفيك من علل نفسية غير ظاهرة للعيان، وقد تكتشفها صدفة حين تختار لنفسك لحظة البوح بتلقائية وصفاء الذهن من أي نوع من الرقابة و الخلفيات المكتسبة طيلة تلقينك بكم من المعلومات والمعطايات من خلال وعبر مسارك الطويل.

كما تكتشف أيضا من الكتابة ولحظة سكونها كم كنت ساذجا وجاهلا أيضًا، وسرعان ما تنجلي لك الحقيقة المرة التي تقودك أيضا للشفاء من عللك النفسية، وترتاح من اعراض الغرور المعدي الذي أصابك عبر الاحتكاك بمن يسكنهم مرض الغرور والتعالي.
وحينما تقودك الكتابة إلى كل هذه الحقائق و الاكتشافات ومن ضمنها أن السذاجة والجهل هما الأصل عندا الإنسان، وأن المعرفة والثقافة فقط أشياء مكتسبة وحتى طرق اكتسبها متاحة للجميع، حينها تمتلكك الرغبة والطموح للمزيد من التقدم في الكتابة و للمزيد من التأمل والبحث في ما تخفيه عليك ذاتك من نقط القوة، و لا تعود تهمك ما بذاتك من نقاط الضعف، لأنك امتلكت العلاج بذاتك لذاتك. هذا بكل إختصار ما تعلمت و ما قادتني الكتابة إليه.
وطبعا الكتابة المقصودة هنا هي الكتابة العفوية والطبيعية المتواضعة، تواضع الطبيعة حين تقسو وحين تحن بحنان الأم على صغارها، وهذا النوع من الكتابة التي تسمى في الأدب بالسهل الممتنع هي التي تتسرب إلى وجدان المتلقي، لأنها لاترتفع به إلى عنان السماء و لا تنزل به الى الحضيض. وإنما تجعله يتعايش مع واقعه من خلال معاناة الاخر. لهذا نجد أن عمالقة الادب أغلبهم كان يكتب بطريقة بسيطة و متواضعة، وأستطيع أن اعطي مثال في ذلك، وهو أن عدد من الاوروبيين المهتمين بالادب طبعا صرحوا أنهم عرفوا المجتمع المصري من خلال كتابات نجيب محفوظ.
وهذا ليس طموحا الى هذا المستوى، وانما أوكد على ان الصدق في الكتابة و التواضع في أسلوبها يصل الى مداه في أذهان الناس، وهذا ما أحاول أن أحدو حدوه بطريقتي البسيطة و المتواضعة، و التي لازالت في حاجة الى كثير من التطور و التصقيل، وهذا ما أتوخاه من خلال انتقادات ومؤاخذات الذين يتفاعلون معي في هذا السياق، والذين أحترمهم جميعا، احترم أرائهم كيفما كانت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث