الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذي يدفع عن الدين المُتهِم بالعلمانية ام المُتهَم بها؟

عمر أبو رصاع

2014 / 6 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العلمانية في اوربا المسيحية كانت حلاً لا بد منه للتصدي للكهنوت الديني، نعم وباعتراف الكنيسة لاحقاً كانت الاخيرة تمارس نفوذها الكهنوتي وسلطتها لتقف عائقاً في وجه التقدم والتمدن، فلم يجد المجتمع بداً من اخذ نفسه بعلمانية تكف يد المؤسسة الكهنوتية عن اجهزة الدولة ومؤسساتها.
عند المؤمنين برسالة محمد خاتم الانبياء والرسل الاصل أنه لا توجد لا رهبنة ولا مؤسسة كهنوتية كالكنيسة، الاصل ان الدين للجميع وللجميع الحق في ان يقرأ كتاب الله وان يفهمه وان يدافع عن ذلك الفهم وان تقابل الحجة فيه بالحجة لا بالإرعاب ولا بالاتهام في العقيدة، وان يعتقد الانسان بما يشاء دون ان يجد من يكرهه على فهم أو حتى ايمان معين، لأن الحكم على ذلك لله ولله وحده، فالأصل إذا ان مجتمع يمثل المسلمون المؤمنون اغلبيته ليس بحاجة لتبني العلمانية والدفاع عنها، أما وان البعض يتهم من يدافع عن تلك القيمة العظيمة وهي الحرية في الفهم والاعتقاد التي ارسى كتاب الله قواعدها بالعلمانية، فنقول له ان كانت هذه هي العلمانية فاعلم بانك تعادي ما حاول الخطاب الإلهي نفسه تكريسه كما نفهم منه مباشرة، فالذي رفض الكهنوت ورفض الوصاية على عقول وضمائر البشر باسم الله ليس من تصفهم بالعلمانيين وإنما الله سبحانه عندما انكر ذلك على نبيه نفسه رغم ان معه الحق فقال عز من قائل: {ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}.
وإذا كنا ازاء ادارة اجهزة الدولة والتشريع وبشكل اكثر دقة معرفة وفهم حدود الله وشرائعه، وكانت تهمة العلمانية موجهة ضد من يطالب بفتح باب الاجتهاد المغلق، وضد من يرفض ان يقزم عقله ووجدانه وتقزم قدراته ومعارفه لتوضع دون اناس من بني آدم اجتهدوا واخرجوا للناس فهمهم وعلومهم في العصور الوسطى، وضد من يقدم قراءته واجتهاده وفهمه فأهلا ومرحبا بها تهمة، لأن شريعة الله جعلت المحرمات في اضيق الحدود وفتحت الباب واسعاً على قواعد عامة اغلب موضوعات التشريع فيها مصالح مرسلة واصل الاشياء فيها الاباحة، وتركت للمشرع الارضي ان يعمل في ذلك الاطار ويجتهد للمجتمع فيخدمه لأن ارادة الله العليا هي خير الانسان وسعادته وتقدمه ورفعته، ولم تقبل من الانسان ان يتذرع بغيره أو ان يبرر قصور قدرته وفهمه بتحميلها لآخر يتبعه، ولم تقبل من الانسان ان يعول على غيره فيسلمه عقله، ولم تجعل فهم الدين منوط بجماعة دون غيرها ولا جهة دون أخرى كما يتمنى الكهنوتيون في كل ارض وفي كل دين.
اقول: لا اجد مبرراً لتبني العلمانية في مواجهة كتاب الله، ببساطة لأني لا اجد فيه ما يلجئني إليها، فلا هو اعطى امتياز الدين لاحد على حساب آخر ولا هو قصر الفهم على جهة دون اخرى، ولا هو اسس لقواعد الكهنوت ولا انتج كنيسة ولا جماعة اكليريكية كهنوتية تنطق باسمه دون العالمين، فما حاجة المؤمن بالخطاب الإلهي الذي جاء به محمداً اصلاً للعلمانية؟! اما إذا كان التصدي لمن يعاندون الخطاب الإلهي ويسيؤون فهمه، ويحرصون على انشاء كهنوت وتصنيف الناس على ضفافه، وتنصيب انفسهم اوصياء ينطقون بما يريد الله وبما لا يريد، هو العلمانية عندهم فأهلاً بها تهمة، اهلاً بها دفاعاً عن ما نفهمه من الخطاب الإلهي وما صرح به في اطار الدفاع عن حرية العقيدة وحرية العبادة وحرية الفهم والاجتهاد والعمل، دفاعاً عن صلاحية نعتدها في الدين لكل زمان ومكان، دفاعاً عن ان لا يكون لأي جهة أو فرد الحق في ان يحاكم ضمائر الناس ويقرر نيابة عن الله من هو المؤمن ومن هو غير المؤمن، انها حرب الفكرة الحرة حرب اسس لها خطاب الله سبحانه ضد التأله مع الله وضد الإشراك به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24