الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاز السيسي عبد الفتاح بمقعد رئاسة مصر.

الحايل عبد الفتاح

2014 / 5 / 25
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


السيسي عبد الفتاح منذ أيام ينام نوما متعثرا. لا تؤرقه النتيجة التي سيؤول لها ترشحه للانتخابات الرئاسية بمصر لنه يعلم بأنه سيفوز. فهو لم يستقل من مقعده لقائد للعسكر عبثا. فهو يعلم أنه سيفوز بهذا المقام الرفيع، مقام لا يوازيه مقام. لكن في قرارة نفسه فهو متخوف حتى من انتصاره المحتمل جدا جدا. فهو لم يعتد أن تسلط عليه أضواء السياسة ولا اعتاد أن يحكم المدنيين. فحكم العسكر سهل واعتاد عليه، فهو حكم تنظمه قواعد يعلما مسبقا وله طرق متعددة في التعامل معها...فهو إن كان مطمئنا بحذر لكل تصرف صدر من العكسر الذي أصبح لا يتحكم فيه عن قرب فخوفه من المدنيين...فحكم المدنيين أصعب من ذلك بكثير. فالمدني من الرجال والنساء المصريين لا تحكمه القواعد العسكرية التي اعتاد على التحكم فيها...فالمدني شخص مبهم التصور والتصرف لا يقبل الأوامر ولا أن يؤمر عليه...المدني يريد النتيجة لا الوسيلة...يريد الآني لا المستقبلي، يريد تطبيق القانون والعدل المدني لا العسكري. المدني ليس له انتماء ولا وطن قار ولا أفكار محددة. المدني يسير على خطى الإحتياج الآني ولا يقبل الإنتظار ولا تقبل قرار عسكري صارم...المدني متمرد من طبعه ولا يأبه بالقوة الولائية العسكرية التراتبية، خاصة إن كان ممن يسوي في قرارة نفسه بين الموت والحياة...
ما أصعب أن تحكم مدنيا ليس له وطن أو عنوان يا ولدي...
السيسي في تورطه حكم مصر يعلم أن هناك رجال ونساء أقوى منه فكريا وفلسفيا...فكيف له أن يقنعهم بعد فوزه ؟ فلحد الآن كانت القوة والقمع والجزر أدوات لحكم العسكر، أما حكم المدنيين بعد وصوله لرئاسة مصر فلا تحكمه لا القوة ولا الجزر...فكم من قائد ورئيس بتجاربه السياسية وحيله الإقتصادية فعل من الخيرات ما لا يحصى وكان مآله الإحباط والسخط العام بعد حين بل المشنقة...فكيف لشخص السيسي أن يكون أحسن منهم تصرفا ومصيرا ؟
فلندع السيسي يمنطق الواقع كما يشاء ولنسأل زوجته وأهله المقربين : هل تفهمون ماذا يعني أن يصبح السيسي رئيسا للجمهورية المصرية ؟
لا شك في أن زوجة السيسي هي من عليها التحدث قبل الآخرين. فهي بدون شك قالت وفعلت كل ما في وسعها لكفكفة تخفف زوجها. حين ينام بجانبها تشعر بقلقه الحاد ة وتنكر ذاتها لتعينه في ضبط اعصابه المتوثرة. لكنها في الحقيقة لا تدري ماذا ينتظره لأنها اعتادت على رؤية العسكر الخاضع له...أما المدنيين ممن سيأتون لبابها بعد فوزه فهذا لا تطيقه أن تتصوره. المسكينة تكفكف دجر زوجها لحظة توثره وتواسيه بما علمت من أخبار السياسة والإقتصاد والثقافة. وحين تخلد لنفسها تضع نفسها في مقام المرأة الأولى بمصر فتقع هي الأخرى في الحرج. لا تدري كيف ستتصرف مع كل المصريين بعد فوز زوجها...لو كانت الأمور بيدها لما تركته يتصرف بهذا الشكل الغريب مع مواطنيه. هي تدري بدون شك أن زوجها ورطها في مصير قضية من أضخم القضايا الإنسانية والتاريخية. فلو كان زوجها يستمع لمنطقها لما وصلت إلى هذا المقام الحرج. فهي كانت تتمنى أن ينسحب بدخل يوفر عليها عناء وصعوبة ما هو آت ويجعلها تتمتع بالحياة الزوجية السعيدة كباقي قريناتها. فهو تزوجها كعسكري لا كرئيس دولة. والفرق بين المقامين مباغث إلى درجة لا تتصور. لو استمع لقرار نفسيتها لما أقدم على مثل هذا الطموح الجامح الذي يختلجه. كان بودها أن تقوق له : حكم مصر ليس بالسهل ولا بالهين حكم مصر ليس كحكم العسكر. حكم مصر سيجعلها تغمض عينا وتتبقي أخرى مفتوحة في انتظار عودة زوجها الطموح. لن يكون لزوجها الوقت ليقبلها قبلة السعادة التي اعتادتها. هي لا تجرؤ على التصريح بكل هذا لزوجها لأنه قرر في غيبتها وبدون استشارتها....لحسن الحظ لم ينتبه غالبية المصريين المغفلين لكل هذا. فهم مشغولون كزوجها بالسلطة ومن له الحق ومن هو شرعي ...فما عليها إلا أن تسايره بأفكاره...هي تعلم أن موقع زوجها لا يحسد عليه. فهو مثلها، في كل يوم، يردد في فكره زمرة الأسئلة. فهي تتساءل : من سيكون بجانبه ومن سيكون ضده بعد فوزه...وفوق كل هذا فهي تتغاضى عن كونها في الظل السحيق...هي تعلم أن كل رؤساء العالم يقدمون أزواجهم ليبدوا محترمين وعاديين ومعترفين بجميلهن؛ أما هو فلا هو استدعاها للحضور بجانبه في ندوة أو تجمع ولا أعطاها ما تستحق من المقام...ورغم ذلك فهي تقبل الوضع كما يراه هو. فهو ينكر جميلها وهي الساهرة على طموحه...
فعلا غالبة المصريين والمصريات وحتى الصحفيين والصحفيات المغفلين ومن ضمنهم من يتشذلق بحقوق المرأة، لم يسألوا الرئيس السيسي : هل أنت متزوج ؟ وكم لديك من الأولاد ؟ وهل تستشير زوجتك وأولادك قبل أن تقبل على قرارا يمس مستقبلهم ؟ ولماذا لا تجرء على إظهار زوجتك خلال مناظراتك ومقاماتك السياسية ؟ هل تحتقر زوجتك أم تحترمها ؟ وماذا يمنعك أن تقدم زوجتك للمصريين ؟ وهل ترك لها العسكر دخلا بعد استقالة زوجها من جماعة العسكر ؟
عجبا، المصريون يولون عليهم رئيسا لا صفة له ولا هوية. كل ما يعرفون عنه هو أنه كان رئيس العسكر ككل وبعدها أصبح رئيسا لمصر.
لا جواب عن كل هذه الأسئلة الساذجة لأن السيسي له نظرة أخرى للمرأة ونظرة خاصة لزوجة الحبيبة. فهو لا يخلط بين مقامه كزوج ومقامه في أعلى كرسي في الدولة المصرية. فلكل مقام مقال. فهو في حرب لم تنتهي ولا يريد أن يحشر أهله فيها. الزوجة في البيت ولا دخل لها بطموحاته وعمله اليومي...فهي تأكل وتشرب وتتمتع بمقامه كرئيس دولة يتحكم في كل شيء في مصر...وكفى نساء العرب مقاما في غيبة وحرية الرجل...
فلنترك زوجة السيسي جانبا ولنعد للسيد رئيس مصر، السدة العالية بالله، المشير والجنرال السيسي أطال الله عمره وسدد خطاع لما فيه خير لمصر والأمة العربية جمعاء.
السيسي في حرج لا يمكن أن يتصوره من هو في يقين المحتمل أو في فضل الثورة المضادة. السيسي لن يستطيع أن يعبر عن هذا الحرج لأنه يريد أن لا يظهر مظهر الضعيف المستفاد من رئاسته لأنه محتاج للحجر والثراب في هذه المرحلة من حياته التعسة. فهو محتاج لمن يؤيده ويعينه على تحقيق طموحه سواءا كان هؤلاء متملقين أو مستفيدين أو وصوليين. كلهم مهمون في تحقيق هذفه وهو الوسيلة. هدفه يساير هذفهم، وطموحه يتزاوج مع طموحهم. فهو يتملق لهم وهم يتملقون له. يساعدهم على إخفاء ما صدر منهم قبل ثورة 25 يناير وهم يخفون ما صدر منه بعدها. وحين تلتقي المصلح تتآلف القلوب وتطمئن وويل لمن يخالف هذا الرأي...
قناعات السيسي لا يعلم بها إلا خصومه. فهو يستعين بأفراد الثورة المضادة ليبلغ هذفه ألا وهو حكم مصر. هذا مع علمه أنهم ينصرونه لنصرة مناصبهم والحفاظ على أموالهم...لكن في الحقيقة فهم لا يعلمون ماذا ينتظرهم بعد أن استولى على حكم مصر. فهو متيقن من أنه سيغربل من يحيط به غربلة ما ألفه من قواعد حكم العسكر... سيصفي صحفيين وقضاة وسياسيين بطريقة لن تخطر لهم على بال. أما عامة الشعب المخدوعون فسيصفي حساباتهم كما صفاها من قبل مع غيرهم بالقوة والسلاح. فالعامة لا تؤمن ولا تخضع إلا بالقوة والحديد و"المفكرون" لا يتبعون الموجة إلا بتمكينهم من المال والجاه...
السيسي قال في قرارة نفسه ذات يوم قبل أن يصبح رئيسا لمصر : سدج هؤلاء وأنا ذكي؛ سأستعمل العسكر والصحفيين والقضاة وبعدها سأصفي حسابي مع من لا يحبني عن حق، ألست أنا ذكيا ؟ ألست أنا من يوجد في قمة الهرم الفكري ؟
كل هذا يجعل من السيسي رجلا حذرا ومستبصرا وخائفا من زعامة مصر. نعم هو خائف رغم علمه اليقيني بأنه سيفوز بمقعد الرئاسة. فهو خائف في قرارة نفسه من مواجهة المصريين. وله الحق في التخوف مما سيحدث بعد فوزه...لأنه لا يفقه في السياسة ولا في الإقتصاد ولا في تسيير دولة أو جماعة مدنية... ( الحايل عبد الفتاح محام)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات جامعة إيموري.. كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة الأم


.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام