الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لفهم الوضع الطبقى الراهن فى مصر

ممدوح مكرم

2014 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


حتى نستطيع تغيير الواقع ، يجب علينا كماركسيين أن نننطلق من الفهم الجدلى/ الديالكتيكى لهذا الواقع ؛ بدون ذلك سنتخبط كما يتخبط الآخرون ، و بتقديرى المتواضع أن البداية تكون من معرفة وقراءة الخريطة الطبقية قراءة علمية ؛ مبنية على أسس نظرية مستقاة من المادية التاريخية ( علم تطور المجتمعات) ..ولكن يجب أن يأخذ فى الحسبان أنه لا توجد مقولات أو أحكام جاهزة مسبقا فى الذهن ؛ القراءة تبدأ من الملموس و الواقعى ، وهذا ما تعلمناه من كارل ماركس و فردريك أنجلز و باقى مؤسسى و مناضلى الإشتراكية العلمية ، ليس هذا فقط بل ربط المادية بقسميها ( المادية الجدلية ، و المادية التاريخية) بكافة فروع العلوم الإنسانية ؛ التى يتناول كل منها جزءا من نشاط الإنسان الإجتماعى ( علم الإجتماع، و السياسة ، و التاريخ ، و الفلسفة ، و الإقتصاد ....إلخ.
عندما نطبق ذلك على الوضع فى مصر ؛ سنجد أنفسنا أمام خارطة طبقية / إجتماعية شديدة الصعوبة فى فهمها و التعاطى معها و هذا عائد إلى :-
1- التطور الإجتماعى الخاص بمصر عبر الحقب التاريخية المختلفة ..يحتاج إلى قراءة معمقة للوقوف على فهم حقيقى للتشكيلات الإقتصادية - الإجتماعية وهى مثار جدل نظرى بين الماركسيين ( هل هو نمط إنتاج خراجى ..أم شرقى .. أم إقطاع شرقى)
2- نشاة الرأسمالية المصرية و جذورها ؛ التى خرجت من أحشاء الإقطاع فتشبعت فى بنيتها ببعض خصائص الإقطاع وهذا واضح بشكل جلى و ظاهر فى سيادة فكر و ثقافة القرون الوسطى ( أيديولوجية الإقطاع)؛ يضاف إلى ذلك دور الإستعمار / الإمبريالية فى عملية كبح التطور الطبيعى للتطور الإجتماعى فى مصر ؛ بما فيها حدود وسقف الرأسمالية المصرية..
3- نتج عن ذلك سيولة الخريطة الطبقية و تغيرها بشكل سريع كما حدث فى المرحلة الناصرية ثم الساداتية - الإنفتاح وما ترتب عليه من آثار شديدة العمق على كل المستويات- ثم فترة مبارك ( سياسات التكيف الهيكلى 1991) وربط ذلك كله ببنية التخلف و التبعية المتجذرة أصلا فى تطور المجتمع منذ الإحتلال الإنجليزى؛ و أفرز ذلك هذا الهراء الذى نعانى منه الآن و هذا يعد تربة صالحة لإنبات تيارات اليمين الدينى و اليمين الليبرالى( خلق مايسمى بالراسمالية التابعة - الكمبرادور- )..
4- بنية الطبقة العاملة نفسها و هذه الإزداوجية فى الإنتماء الطبقى ، و ضعف وعى الطبقة العاملة بذاتها كطبقة ثورية قادرة على قيادة تحالف طبقى مع الطبقات الكادحة الأخرى؛ وضعف تنظيمتها النقابية و الحزبية بسبب موروث الإستبداد الطويل منذ العهد الناصرى.
5- وجود القسم الأوسع من الطبقات و الشرائح الإجتماعية الوسيطة ..و فى الأعم الغالب هو جزء يميل للوسط و التلفيق حتى فى الأفكار ( يعنى عين فى الجنة ، و أخرى فى النار) هى تريد أن تلتحق بالأعلى طبقيا ؛ ولكن الحراك الإجتماعى يقودها إلى اسفل ؛ فتنتقل إلى الرط الثورى و من ثم تهتز مواقفها ..هى دائما معلقة بين السماء و الأرض..
6- ماسبق سرده يتلخص فى عدم إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية ؛ لنقل المجتمع إلى درجة تطور أعلى يكون فيه فرز إجتماعى حقيقى ؛ وهذا سبب بلبلة لكثر من المناضلين - بعضهم ينطلق من روءية عدمية لوجود عمال على سيل المثال- يرتبط بذلك أن تعدد أنماط إنتاج بعضها قبل راسمالى( إقطاعى / خراجى) مع وجود إنتاج بضاعى صغير/ منفكتورى؛ مع وجود نمط رأسمالى متخلف و تابع ؛ مع بعض ملامح باهتة لبقايا المشترك القروى- تعبير لللدكتور عبد عبد المعطى- مشاعية باهتة ( هنلاقيها فى فكرة الجمعيات ( ننزل جمعية يعنى) تعبير عن تضامن إجتماعى / جماعى للتغلب على سوء أحوال المعيشة.
ذلك أدى على مستوى الفكر و الثقافة إلى صراع مابين الأفكار المحافظة و الأفكار الحداثية ؛ صراع مابين الدولة الحديثة العلمانية ؛ و الدولة الإقطاعية / الخراجية التى تتسربل بالدين ؛ ومن هنا يصبح اللجوء للغيبيات / الميتافيزقا لحل هذه التناقضات المركبة..
7- لابد أيضا من تحليل الوضع الأجتماعى فى الريف المصرى لمعرفة طبيعة الحيازات و شكل الثقافة السائد مع التشوه المصاحب للحداثة المشوهة أصلا ؛ خاصة فى ظل العولمة و ما انبثق عنها من قيم ..
8- هناك أيضا الطبقات شديدة التهميش التى لا يوجد لها مكان فى السلم الإجتماعى ( يمكن هى حتى تحت السلم أصلا) مثلا خدم المنازل ، ماسحوا الأحذية ، الساقطون أخلاقيا / أبناء الشوارع- أطفالا و كبارا- ..إلخ لأن هؤلاء يتم إستخدامهم و توظيفهم كوقود إجتماعى( ظاهرة البلطجة؛ و ما رأيناه فى التظاهرات من 25 و ما بعدها و 30 و ما بعدها)
هذا يصعّب من مهمة الباحث فى فهم هذه التعقيدات ؛ وللعلم ما ذكرناه يمثل بعضا من التعقيد ..و لذلك ما يحدث على الساحة هو بمثابة تهريج و لعب أطفال .
التغيير فى مصر صعب جدا ولكنه ليس مستحيلا ؛ إذا حاولنا أن نفهم و نحلل و من ثم نبنى حزبا ثوريا قادرا على التحرك وسط الجماهير و الإرتقاء بوعيها الفطرى المحدود ؛ والذى يحمل بذور جنينية للتطور إلى الإمام ..
و الجدير أن نذكره أن غياب صناعة حقيقة فى مصر قد زاد من تعقد الوضع الطبقى و الإجتماعى ..فانطبع السائد و تأثر بالإقتصاد الريعى ..و بالتالى الأفكار المصاحية له ( الربح السريع ، الأنانية ، ثقافة الفهلوة ، و بالتالى الإنحطاط الأخلاقى ، و إنحطاط الذوق الأدبى و الفنى)..
هذه كانت خطوط أولية لمحاولة الفهم أضعها بين أيدى المهتمين بالشأن المصرى ..لمناقشتها و تطويرها ؛ أو حتى رفضها ، تبقى فى النهاية مجرد روءية متواضعة ينقصها الكثير و الكثير ؛ أجادت بها قريحتنا المتواضعة ، تحت ضغط الواقع المرير..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس