الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات السعودية - الإيرانية إلى أين ؟

محمود جديد

2014 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


العلاقات السعودية - الإيرانية إلى أين ؟
محمود جديد
في 8 أيار / ماي / الجاري كتبت على صفحتي في زاوية خاطرة صباحية مايلي : " استعراض العضلات الصاروخية السعودية مؤخّراً في مناورات " سيف عبدالله " ليست لتحذير إيران وتخويفها فقط ، وإنّما أيضاً لتبرير المفاوضات معها في المستقبل غير البعيد ..."
ولكن المفاجأة أنّ هذا المستقبل غير البعيد جاء بسرعة ، حيث دعا وزير خارجية السعودية في يوم 13 / 5 / 2014 نظيره الإيراني لزيارة الرياض في الوقت الذي يشاء للتفاوض حول مختلف القضايا ، وحلّ أيّة مسائل خلافية إن وُجِدت ...
والأسئلة التي تطرح نفسها هنا : ماسبب اختيار هذا التوقيت ؟ وهل هذه الدعوة " فشّة خلق " كردّ فعل على أخبار سمعها من وزير الدفاع الأمريكي للرياض في اليوم الذي سبقه ؟ أم أنّ حرارة زيارة تشاك هاغل أنضجت الطبخة التي سعى الإيرانيون لإعدادها بإلحاح وبمساعدة خليجيين آخرين ؟ أم أنّ وقائع جديدة في المنطقة فرضت نفسها على الموقف السعودي الراهن ؟
تساؤلات كثيرة بحاجة إلى متابعة وتوضيح وهذا ماسأحاول المساهمة في الإجابة عنه :
كلّنا يعلم انعكاسات الثورة الإيرانية بسلبياتها وإيجابياتها على محيطها العربي والإسلامي خلال 35 عاماً ، وخاصة الدول الخليجيّة وعلى رأسها المملكة السعودية ، غير أنّ وصول أحد الشخصيات البارزة في التيار الإصلاحي داخل إيران إلى رئاسة الجمهورية فسح المجال لإحياء وتجديد ما حلُم به الرئيس الأسبق محمد خاتمي وسعى صادقاً لتجسيده وتسويقه إقليميّاً ودوليّاً ، ولكنّه لم يلقٓ-;- آنذاك الاستجابة المطلوبة التي يستحقّه . كما أنّ علاقة سلفه رفسنجاني كانت جيدة مع السعودية .. وقد شكّلت العلاقة مع الرياض ركناً أساسيّا من برنامج روحاني الانتخابي الذي حاول متابعته وتنفيذه بعد وصوله للسلطة في إيران ، وهو أصلاً ينتمي لتيّار خاتمي ، وفي هذا السياق زار وزير خارجيته معظم دول الخليج ، ولكنّ السعودية لم تستجب لرغبة روحاني فحسب ، وإنّما حاولت تصعيد الموقف ضدّ إيران واستعداء أمريكا عليها لدرجة حاولت فيها ( إسرائيل ) استغلال هذا الموقف باتجاه المزيد من التطبيع مع دول الخليج من جهة ، وتوظيفه لاستهداف المشروع النووي الإيراني والمبالغة في التهويل والحديث عن مخاطره على أمن المنطقة من جهة ثانية ..
غير أنّ إدراك روحاني لأهميّة الدور السعودي في منطقة الخليج والعالم الإسلامي وضرورته ليس لتحقيق علاقة إيرانية خليجية مستقرّة ومتطوّرة فحسب ، وإنّما لحلّ العديد من الملفّات الهامّة في المنطقة ومنها الملفّ السوري واللبناني والبحريني، والعراقي وهذا جعله - على مايبدو - يتابع الموضوع بصبر وإصرار وكما يقول البعض " بجٓ-;-لٓ-;-د حائك السجّاد العجمي " ..
ولكنّ قلق السعودية ورغباتها ليست بذي بال لدى الإدارة الأمريكية إذا كان الموضوع يدخل في دائرة المصالح الاستراتيجية الأمريكية . ومن المحتمل أن يكون ماسمعه المسؤولون السعوديون من الأمريكيين وخاصة من وزيرالدفاع تشاك هاغل عند زيارته الأخيرة إلى الرياض وبوضوح شديد وبدون أصبغة دبلوماسية ، فلا ضربة عسكرية لسورية وتحطيم القدرات العسكرية للنظام فيها ، ولا تسليحاً بصواريخ مضادة للطائرات للمجموعات المسلّحة ، ولا عقوبات جديدة على طهران ، ولا تراجعاً عن معالجة الملف النووي الإيراني بصورة سلمية ، ولا رفع الغطاء الأمريكي عن المالكي في العراق ، ولا موافقة على تصعيد الموقف في لبنان والسماح بخروجه عن دائرة التحكّم .. وبالتالي ، فإنّ السعودية عاجزة عن تحقيق أيّ شيء ذي أهمية في تلك الملفات دون دعم أمريكي مباشر ، ولذلك وصلت حيالها إلى الطريق المسدود في سياستها السابقة ، وما عليها سوى التكيّف مع الأمر الواقع ، وإعادة ترتيتب البيت السعودي بما يتطلّبه الموقف من هذه المعطيات .. وفي هذا السياق تمّ تحجيم وإبعاد بندر بن سلطان والعديد من أخوته الذين كان لهم دور بارز في رسم وتنفيذ السياسة السعودية السابقة الفاشلة ، واستخدام هذه الخطوة كمشجب لتعليق أخطاء السياسة السعودية عليه في الفترة الماضية ، هذا من جهة ، كما أنّ الخلاف السعودي القطري ، وجنوح بعض دول الخليج باتجاه تحسين العلاقات الثنائية مع إيران وخروجها عن بيت الطاعة السعودي كان له أثر في هذا التوجّه من جهة ثانية .. ويُضاف إلى ذلك قيام سلطان عُمٓ-;-ان بوساطة خاصة بعيدة عن الأضواء بين السعودية وإيران وبتشجيع خاص من طهران ، والاهتمام الخاص الذي لقيه السفير السعودي في إيران من قبل الخارجية الإيرانية ودوائر صنع القرار وتقاريره الإيجابية عن نشاطاته هناك ، وخاصّة مايتعلّق منها بمدى جدّيّة ومصداقية روحاني تجاه تحسين العلاقات مع الرياض .. وإذا أضفنا إلى هذا كلّه التطوّرات الميدانية الأخيرة في سورية ، وفشل الجهود السعودية في تغيير الموقف الروسي والصيني تجاه دعم وحماية نظام بشار الأسد ، ونتائج الانتخابات في العراق ، وعجز تيّار المستقبل في عزل ومحاصرة حزب الله في لبنان بالدرجة التي كانت مستهدفة ، ووضوح وثبات موقف النظام المصري وحساباته الاستراتيجية لأهمية الساحة السورية بالنسبة للأمن القومي المصري ، وتراجع الاهتمام العالمي بأحداث منطقة الشرق الأوسط .. كلّ هذه المعطيات التي عرضناها دفعت الرياض لإعادة تقييم سياستها تجاه النظام الإيراني ، ولكن من المحتمل أن تجري ذلك وفقاً لتوقيتات ورزنامة المفاوضات حول الملفّ النووي الإيراني ومحطته النهائية ، فإذا توصّل الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن زائد ألمانيا إلى اتفاق دائم مع إيران عندئذ ستنهي السعودية تردّدها وتسرع الخطا باتجاه إقامة علاقات جيدة مع النظام الإيراني ، ولكنّ روحاني في هذه الحالة لن يبدي الرغبة نفسها التي يبديها الآن - حسب تقديرنا- ، وسيحاول الحصول على نقاط إضافية ليست على جدول أعماله واهتماماته في هذه المرحلة .. وإذا فشلت المفاوضات الدولية حول الملف النووي وتوتّرت الأجواء الغربية مع طهران ، فلن تخطو الرياض خطوات إضافية باتجاه تحسين العلاقات معها ، وتصبح بوصلتها رصد ما يُستجّد في هذا المجال من تطورات واتخاذ التوجّه المنسجم معها ...وهذا كلّه سيترك انعكاسات سلبية أو إيجابية على الأزمة في سورية وفقاً لكل احتمال...
في : 24 / 5 / 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا