الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الدولة الإسلامية ج1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2014 / 7 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وهم الدولة الإسلامية

تكلمنا في مرات سابقة عن عجز المجتمع الإسلامي أن يقدم نموذج لتجربة إسلامية في الحكم ولا أبالي إن قلت أم كل التجارب لم تمثل شيئا مهما تجاه ما قدمه الإنسان خارج إطار الدين ,وفي الحال لو أخطأ الإنسان في تصوراته وتطبيقاته التي ينسبها لنفسه فإنه يقول حقيقة وينطق بالصدق أما أننا نخوض تجربة شخصية بشرية وننسبها لله وبعدها نحمل الرب والدين مسئولية أخطائنا فإننا بذلك نشارك في جريمة لا داع أن تقوم أصلا ولا مصلحة لأحد من المتدينين أن تثار لترتد على دينه بمردود عكسي .
التصور الذي يستند عليه دعاة الدولة الإسلامية وهنا نورد مثال معاصر تقريبا حتى لا نوغل في الماضي أكثر يبين المفهوم بما يجلي الغموض عن المراد السياسي من مفهوم الدولة في الإسلام طبعا من وجهة نظر محافظة (قال العلامة ابن القيم في الطرق الحكمية : الله سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط ، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات ، فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان فثمَّ شرع الله ودينه ، والله سبحانه أعلم وأحكم وأعدل أن يخص طرق العدل وأماراته وأعلامه بشيء ثم ينفي ما هو أظهر منها وأقوى دلالة وأبين أمارة فلا يجعله منها ولا يحكم عند وجودها وقيامها بموجبها) إذا المطلوب هنا القسط وهو العدل الكامل الذي يرسي دعائمه القانون دون غيره إذا كان منضبطا برؤية كونية إنسانية تتوازن مع الطبيعة وتحافظ على قيمة الإنسان .
ويستمر صاحب النظرية في شرح المقصود الغائي من إقامة الدولة فيسرد تصوراته عنها (بل قد بين سبحانه بما شرعه من الطرق أن مقصوده إقامة العدل بين عباده ، وقيام الناس بالقسط ، فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدين وليست مخالفة له ، فلا يقال : إن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع ، بل هي موافقة لما جاء به ، بل هي جزء من أجزائه ، ونحن نسميها سياسة تبعا لمصطلحهم ، وإنما هي عدل الله ورسوله ظهر بهذه الأمارات والعلامات) يختصر الرجل كل ضرورات الدولة الإسلامية بالعدل والقسط أي المساواة في التطبيق أما إذا كان الهدف يتحقق بوسيلة أخرى فلا يعد هذا مخالفة شرعية لدين الله بل هي أصلا كما يقول علامات عدل الله.
لم يتطرق أحد على بيان السند التشريعي الحقيقي لقيام الدولة كما يقولون والواصل إلينا منهم مجرد رؤى شخصية تعبر عن قراءات مختلفة للفكرة العمومية وهذا الحال لا يمنح الفكرة شرعية ولا يمنحها قوة الدعم المناسبة لأن تكون حقيقة لا جدال فيها .
في رؤية متقدمة يوضح يعض الباحثين حقيقة مهمة وهي عملية الخلط الى مبررة بين وظيفة الرسول الإبلاغية وبيت تجربة الحكم وشكل الدولة (فالرسول وهو على رأس الدولة في التجربة التاريخية ، كان يقوم بوظائف وأدوار بوصفه رسولا ونبيا ، وليس بوصفه رئيس الدولة عملية الخلط على هذين الصعيدين ، هو الذي أربك الرؤية تجاه مفهوم الدولة في التجربة التاريخية الإسلامية وحتى تتضح رؤيتنا في هذا السياق ، من الضروري أن نحدد وظائف الدولة كمؤسسة وهياكل إدارية بعيدا عن المهام والوظائف الدعوية والدينية والأخلاقية التي كان يقوم بها الرسول بوصفه رسولا ونبيا والقرآن لا يصف دولة ، بل وصف مجتمعا وإذا ما كان القرآن أفقه الفقه والفقيه ، فلا يجوز للأخير أن يتخطاه) .
القول الثاني أكثر صدقا وتصريحا من الرأي الأول ويتعاضدان في نقطة مهمة أنه لا أساس حقيقي يوجب على المسلمين التقيد في صياغة دولة يقودها الدين بل الأحرى أن يتحرر المسلمون من هذا الوهم لينطلقوا مرة أخرى لفهم الدين كونه عامل ترقية عقلية وإرشاد سلوكي يتكامل مع العلم والمعرفة في رفد الحياة البشرية بأسباب الرقي والتطور والإزدهار بدل أن يكون تدخل الدين وتشعب القراءات وتوزع ولاءات المسلمين على كل قراءة محط أستهجان وأختلاف وتنازع يخسر فيه المسلم الكثير من فرصة المحدودة في عالم تتسارع الخطى فيه للغد وما زلنا نتخاصم في أول تجربة ونتائجها المرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال