الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يتجنبه القاص في سرده!

ابراهيم سبتي

2014 / 7 / 28
الادب والفن


كثيرة هي الخطوط الحمر في الكتابة وكثيرة هي المحرمات في المعالجة وكثيرة هي المخاوف في السرد.. يكتب القاص عن موضوع ما.. رمزيا كان أم واقعيا أو غيرهما، فقد يتجنب ما يريد البوح به مباشرة فيلجأ إلى المناورة والإشارة عن بعد. إنها لعبة الإشارات لأفكار ورؤى مقنّعة. . يكتب أحدهم عن قضية خطيرة وإن كانت غير مباشرة، فتحتاج إلى إظهار مكنونات الشخوص وتطلعاتهم وأفعالهم وانفعالاتهم. ويحتاج إلى صراع هؤلاء كأطراف لاعبة في السرد.. هؤلاء منهم الطيب، ومنهم الشرير، ومنهم المتحايل المقنع بوجه الطيب وفيهم اللص والكذاب والمخادع بوجوه بريئة لكنها متوحشة ومدمّرة.. ألا يوجد مجتمع في الدنيا ليس فيه كذاب ومخادع ومتحايل ومزوق للألفاظ من أجل الحصول على نصيب من الغنيمة؟
نحن لا نعيش في مجتمع خارج نطاق الأرض ولا هو مثالي حد التعجب ولا طيب دون محددات ولا فاضل تنتهي إليه الموبقات والمحرمات والألاعيب.. انها الطبيعة البشرية منذ وجد الإنسان ومنذ وجد الصراع.. وأعتقد بأن السارد لا بد له من الانتباهة الشديدة وهو يرسم ملامح شخصياته وميولها وتحركاتها وحدود اندفاعاتها، وأكثر ما يتجنبه هو الدخول في عالم الانحطاط الخلقي والنوايا الشيطانية وزوايا الشذوذ المعيبة والإدمان المروع والمقامرة المقرفة على كل شيء دون رادع أو وازع.. انه قعر المجتمعات أينما وجدت، ولولاها لما كانت مراكز الشرطة ولا المصحات النفسية ولا مراكز المعلومات السرية ولا مشافي التأهيل.
الكاتب الفطن عليه أن يسبر أغوار شخصياته وإبرازها بالوجه الحقيقي غير المصطنع كي تدخل إلى المتلقي من دون شرح أو تفصيل أو إشارة أو حذلقة كتابة أو مناورة ولكي تكون مفضوحة أمام قارئها منزوعة الأقنعة ومكشوفة دون أغطية ولا حجب.. ولأن الكاتب ضمير المجتمع ومرآته العاكسة، يكون أمام مسؤولية تاريخية وهو يكتب عن مجتمع صالح وطيب ومثالي وهو الغالب طبعا كما هو حال المجتمع العراقي البسيط من الألف إلى الياء.. مجتمع تأخذه الطيبة والمشاعر إلى حد صناعة الإبداع والتفنن فيه، لأن المجتمع المشاكس والشرير يقل فيه الابداع، اذ لا يملك مؤهلاته وعناصر ظهوره ولا يقدر على البوح بما لا يملك، نقول ان مجتمعا كما هو حالنا لا يخلو من العثرات وأصحاب النفوس التواقة الى النصب والفائدة والتحايل على الرغم من انها صفات جديدة ودخيلة ولا يمكن لأي مسن عراقي أن ياتي على ذكرها في أحاديثه عن الحقب التي عاشها.. انها صنيعة العصر وانعكاساته وتأثيراته في الشخصية والضغوط الحياتية والعملية التي ساهمت في تذكيتها وإظهارها إلى العلن.. وهكذا صار لدينا البعض من الأشخاص المتلونين كالحرباء .. وصار لدينا البعض ممن يمتلكون قدرة تزييف الحقائق والكذب إضافة لبقية الصفات الدونية المستهجنة.. انه مجتمع يعيش في قلب المجتمعات الأخرى سواء عن طريق الثورة الرقمية المهولة وارتباطه المباشر معها، أو من خلال الاحتكاك بطرقه المختلفة.
السارد الملاحظ لهذه المتغيرات يتجنبها أحيانا أو يلامسها بخجل أو ربما يتحاشاها لأنه يراها طارئة لا تمت الينا بصلة وليست متجذرة أو مزروعة في نفوسنا.. لكنها الحقيقة التي لا يمكن أن يتجاوزها الكاتب وهي اننا نعيش عصر تقلبات الأمزجة والنفوس العصابية المنفعلة من أدنى الاشياء. لكن ذلك لا يبدو ظاهرة مستفحلة لانها صنيعة عصر يعتاش على ما تنفثه مجتمعات أخرى تريد حلحلة التركيبة الطيبة للمجتمع، ومن ثم تعلن انتصارها، هكذا استفدت من درس اليخاندرو كاسونا في مسرحيته الشهيرة" مركب بلا صياد"، انه درس في التغيير المفاجئ الذي لن يدوم طويلا، وقصة الإنسان الذي تبهره كلمات شيطانية مزكرشة يفوح منها طعم الشر والموت والحقد. الإنسان القوي قد يُخدع عند أول الكلام الناعم وإغراء الثروة, لكنه سرعان ما يعود لرشده ولو بعد خسارات فادحة ومؤثرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع