الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار وانتخابات الرئاسة

سمير الأمير

2014 / 5 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يبدو أن رفاقنا فى اليسار المصرى مصرون على إكمال دورة الانقسام حول أى شىء دون النظر لكونه تكتيكى أو استراتيجى ، وعلى الرغم من كثرة ما صدعنا به أنفسنا من كلام - لا يجاوز الشفاه- حول الصراع الرئيسى والصراع الثانوى ،ورغم دقة توصيفنا لمراحل الثورة الوطنية الديموقراطية وموقفنا من انتفاضتى يناير ويونيه اللتين كانتا تعبيرا عن التوق للحرية فى موجتها الأولى ورفض الإرهاب والتخلف فى موجتها الثانية تلك الموجة التى عبرت عن احتشاد كل المصريين من كافة الطبقات والاتجاهات ، ولا أغالى حين أقول مصر بكل أبنائها النبلاء والمناضلين وبكل أبنائها الريعيين الفاسدين الذين أوصلونا لما حدث فى انتفاضة يناير،
أى أن انتفاضة 30 يونيه ضمت تناقضات ربما تكون فى غالب الأمر رئيسبة وتعبر عن مجمل الصراع الطبقى فى سياقات كثيرة أخرى ، لكن ذلك تم تجاوزه عمليا أمام دخول عنصر جديد هو الرغبة فى النجاة من مصير سبقتنا إليه دول كبيرة كالسودان والعراق وسوريا ودول صغيرة كليبيا والصومال أى أن الطوفان كان جارفا لدرجة جعلت الرغبة فى تجاوز حكم الإخوان رغبة عامة جارفة لجموع المصريين ،بالإضافة إلى مؤسسات الدولة التى تم التآمر عليها لحساب المشروع الأمريكى وطبعا كان الجيش المصرى فى مقدمة تلك المؤسسات من حيث كونه العمود الفقرى للبلاد بحكم احتفاظه النسبى بنظم وتراتبية جعلته يشكل نواة صلبة نتيجة لإدراكة المعنى الحقيقى للدولة المصرية الحديثة ، اذ كان له الدور الأساسى فى انشائها منذ نشأته فى عهد محمد على ،ثم ثورة عرابى ومرورا بناصر و نكسة 67 التى وجهت ضربة إلى الجيش مستهدفة القضاء على مشروع الدولة بأكمله ، وكان انجاز الجيش والشعب فى حرب أكتوبر انذارا لقوى الهيمنة بعودة الدور المصرى مما دفع بالتعجيل بإنهاء هذا الدور عبر السيطرة على القيادة السياسية المصرية فى إطار كامب ديفيد ثم ما جرى فى عهد مبارك إذ شهد ذلك العهد البائس عدوانا من جانب طغمة مبارك وعائلته على الروح والثقافة والتاريخ وكل ما يمكن أن يشكل ملامح هذا البلد العظيم ،
فى هذا السياق علينا أن نعلم أن اتجاه القوات المسلحة لبناء قاعدة اقتصادية --وهو الأمر الذى أقلق بعض قصيرى النظر-- لم يكن سوى مقاومة من جانب هذه المؤسسة الوطنية لما أوقعته فيها الإدارة السياسية للبلاد التى باعت القطاع العام وهو القطاع الذى لولاه ما أنجز الجيش معركة العبور ، من ثم فإن بناء مؤسسات الجيش الاقتصادية كان عبقرية مصرية لمحاولة البقاء فى عالم تباع فيه كل إمكانات البلاد بدعوى الاستثمار ( لا علاقة هنا لكلامى بمن يراقب النشاط الاقتصادى ومن يحصل على مكافآت كبيرة أوصغيرة لأن ذلك فى تقديرى ليس هو جوهر الموضوع ) ولكن خلاصة الأمر أن الإخوان تعهدوا للأمريكان بما لم يفعله حسنى مبارك نفسه ( القضاء على الجيش وهى مصلحة مشتركة) ومن هنا كان التحام الجيش والشعب بكل طوائفه وطبقاته ومتناقضاته دفاعا عن البقاء و تلكم هى حكمة البسطاء المصريين الذين يفشل اليسار المصرى دائما فى التعلم منهم رغم أنه من المفروض أن يكون معبرا عنهم! ، لقد تخلص شعبنا من حكم كان سيجعلنا نعوى فى الصحراء بحثا عن مأوى أو عما يقيم الأود بعد أن يكون المصريون قد خاضوا فى دماء بعضهم فى شوارع القرى والمدن ، لا أريد أن يتهمنى أحد بالمبالغة لأن أى متابع للمجريات يعلم أنه لولا تدخل الجيش فى 3 يوليو ومع وجود الحشود هنا وهناك كان لابد وأن تحدث الكارثة ، إذن نحن نحتاج لتلك الرؤية التى تحترم اختيارات البسطاء والتى تعبر عن حكمة البقاء واليسار هو اكثر المدارس احتياجا لذلك إذ عليه أن يكون أمام جماهيره لتطوير مواقفها فى الاتجاه الصحيح وليس فى مفارقتها والتعالى عليها ويتوقف عن عشق الانقسام حول كل مسألة بغض النظر عن أهميتها ويؤمن بتعدد الرؤى فلدينا من يرى أن انتخاب عبد الفتاح السيسى يشكل دعما لعودة النظام السابق ( وهو ما يعبر عن سذاجة واضحة إذ أن النظام السابق لم يسقط أصلا، فضلا عن أن النظام السابق هو الذى قاد الانتفاضتين لأن كبار منظرينا كانوا يتشدقون بعبقرية عدم وجود قيادة ( للثورة المصرية) ولدينا من يرى أن انتخاب صباحى يعيد الإخوان لصدارة المشهد!! ولدينا صباحيون يخونون سيساويين وسيساويون يخونون صباحيين وتلك هى الكارثة الكبرى التى تثبت أن طبيعة الاستبداد لا تخص الحاكم فقط بل إنها سابحة فى الدم كالبلهارسيا،
فى ضوء هذه الرؤية التى أعتقد أنها صحيحة ولكنى على استعداد طبعا لتعديلها إن ثبت أنها قاصرة، فأننى أجمل الأمر فى أن الانتخابات الرئاسية هى فى حد ذاتها خطوة بالغة الأهمية والمشاركة الكثيفة فيها واجب وطنى عظيم ومهم ولكن الانقسام حولها لا يعبر عن الصراع الطبقى فى جوهره وإنما هو امتداد لمسالة ( النجاة) من المصير الذى تحدثت عنه – ولكن للأسف انقسمت أحزاب اليسار المصرى حول أمر كان من المفترض أن يكون الخلاف حوله خلافا ثانويا ومن هنا فأننى أرى أن الأحزاب والقوى السياسية والمثقفين لا يجب أن تستغرقهم مسألة من سيأتى رئيسا إذ أنه لا يهم من سيأتى ليحكم مصر طالما سيكون ذلك من خلال الدستور والقانون فالدستور ( حصريا)هو المكسب الوحيد لانتفاضتى يناير ويونيه حتى الآن ،إذ لم تتحقق أى من أهدافهما وبالفعل هناك بعض الإشارات الدالة على نية لتعديل بعض المواد التى تحد من سلطات رئيس الجمهورية بعد الانتخابات البرلمانية و فى هذا الصدد فإن الانتخابات البرلمانية أهم بكثير من الانقسام حول اسمى المرشحين وموقف اليسار المصرى هنا يذكرنى بقول محمود درويش " أكلما نهدت سفرجلة نسيت حدود قلبى والتجأت إلى رصيف كى أحدد قامتى؟ " من هنا فإن معركتنا هى الحفاظ على الدستور الجديد الذى يجرى بالفعل انتهاكه بينما نشغل أنفسنا بتحديد قامتنا بطفولة مضى وقتها لمعرفة من أطول من من ؟ وفى هذا الصدد يصبح تشكيل جبهة عريضة لحماية الدستور تكون حاكمة فى تشكيل التحالفات فى الانتخابات البرلمانية وبناء المنظمات الجماهيرية هو الضمان الرئيس لعدم العودة لحكم الفرد وفى تقديرى كمواطن يدرك حاجة مصر ليسار قوى وموحد أن اليسار عليه أن يعبر منحنى الانتخابات الرئاسية بأقل الخسائر الممكنة لأن هناك ما ينتظره فى المستقبل ، إن كان راغبا أن يكون فاعلا فى المستقبل؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا