الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(السلفية والأرتباط بالماضي )

عبدالرزاق تركي

2014 / 8 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تسأل السيدة غريب سترنبرغ في مسرحيته الرائعة الطريق الى دمشق على اي دين انت فيجيبها ديني الوحيد هو ان ارحل عندما اعجز عن الاستمرار في تحمل الامور وحين تسأله الى اين يقول الى الفناء فأذا لم امسك الحياة بيدي فلأمسك الموت على الاقل وهذا يعطيني احساساً عجيباً بالقوه (1 ).
هذه العباره تعبر ايضاً عن مشكلة معاصره ابتدأت قبل منتصف القرن الماضي وبدأت تأخذ حيزاً واسعاً بعد حرب اكتوبر (1973) وتوقف الانتصارات العربية على الصعيد الدولي مما سبب نوع من الانتكاسة الفكرية الى الوراء اضف الى ذلك الوضع الاقتصادي المتأزم وميل الانسان العربي عموماً الى التوجه الروحي وتغليبه رأيه على اراء الاخرين ان من يعتقد ان الحاضر لا يقدم له شيء فأنه بالضروره سيلتجأ الى الوراء محاولة منه للعودة الى تلك الفتره التي كانت مضيئة في امتة فبذلك هو في حالة ارتداد ونكوص الى تلك المرحله حيث يبدأتلقائياً بتقمص شخصيات او شخوص تلك المرحلة سواء بلباسهم او مأكلهم وحتى مسمياتهم وربما هذا ما يفسر ما يتخذونه لهم من اسماء وما يكنون به انفسهم فهم ابو فلان وابو فلان انسلاخاً من واقعهم الرمزي المتواجدون فيه ضاهرياً الى ماضيهم الفعلي المتواجدون فيه حالياً ولا تقتصر المسميات على شخوصهم فقط فهي تشمل كذالك اسماء المناطق فهناك الشام والكنانه والفسطاط وولاية الموصل وولاية الجنوب والحجاز وهناك ايضاً النصارى والروم والفرس والتتار الى اخرها من المسميات التي تمثل انسلاخاً عن الواقع المتواجدون فيه اضافه الى استرجاع بعض القوانين التي كانت سائدة في ماضيهم كحكم الرجم والجزية وقطع الايدي والجلد ينطبق هذا الامر كذالك على ما يريدوا ان يفعلوه فهم يعبرون عن رفض الدنيا لهم بطلب الاخرة حسب اعتقادهم وبالتالي فهم يحاولون الحصول على ما يمكن ان يخلصهم من عقدة الحاضر لديهم فهم يختارون شكل الباس ربما لمدينة كاملة قد يستولون عليها ويغيرون مضاهر الحضارة لبلدة ما لمجرد انها لاتتلائم مع ماضيهم الذي يعيشون فيه ان هذا التمسك بالماضي يجعلهم اكثر الفة فيما بينهم وصلابة في الدفاع عن معتقداتهم لان امتزاج الماضي ينتج عنه الحاضر والمستقبل بصورة معينة لهم فهم يريدون الموت شهادة لااعتقادهم ان ما فعلوه في حياتهم الماضية هو اجر سيكتب لهم في مستقبلهم الاخروي وهنا اقصد الجنة فهي مثال للأنتقال من الماضي الى الحاضرالفكري لديهم فأذا كان الماضي افضل من الحاضر فهذا يعني ان نتمسك به الى ابعد الحدود فالخير ببساطة في الماضي والماضي هو الحياة وهكذا تتبلور الافكار منتجة اشبه بمكعب كبير الا انه محاط بدائرة مركزية عمقها الماضي وهذه الدائرة في توسع مستمر ولا نهائي .




__________________________________
1 ) سترنبرغ ؛ الطريق الى دمشق ،ص29 ، 1971، سلسلة المسرح العالمي الكويت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا