الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة انتصرت لكن ما زال دلو الركام في عملية خنق الرقاب

شوقية عروق منصور

2014 / 8 / 28
مواضيع وابحاث سياسية




انتصرت غزة ، انتصرت المقاومة ، خرجنا من نفق الفضائيات التي كانت تساوم حسب مزاج مموليها على الحق الفلسطيني ، خرجنا من الوجع الذي كان يدفن يومياً عجزنا المتهالك ، حيث كنا نتحول الى تماثيل من الملح أمام الشاشات نتحسر ونرتجف ونحزن ونشتم الأنظمة العربية والغربية ، مع اعترافنا الوجداني بأننا كنا من فصيلة " العين بصيرة واليد قصيرة " .
اذهلني الفرح والقدرة على نثر الابتسامات والضحكات واطلاق الزمامير وأيضاً اطلاق الرصاص في شوارع غزة ، خروج الناس الى الشوارع بهذه الأعداد والتلويح بالأعلام شهادة شعبية مهداة الى الشعب الاسرائيلي وشعوب الارض قاطبة انه مهما كان الاحتلال قوياً وقادراً وجباراً وجراراً هناك في قعر الروح جمرة مشتعلة تسمى " مقاومة " ، وقد بارك الله الابطال والشعوب الذين اتخذوا من المقاومة سبيلاً وطريقاً للتحدي حتى يكون التخلص من الاحتلال والاستعمار والظلم ، وقد خلدهم التاريخ حتى اصبحوا العناوين الرئيسية لوقود الشعوب الذين ما زالوا يرزحون تحت اعواد مشانق الاحتلال .
الاحتفالات في غزة غطت على ارقام الشهداء من اطفال ونساء وشباب وقادة وشيوخ وارقام المعاقين وعدد البيوت والعمارات والابراج التي تحولت الى اكوام من بقايا الحديد والباطون والاثاث والذكريات المعجونة بالرمال المرتجفة من اطنان القنابل والصواريخ التي القيت ، كانت شوارع وطرقات القطاع تتنهد وترسم اهازيج الانتصار بعد 51 يوماً من الجنون والوحشية والشراسة الصهيونية .
الاحتفالات في غزة كانت عفوية لأن التخلص من كابوس الموت والمواجهة معه بين اللحظة واللحظة يدفع المرء للرقص والغناء بدون تخطيط ، لكن عندما تحتفل شوارع رام الله وبعض مدن الضفة الغربية التي كانت نائمة وهادئة أثناء العدوان ، بل تمارس حياتها الطبيعية في البيع والشراء والليالي الملاح ومطاعمها ومقاهيها ومتاجرها مفتوحة ومن زار مدن نابلس ورام الله وجنين وطولكرم وقلقيلية وغيرها يعرف معنى الهدوء الرخو المسموم في الزمن الفلسطيني الصعب .
غداً ستبدأ التحليلات والدراسات والابحاث حول الحرب على غزة وستتسع الرقعة في الثوب الصهيوني ، وقد يلفون نتنياهو وحكومته في الرقعة الممزقة ويرمونها في أقرب برميل نفايات ، لأن هذه الرقعة يعتبرونها موضة مرفوضة في عقلية مصممي الازياء المتطرفة ، لكن " المقاومة " ستبقى الثوب والزي المناسب للفلسطينيين حتى اقامة دولتهم .
وذا كنا نذكر الرقع في الثوب لا بد أن نتذكر أن العدوان على غزة سلط الاضواء على رقعة متسخة لا بد من ازالتها مع ان المجتمع الفلسطيني يحاول لجمها او حجبها أو عدم التكلم عنها بصراحة ووضوح دون تأتأة ، قضية العملاء او المتعاونين ، الذين ارهقوا وارقوا واريقت دماء وذهب شهداء كثيرون نتيجة التخابر والدس والتعاون مع المحتل بصورة موجعة ، وقد استطاعت المقاومة في قطاع غزة القاء القبض على البعض منهم واعدامهم أمام الجميع لكي يكونوا عبرة للذي تسول له نفسه التعاون مع المحتل ومده بالمعلومات ، وهناك قصص بطولية عن زوجات وعائلات سلمت الأبناء أو الازواج لرجال المقاومة وكانت الاعترافات المسجلة ، وقد فتحت أبواب التوبة امام البعض ، لكن عملية " خنق الرقاب " كما أطلق عليها رجال المقاومة تبقى ناقصة اذا لم يكن هناك ملاحقة ومطاردة ومراقبة شديدة طوال الوقت ، ونشر الوعي التحذيري بين المواطنين ، التعاون مع المحتل عار لعنته صفحات التاريخ والذاكرة البشرية ، ولم يكسب أي شخص مهما كان علو شأنه قيمة اجتماعية وتاريخية نتيجة التعاون مع المحتل ، بل كان دائماً هذا الشخص الملعون من قبل مجتمعه وشعبه يكلله الخزي والخجل ، فكيف بمواطن غزاوي يعيش تحت الحصار والقتل والجوع والبطالة والتهديد .
ونتساءل هل ستستمر عملية " خنق الرقاب" في قطاع غزة ..؟! ثم لماذا لا تنتقل هذه العملية الهامة الى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ؟! ونذكر كيف كان سقوط العملاء اثناء الانتفاضة الاولى والثانية .
والرقاب الآيلة للسقوط والقطع لن تستطيع حمل دلو الركام الذي اصبح شعار غزة ، في مقابل دلو الثلج الذي اصبح دليلاً على الدلع الفني الذي يمزج العري مع الدلع الفارغ ، فحين نرى النجمات العربيات اللواتي سكبن الثلج فوق رؤوسهن ، او النجوم العرب الذين ارادوا ركب الموجة الثلجية الغربية التي قام بها الفنانين الاجانب لجمع التبرعات للمصابين بمرض " التصلب العضلي الجانبي " لكن نجومنا العرب الذين غابوا عن خارطة الحرب وتجاهلوا الواقع الفلسطيني ، وبعضهم قام بمغازلة الفضائيات في البرامج واعتبروا قطاع غزة شيئاً هامشياً والمقاومة سذاجة ونكتة سخيفة أو ثأراً يستطيعون من خلاله الانتقام .
اكثر الفنانين العرب كانوا داخل سلة اللامبالاة كأن الحرب لا تهمهم فهم يعيشون في فضاء آخر وعالم خاص بهم ، في الوقت الذين كان الفنانين الاجانب يقفون الى جانب اسرائيل ، لم نسمع أي مدير مهرجان سينمائي عربي او فنان عربي يستنكر تصريح الممثل ارنولد شوازنغر وسلفستر ستلوني – رامبو – وغيرهم الذين ايدوا اسرائيل وحربها على غزة ، لم نسمع كلمة عن مقاطعتهم ورفض افلامهم وعدم استقبالهم في المهرجانات السينمائية العربية .
دلو الثلج يقابله دلو الركام ، بشجاعة سكب الصحفي الفلسطيني الغزاوي ايمن العالول دلو الركام فوق رأسه تعبيراً عن واقعه المأزوم بالحرمان من كل شيء واحتجاجاً على القتلى والتدمير ، هناك في غزة غياب للكهرباء والماء والأمان فقط يوجد ركام في كل مكان ، ودلو الركام هو دلو الحقيقة الساطعة التي يجب ان يعرفها الجميع .
دعوة سكب دلو الركام الذي يحتوي رمل وبقايا اسمنت وحجارة صغيرة فوق الرأس لم تلق الصدى واعتبرت فكرة ميتة ، فمن يستطيع سكب الركام فوق رأسه متناسين اهالي غزة الذين لم تسكب فوق رؤوسهم الدلاء بل الأسقف والحيطان والجدران والعمارات وكل شيء لم يتخيله الانسان ، بينما دلو الثلج يجد يومياً من يتمتع في سكبه فوق رأسه في هذه الأجواء الحارة ، لكن الادهى أن صور المتمتعين بسكب الثلج والماء يثير الاعصاب والاستهجان والقرف الاعلامي ، بعد ان نعرف ان المواطن في غزة يعاني من قلة بالمياه ، ليس مياه التمتع بل مياه الشرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامات يا ابنة الناصرة يا شوقية
سلام عادل ( 2014 / 8 / 28 - 06:29 )
أعرفك منذ سنين، وانت انت ما تزالين صاحبة القلم الشجاع. المشكلة يا اخت شوقية ان ما تسميمهم بالفنانين العرب ما هم الا أشباه رجال ونساء يحترفون البلاهة والخنوع والخنوثة والتمسح ببركات أحذية اصحاب السلطة والدولار في ما يسمى بالعالم العربي. انه زمن داعش وساقط ونذل ومنحط، ولكن زمن الحب والصدق والرجولة والأنوثة البطلة ات لا محالة. شكرًا شوقية مرة اخرى.

اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت