الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذين يحرثون فى البحر

داود روفائيل خشبة

2014 / 4 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الذين بحرثون فى البحر
داود روفائيل خشبة

الذين يريدون إصلاح الدين، أى دين، من الداخل يحرثون فى البحر، أو على حد تعبير الصبعة الإنجليوية للمثل، يحرثون الرمل. ذلك أن الآديان كلها/ حتى إن كانت فى نشأتها تقية خالصة، فإنها سرعان ما تجمع حولها أشتاتا متباينة ومتناقضة من الأفكار والتوجهات، وكل هذه التوجهات والإفمار، بكل ما فيها من تيلين وتناقض، تشكل نسيجا متشابكا إن أردن أن اتزع منه خيطا من خيوطه انتكث النسيج كله وتبعثر.
اليهودية تكوّنت على مدى قرون، لذا نجد فى التراث العبرى الذى تضمّه التوراة (بالمفهزوم الأوسع لكلمة التوراة) جرائم بشعة على المستوى الجماعى وعلى المستوى القردى، تـُروى فى استحسان تام، ونجد أفعالاا لاأخلافية نستنكرها لو جاءت فى سياق آخر لكن المؤمنين يستسلمةن لها لأن التوراة تبررها,
المسيحية أيضا كما تعتنقها الكاثوليكية والأورثوذوكسية والپروتستانتية تكوّنت على مدى قرون/ لكن كتابها الأساسى – العهد الجديد – تكوّن على مدى بضعة أجيال، ومع ذلك نجد فى رسائل بولس وحتى فى بعض ما فى الأناجيا الأربعة ما تجد الكنائس حرجا فى الدفاع عنه، أما آخر أسفار العهد الجديد، سفر الرؤيا، قإنه يتحدى كل محاولة لعقلنته.
كتاب الإسلام الأساسى أكثر الكاب المقدّسة وحدة، ومغ ذلك، حتى إن تركنا جانبا ما ألحِق به وصار جزءا أصيلا من التراث الإسلامى، حتى إن تغاضينا عن هذا التراث بما يضمّه من تباين وتناقض، فإننا لا يمكن أن نغفل أن الكتاب الأساسى يعكس المراحل المختلفة فى مسيرة تأسيس الإسلام. وكلنا نعرف أن "العلماء المسلمين" لا يسعهم إلا التسليم بأن "القرآن حمّال أوجه"، فهم لا يملكون التهوين من مرجعية هذه المقولة.
لذا فإن أى محاولة لاستخلاص صيغة نقيّة لأىّ دين تكون مقبولة لكل أتباع ذلك الدين هى بالضرورة محاولة محكوم عليها بالفشل،/وكل جهد فى هذا السبيل جهد ضائع.
السبيل الوحيد لمقاربة الأديان مقاربة عقلانية هى أن ندرس نشأة الأديان وتطوّره دراسة تاريخية موضوعيو لنتقصّى ما فيها من إيجابيات وسلبيات، ونتبين ما فيها مما كان يصلح لزمانه أو كانت تمليه ضرورات زمانه ولم يعد يصلح لزماننا. وهذا بالضرورة يعنى إسقاط مقهوم قدسية النص الدينى. الدراسة العقلانية للدين لا يمكن فصلها عن نقد النص الدينى والمفاهيم الدينية.
لا يمكننا عقلنة الدين، أى دين، إذا بدأنا بقبول مسَلـّمات المعتقدات الدينية، ولهذا فإن تجريم ما يسمّى بازدراء الأديان ينقض من الأساس أى محاولة لعقلتة الدين لأنه يمنع نقد المسَلـّمات العقائدية. فمن يحاولن عقلنة الدين، أى دين، من داخل الدين، يحرثون فى البحر.
نقد المسَلـّمات العقائدية ضرورة لتحرير العقل، وتجريم ازدراء الأديان يناقض مبدأ حرية الفكر وحرية التعبير.
علينا أن نعمل على إسقاط تهمة ازدراء الأديان إذا أردنا لعقولنا أن تتحرّر وإذا أردنا لمجتمعاتنا أن تلحق بركب الحضارة الإنسانية.
القاهرة، 14 أبريل 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24