الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاه إيران.. بين أكاذيب هيكل وإشادات السادات

عادل محمد

2014 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


في برامج قناة صوت العرب المصرية "إيران.. من الشاه إلى الخميني" يقارن مقدم البرنامج بين الخميني وشاه (ملك) إيران ويقول: "في انطباعاً له أسس إن الشاه كان موالي لأميركا وما كان لديه مصالح وطنية، وإن الخميني هو عدو أميركا. وإنما لو جينا نفصص في الموضوع يمكن نلاقي إن الخميني لم يكن عدو أميركا الا المظاهرات.. كل المظاهرات ضد أميركا، حرق الأعلام طبعاً، الحشود طبعاً، خطبة الجمعة طهران طبعاً، إنما كل كلام، إنما وقت الجد رأينا الصفقة التي كانت معروفة التي فيها أسلحة إسرائيلية بين إيرانيين وبين إسرائيل إلى الفضيحة الشهيرة كونترا جيت. إنما لما نأتي للشاه، في بعض المواقف للشاه كانت ممتازة. فيما يخص حروب مصر وفيما يخص موقف مصر".

لكن للأسف الأستاذ محمد حسنين هيكل أختم مرّة وقال: "إن هذا كلام غير صحيح. مما قاله أستاذ هيكل في السابق، أوّلاً يقول إن الشاه لم يدعم مصر في حرب أكتوبر، ويقول أستاذ هيكل أتحدى أحد يقول لي اسم ناقلة أتت من إيران إلى مصر. ويقول أيضاً السادات نفسه لم يتكلم عن دعم إيران في عهد الشاه لمصر في حرب أكتوبر ولا في غير حرب أكتوبر أثناء المعركة.

الذي قاله أستاذ هيكل غير صحيح بالمرة لأن الشاه فعلاً دعم مصر. وكنا وقتها عندا مشكلة كبيرة جداً، هذه المشكلة متعلقة بعدم امتلاكنا بترول كافي أو وقود كافي للجيش ولا للشعب. والذي عندنا في الحياة المدنية كافي، مشكلة في الكهرباء وكل شيء. ولا عندنا المنطقة العسكرية، والرئيس السادات يقول إن لو كنا حاربنا كل يوم ساعتين أو ثلاثة، سينتهي البترول أو الوقود الذي لدينا ومحتاجين للمركبات أو المدرعات، والسلاح، الأسلحة المختلفة في الجيش المصري. شاه إيران بعث ناقلات النفط التي كانت في طريقها إلى أوروبا، أمر أن تعدّل طريقها لتأتي إلى مصر. وبالتالي ما قال الأستاذ هيكل سابقاً غير صحيح بالمرة. وهو يقول أن الرئيس السادات طوال حياته لم يشر إلى ذلك أثناء المعركة ولا قال عنها تفصيلاً.

سنرد على أستاذ حسنين هيكل وعلى دعم إيران في زمن الشاه لمصر. نهاية الحديث للزعيم الخالد أنور السادات: " ... أريدك أن تعمل حسابك في أربعة مليون طن على سنة، ولا أريدهم فوراً. قال أنا موافق وبعث لي مثلما أنتم تعلمون، وبعد ذلك شحنوا لي مركبين. وبعد ذلك رفضوا كليتاً أن يبعثوا بترول. وتذكرون الله يرحمه شاه إيران، لما ما كان لدي احتياطي إلاّ لخمسة عشر يوم للقوات المسلحة وللبلد، ولو حصل أي معركة في ذلك الوقت كان القوات المسلحة تستهلك هذا الاحتياطي في ساعات، وكان لا البلد ولا القوات المسلحة بعد ذلك يكون عندهم بترول بعد ساعات. فشاه إيران الله يرحمه، أنا بعثت للاخوان العرب، لم يتأخروا بس طريقتهم هم ليس على بالهم، مرتاحين، ويوم قلت لهم لدي احتياطي لخمسة عشر يوم، يقولون لا يوجد مشكلة، ابعث الوزير وعلى مهله بعد شهر او شهرين نبعث البترول. لكن هذه المعركة، لما بعثت لشاه إيران، اسحبوا المراكب من البحر لتتجه نحو الإسكندرية، المراكب التي كانت متجهة إلى أوروبا، حولها باللاسلكي على الإسكندرية. لأنه كان يعرف أن هذه معركة ولا تتحمل، و 15 يوم احتياطي، القوات المسلحة تستهلكه في ساعتين إذا جرت معركة. إذاً ماذا أعمل بعد ذلك؟ دباباتي وقواتي توقف، وحتى البلد كلها توقف، المخازن المخابز، محطات كهرباء، كل شيء يوقف. والقذافي قال لا يوجد لدي، بعدما تعهد بأربعة مليون طن في سنة. شاه إيران حوّل المراكب من البحر وبعث 600 ألف طن فوراً من الذين كانوا في البحر.

رابط فيديو: صوت القاهرة – الرئيس أنور السادات يتحدث عن دعم شاه إيران لمصر أثناء حرب أكتوبر:

http://www.youtube.com/watch?v=dCCDlGNfklA&feature=youtu.be

--------------------

حديث الرئيس أنور السادات عن دعم شاه إيران لمصر في حرب أكتوبر 1973، يذكرني بحكاية سمعتها من أحد المتقاعدين في شركة نفط البحرين "بابكو" الذي قال بأن إبان الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام 1948، طلب مدير مدرسة العجم في البحرين من التلاميذ الخروج للتظاهر ضد الاحتلال الصهيوني. فخرجت المسيرة من مدرسة العجم في فريق الحمّام حتى وصلت إلى فريق المخارقة قرب مسجد الجامع في شارع المهزع. وقال هذا المتقاعد الذي كان يقود المظاهرات: "لكن مع الأسف شاهدنا جمع غفير من الغاضبين يهجمون على بيوت الجالية اليهودية الذين كانوا يسكنون بالقرب من المسجد وكانوا يحطمون أبواب ونوافذ بيوتهم وينهبون ممتلكاتهم. فأثارت هذه الفعلة الشنيعة استيائي وتركت المظاهرات. في اليوم التالي استدعاني مدير المدرسة الذي كان غاضباً وسألني عن سبب تركي المظاهرات، فقلت له بأننا ضد احتلال فلسطين لاكنا لا نرضى بالاعتداء على الأبرياء". علماً بأن مدرسة العجم في البحرين كانت تابعة لوزارة التربية والتعليم الإيرانية في عهد الشاه محمد رضا بهلوي.

قبل الحديث عن شاه إيران "محمد رضا بهلوي" يجب أن نبحث عن السيرة الذاتية لمؤسس السلالة البهلوية "رضا شاه بهلوي" الذي وصفه بعض المعارضين بالدكتاتور في حين البعض الآخر لقبه ہ"رضا شاه الكبير". بدأ حياته العملية كجندي في الجيش، وسرعان ما ارتقى إلى رتبة الضابط، وثم وزير للدفاع سنة 1921، وفي 1923 أصبح رئيس الوزراء، وفي عام 1925 خلع آخر ملوك القاجاريين "احمد شاه قاجار" وأصبح شاه إيران.

كان رضا بهلوي يتمتع بدعم قوي وسط قيادات الجيش، الشيء الذي مكنه من أن يقوم بعملية إصلاحات على الطريقة الكمالية ( كمال أتاترك في تركيا). كان في صراع دائم مع المرجعيات الشيعية (رجال الدين)، خصوصاً عندما أصدر توجيهات مناهضة لوجود الحجاب في المجال العام.
قام بمشروعات تحديثية عديدة، منها ما تعلق بالطرق ووسائل النقل، ومنها ما تعلق بالتعليم، كتأسيسه جامعة طهران وابتعاثه الطلاب الإيرانيين لدراسة العلوم في أوروبا. قام سنة 1934 باستبدال اسم البلاد القديم "فارس" بـ"إيران" أي بلاد الآريين. أبدى رضا بهلوي تعاطفاً مع الرئيس الألماني أدولف هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية. تسبب موقفه في تدخل القوات البريطانية والسوفيتية وغزو إيران ثم عزلوه سنة 1941. ثم نفي إلى جنوب إفريقيا وقاموا بتنصيب إبنه "محمد رضا بهلوي" بدلاً منه.

بعد الحرب العالمية الثانية عانت إيران من اضطرابات سياسية، حيث احتدم الصراع بين الشاه ومصدق في أغسطس 1953، فتدهور الوضع السياسي تدهورا لم يعرف من قبل، أدت برئيس الوزراء الإيراني "محمد مصدق" إلى إرغام الشاه محمد رضا بهلوي على مغادرة إيران. في 16 أغسطس 1953 غادر الشاه إيران بصحبة زوجته الملكة ثريا إلى بغداد متوجهاً إلى ايطاليا. لكنه عاد إلى إيران بانقلاب مضاد لانقلاب رئيس الوزراء بمساعدة المخابرات الأمريكية والبريطانية، وأقال مصدّق من منصبه واستعاد عرش إيران في نفس العام.

عمل الشاه على تغييرات سياسية من أهمها إلغاء الأحزاب السياسية مع الإبقاء على الحزب الحاكم، وأعاد إلى الحياة مهمة الشرطة السرية "سافاك" التي اتُهمت بمسؤوليتها عن أعمال منافية لحقوق الإنسان ضد الشعب الإيراني. كما أنه قد عمل على تقطيع الأراضي الزراعية الكبيرة واستحداث أراضي صغيرة كي يستفيد 4 ملايين فلاح إيراني من تلك الأراضي، والسماح للمرأة بالتصويت. أثمرت الإصلاحات الزراعية بشكل ايجابي على الاقتصاد الإيراني وكانت فترة الستينات وسبعينات القرن العشرين فترة انتعاش اقتصادي إيراني لم يسبق له مثيل، وكان الشاه يهدف الارتقاء بإيران إلى مصاف الدول الصناعية حتى تكون في مستوى الدول الآسيوية الصناعية مثل كوريا الجنوبية.

بعكس والده رضا شاه الذي كان يعتمد على نفسه في اتخاذ القرارات السياسية أو الاقتصادية وكان رجلاً علمانياً و كان في صراع دائم مع الملالي. كان محمد رضا شاه متأثراً بالمذهب الشيعي مع علاقات وطيدة برجال الدين المعتدلين، وكان يزور مرقد الإمام الرضا كل عام. كما قام محمد رضا شاه بالتقرب من الولايات المتحدة في سياسته الخارجية ومن الغرب بشكل عام. الكثيرون وخصوصاً ما كانوا يسمون بالوطنيين واليساريين بالغوا في الاتهامات وظلموا شاه إيران عندما لُقبوه بشرطي أميركا في الخليج لأنه كان يدعم تدخلات أميركا في منطقة الخليج والشرق الأوسط. وبعد ظهور تنظيم جديد في شمال سلطنة عمان عام 1970، يدعى الجبهة الوطنية الديمقراطية لتحرير عمان والخليج العربي، بدعم ومساندة من العراق، ساندت قوات شاه إيران قوات سلطنة عمان في القضاء على الحركات القومية واليسارية بين سنتي 1973 و1975، ولولا دعم قوات شاه أثناءها للسلطنة والشعب العماني من شر سيطرة هذه الحركات المتطرفه التي تبدأ في تأسيس جمهوريات ديمقراطية اشتراكية، لكنها تتحوّل فيما بعد إلى أنظمة دكتاتورية دموية، كنظام صدام البعثي في العراق والدكتاتور المجنون القذافي في ليبيا.

بعد مساهمة قوات الجيش الإيراني في هزيمة الحركات القومية واليسارية في سلطنة عمان خططت أميركا لإزاحة شاه إيران من الحكم، وذلك لأن الشاه كان يتطلع بأن يكون جيشه سادس أقوى جيش في العالم. تطلعات الشاه إلى تطوير جيش بلاده كانت تتعارض مع الإستراتيجية الأميركية التي تقوم على أن إسرائيل يجب أن تكون القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط، وهذا هو السبب الأول الذي جعل أميركا تقبل بإزاحة الشاه من الحكم. لذا استغلت الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين تدنّي شعبية الشاه وضعف حكمه والخشية من أن يستطيع الحزب الشيوعي "تودة" الاستفادة من هذه الظروف المحيطة بالشاه، والقفز إلى الحكم.
تلك الأمور جعلت أميركا تفكر في ترحيل الشاه، وقد كان تيار الملالي -وعلى رأسه الخميني- المرشح الأقوى لحكم إيران بدلا من الشاه، فماذا حققت أميركا من مجيء الخميني إلى الحكم؟


أولا- حل الخميني الجيش الإيراني وتفكيكه وإنهاء وجوده، وهو بذلك أزال أكبر قوة عسكرية من أمام إسرائيل في الشرق الأوسط.
ثانيا- إبعاد الحزب الشيوعي "توده" عن التوصل إلى الحكم، مع أنه كان من أقوى الأحزاب الشيوعية في الشرق الأوسط المرشحة للقفز إلى الحكم، وفي حال وصوله سيكون هذا نصرا كبيرا للاتحاد السوفيتي.

في النهاية أرغم الشاه على مغادرة إيران للمرة الثانية في 16 يناير 1979، وهذه المرة بغير رجعة.

لقد رفض رؤساء أميركا ومعظم الدول الغربية استقبال شاه إيران ومنحه اللجوء والإقامة. لكن الرئيس المصري أنور السادات منح شاه إيران محمد رضا بهلوي حق اللجوء السياسي في 1980، لأن السادات لم ينسِ معروف الشاه ودعمه لمصر أثناء حرب أكتوبر 1973. كما ساندت قوات شاه إيران سلطنة عمان في القضاء على الحركات القومية واليسارية وأنقذت الشعب العماني من شر سيطرة الحركات المتطرفة، هذا بالإضافة إلى تظاهرات تلاميذ مدرسة العجم في البحرين ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام 1948.

بالرغم من سلبيات شاه إيران، وممارسة القمع ضد المعارضين الوطنيين بواسطة الجهاز الأمني السري (سافاك)، وتقييد الحريات ومنع تشكيل الأحزاب السياسية، لكن كان لشاه إيران مواقف ايجابية أيضاً، مثل دعم مصر في حرب أكتوبر، ومساندة سلطنة عمان في دحر الحركات المتطرفة. لكن في المقابل نرى أن نظام عصابات الملالي يتدخل في شؤون الدول العربية ويموّل المنظمات الإرهابية العميلة بالمال والسلاح من أجل تغيير حكوماتها. والتدخل في شؤون لبنان، سوريا، العراق، البحرين واليمن يشهد على ذلك.

بعد هذه الشهادات والقرائن يجب رد الاعتبار لشاه إيران بسبب مواقفه الايجابية والمشرفة. وللعلم فان معظم الشعب الإيراني الذي يعيش في الفقر والحرمان يردد مقولة: "رحم الله شاه إيران وألف لعنة على الخميني" الذي دمّر إيران وبدّل حياة الشعب الإيراني إلى جحيم. كما قال رجل الدين المنشق آية الله مهدي حائري: "إذا أردنا المقارنة بين الشاه والخميني وخامنئي، فالشاه يعتبر ملاك".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو