الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرج فودة و نقد الإسلام السياسي المعاصر 1-2

حسام الحداد

2014 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يرى فرج فودة أن اعتبار تيار الإسلام السياسي المعاصر في مصر تيارا واحدا هو "خطأ شائع،" فهو يقسمه إلى ثلاثة تيارات مختلفة هي:
التيار التقليدي: ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في العشرينيات والتي – رغم اعتدالها الظاهري – ينبئ تاريخها في مصر بلجوء بعض أجنحتها إلى "اغتيال المعارضين في ظل الأنظمة الديمقراطية أو قلب نظام الحكم في ظل الأنظمة الشمولية. ورغم رفض مؤسسها حسن البنا تحول الجماعة إلى حزب سياسي، إلا أنها الأكثر تنظيما ومشاركة في الحياة السياسية منذ دخولها مجلس الشعب لأول مرة عام 1984.
التيار الثوري: ويتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة التي نشأت في أواخر الستينيات، وهي تعتقد بجاهلية المجتمع وترفض الدستور والديمقراطية وتؤمن بالعنف كأسلوب وحيد للعمل السياسي.
التيار الثروي: ويتمثل في أصحاب الثروات المتضخمة التي تكونت نتيجة للعمل في المملكة العربية السعودية أو في مصر بعد الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات.
وبصورة عامة، فيمكن اعتبار العديد من كتب فرج فودة دراسات تفصيلية للتيارات الثلاثة، "فحوار حول العلمانية" (1987) هو نقد للتيار التقليدي، و"الإرهاب" (1988) نقد للتيار الثوري، و"الملعوب" (1985) نقد للتيار الثروي وتحذير من أثر بيوت توظيف الأموال الإسلامية على الاقتصاد المصري وتدمير مدخرات المصريين وإضعاف السيولة اللازمة للاستثمار وإبخاس قيمة الجنيه المصري. كذلك يعتبر كتابه "النذير" (1989) تأريخا لحركة هذه التيارات الثلاثة والتي بدأت منفصلة شبه متناحرة في انتخابات 1984، ثم متحالفة في انتخابات 1987، ولفشل تعامل الحكومات المصرية مع هذه التيارات.
ومع تزعم أحزاب "التحالف الإسلامي" للمعارضة في برلمان 1987، حاول فرج فودة توثيق تصريحات أعضاء هذا التحالف بحثا عن برنامج سياسي لهم، من مثل رفض إبراهيم شكري (1916-2008) رئيس حزب العمل الاشتراكي لمناقشة الميزانية في البرلمان "لوجود بنود فيها محملة بوزر الفوائد الربوية وموارد المشروبات الروحية،" مما يعني بالضرورة فرار الحكومة من المساءلة، واقتراح مصطفى كامل مراد (1927-1998) حل المشكلة الاقتصادية بالبحث عن كنز قارون في الفيوم، وطلب الحمزة دعبس (1936- ) مرشح التحالف عرض الإسلام على السفير الإسرائيلي فإن رفض فالجزية فإن رفض فالقتل، ودعوة الشيخ يوسف البدري (1938- ) مرشح التحالف إعلان الحرب على بلغاريا وإسبانيا لأنهما من بلاد المسلمين المغصوبة، وهي كلها الآراء التى تنم في رأي فرج فودة عن افتقار التحالف لبرنامج حقيقي.
يرى فرج فودة أن انعدام وجود برنامج سياسي لدى أنصار التيار الإسلامي هو أكبر الأخطار على مستقبل مصر. وهو يعزيه فكريا إلى قصور فكر الاجتهاد لدى أنصار هذا التيار: "هذه الدولة الإسلامية تحتاج إلى برنامج سياسي يعرض تفصيلا وتأصيلا للعموميات والجزئيات، وأنهم أعجز من أن يصيغوا مثل هذا البرنامج أو يتقدموا به، وأنهم يهربون من الرحى برميها فوق رؤوسنا، داعين إيانا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تقودنا بالحتم إلى دولة دينية إسلامية، نتخبط فيها ذات اليمين وذات اليسار، دون منارة من فكر أو اجتهاد مستنير، وليحدث لنا ما يحدث، وليحدث للإسلام ما يحدث، وما علينا إلا أن نمد أجسادنا لكي يسيروا عليها خيلاء، إن أعجزهم الاجتهاد الملائم للعصر رفضوا العصر، وإن أعجزهم حكم مصر هدموا مصر."
التجربة الإيرانية
اعتبر فرج فودة أن نمو الإسلام السياسي في مصر هو "جزء من اتجاه عام في جميع البلاد الإسلامية الآن يمكن أن يطلق عليه اسم الثورة الإسلامية،" وأن "هذا الاتجاه العام، بنجاحه في إيران، قد أحدث انقلابا جوهريا في أساليب ووسائل الأحزاب السياسية الإسلامية في العالم الإسلامي، حيث طرح منطق الثورة الشعبية، أو التغيير العنيف، كبديل لأسلوب التعايش مع النظم الديمقراطية والعمل في ظلها، كما أنه أحيا الآمال في نفوس أنصار هذه الاتجاهات في جميع البلدان الإسلامية."
رأى فرج فودة أنه باستثناء الاختلاف الفكري بين الشيعة والسنة فيما يتعلق بنظرية الإمامة ومدى اختلاط أمور السياسة بالدين، فإن الظروف الموضوعية الممهدة لإنشاء الدولة الدينية الإسلامية في كل من مصر وإيران تكاد أن تتطابق:
تمثل إيران مركز القيادة للعالم الشيعي لأسباب تتعلق بالقيادة الفكرية والثقل السكاني، رغم وجود المقدسات الشيعية في العراق. وهو نفس موقع مصر في العالم السني بالمقارنة بالسعودية ولنفس الأسباب. وإذا كان اختراق الحكم الديني للعالم الشيعي لا بد وأن يبدأ بطهران، فإن اختراق العالم السني لا بد وأن يبدأ بالقاهرة.
نمو الكيان الاقتصادى المستقل للتيار السياسى الديني نتيجة لما يدفعه الشيعة طواعية للقيادات الدينية كنسبة من أرباحهم في إيران، ولنمو التيار الثروي في مصر.
تمثل الأحياء الفقيرة مرتعا خصبا للتطرف السياسي الديني، وقد لعب سكان هذه الأحياء الدور الرئيسي فى الثورة الشعبية التى اجتاحت قلب طهران. وتمثل القاهرة صورة كربونية تتطابق مع طهران.
ميل الإدارة الأمريكية لسياسة احتواء الثورة الإسلامية في إيران التي قادها وزير الخارجية فانس بدلا من سياسة المواجهة التي دعا إليها بريجينسكي مستشار الأمن القومي. ولقد انتصر تيار الاحتواء وانتهى إلى ما انتهى إليه الحكم المدني فى إيران. وتميل الولايات المتحدة إلى سياسة الاحتواء أيضا بالنسبة للتيار السياسي الديني في مصر.
اعتمدت الثورة الإيرانية على المليشيات الشبابية المسلحة (أقل من 30 عاما) مثل الحرس الثورى، حيث يسهل توجيه طاقات الشباب إلى عنف التغيير، والذى يحقق ذاته من خلال الارتباط بقيم مثالية عليا، والذى تدفعه مشاكله الحياتية المعقدة (أزمة السكان - البطالة - عدم القدرة على الزواج) إلى تدمير الهياكل القائمة المسئولة عن هذا كله، ومحاولة بناء مجتمع جديد تسوده شعارات غير محددة وغير تفصيلية. وتعتمد الجماعات الإسلامية في مصر على الشباب أيضا.
أجاد التيار السياسي الديني في إيران استخدام منابر المساجد من خلال أئمة المنابر المسيسين، كما أجاد توجيه حرب الكاسيتات. وهو ما حدث في مصر منذ نهاية عصر الرئيس السادات، مثل شرائط الشيخ عبد الحميد كشك (1933-1996) والذي أطلق اسمه على أحد شوارع طهران.
اعتماد السلطتين، الشاه في إيران والرئاسة في مصر، على الجيش كصمام أمان أخير إذا عجزت الشرطة عن احتواء الخطر. غير أن درس الثورة الإيرانية أوضح أن أقوى الجيوش التى عرفها تاريخ المنطقة، وأرقاها تسليحا، وأكثرها ولاء للحاكم، وأبعدها ارتباطا بالظاهرة الدينية، وأكثرها ارتباطا بالقيم والدول المتحضرة، عجز تماما عن الحركة فى مواجهة شارع أعزل حين تعدى نمو التيار حدا معينا، أصبحت بعده تكلفة الاستخدام مع إمكانياته وقدرته أكبر بكثير من نتائجه.
خطأ اليسار في البلدين، والذى يتصور أنه في خندق واحد مع التيار السياسي الديني في مواجهة الإمبريالية والصهيونية والنظم العميلة، ويمتد نظره إلى مرحلة تقسيم الغنائم بعد سقوط النظام، وهو ما فعله حزب توده الشيوعي وحركة مجاهدي خلق اليسارية فى إيران ، وهو نفس ما فعلته بعض القيادات اليسارية المصرية مثل وضع حزب التجمع المطالبة بتطبيق الشريعة على رأس مطالبه.
وطالب فرج فودة بأن يعرض التليفزيون المصري "واقع الحياة السياسية في الدول التي تطبق ما تدعي أنه النظام الإسلامي" على الرأي العام لتحذير الناس من أخطار الدولة الدينية: "هم يصورون للشباب أن الدولة الدينية فردوس على الأرض. وفي المقابل لماذا لا تعرض ملفات الحكم الإيراني والإعدامات دون إجراءات والتعذيب دون ضمانات على الرأي العام؟"
ولهذا، وبالرغم من معارضة فرج فودة القوية لغزو العراق للكويت، إلا أنه رأى أن "انهيار العراق الشامل ليس في مصلحة أحد، وليس بالتحديد في مصلحة مصر، ولا في مصلحة دول الخليج، بل إن وجود صدام حسين الآن، برغم كل مساوئه وأخطائه، أهون بكثير من البديل المتاح حاليا، وهو قيام حكم شيعي في العراق أو في جنوبه."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال مسروق
أمير يس ( 2014 / 6 / 17 - 19:53 )
هذا المقال أيضا مسروق من الويكيبيديا فقد نشرته هناك في نوفمبر 2013.

اخر الافلام

.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر