الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعب مع الأفعى

سليم سوزه

2014 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لم تعد الدولة الاسلامية (داعش) مشكلة عراقية أو سورية فقط، بل تجاوزت الأزمة هاتين الدولتين وصارت أكبر منهما. داعش تهديد لجغرافيا الأوطان ومفهوم الدولة الحديثة.
معها وفي ظل غياب التسامح بين مكونات الدولة الواحدة يصبح الحديث عن الوحدة الوطنية مجرّد هراء يحتل أدمغة النخبة فحسب. حتى هذه النخبة ستخضع للأمر الواقع في النهاية حين لا تجد حكمة في معاندة "الأقوى" وهو يقرّر. لستُ أنا مَن يقول هذا، بل هكذا يعتقد تيار شعبي متنامي في العراق يطالب بتقسيم البلاد ووضع حد للدولة العراقية الواحدة القائمة على متناقضات إثنية وطائفية.

أعترف انني متشائم لكن أليس هذا التشاؤم علامة على قرب النهايات!

ثمّة صراعٌ كبير اليوم بين العالم وداعش. هذا مفهوم، لكن ما وراء هذا الصراع صراعٌ آخر. صراعٌ ناعمٌ بين تركيا والكرد. يلاعب كلاهما الأفعى على طريقته. لا يهم ذيلها، المهم أين يكون الرأس.

داعش أفعى أمميّة تزحف على الخرائط وتمسح الحدود لتعيد للامم أطماعها القديمة. تركيا الطامعة بالاسكندرونة السورية والحالمة بولاية الموصل إستغلّت داعش لصناعة قدر جغرافي جديد. حاولت العبث معها لتكسب جحرها. فبالأمس سلّحتها واليوم "تريد" قتالها على أرضٍ سورية.
تركيا تستعد اليوم لغزو أراضٍ سورية وعراقية بحجّة ملاحقة داعش التي اقتربت من حدودها.

وقوفاً مع الحليف الكردي، يصفعها نائب الرئيس الامريكي جو بايدن في "زلّة لسان" يعتذر عنها بعدئذ ليقول ان تركيا والسعودية والامارات العربية المتحدة قد زوّدت داعش في البداية بملايين الدولارات واطنان من الاسلحة من اجل الاطاحة بالأسد.

ليست هذه الصفعة هي ما اغضبت الاتراك، بل ما بعدها من تصريحات وزيارات ولقاءات بين المسؤولين الامريكيين وقادة الكرد. البيت الابيض والكونغرس الامريكي يصرّحان بأن الكرد في العراق برهنوا على إحترامهم للصداقات وهم يستحقون دعمنا وسلاحنا.

رسالة رفض مُبطّنة للموقف التركي قرأها الاتراك على إنها موافقة مبدئية لإعلان "الدولة الكردية" في شمال العراق، فلابد لهم من تحرّك سريع لمنع هذا الامر. لا يوجد طرف سوري داخلي تعمل معه الولايات المتحدة الامريكية في حربها ضد داعش مثلما تعمل اليوم مع البيشمركة الكردية في العراق، كما لا يمكن العمل مع الأسد في هذه المهمة. هذه هي تصريحات البيت الابيض الأخيرة. تنطلق منها اليوم تركيا لإقناع الطرف الامريكي بدور عسكري لها في سوريا.

لكن للكرد وجهة نظر اخرى في سوق الصراع الاقليمي. فتح اراضي الاقليم لقواعد امريكية وتوفير الاجواء المناسبة لمقاتلي التحالف الدولي هو وحده الكفيل بإقناع امريكا عدم القبول بالمبادرة التركية. فهل ستسكت تركيا على سلبها حليفها القديم؟

مهما يكن الأمر، فالعالم ما بعد داعش عالم جديد له قوانينه واشتراطاته. عالم محكوم بخرائط جديدة وحدها السماء تعرف حدودها ودولها. داعش والتحالف الدولي وامريكا وتركيا والعراق وسوريا والكرد مفردات ستصنع واقعاً مغايراً ذا هويات قومية وطائفية جديدة.

داعش لعبة أكبر منّا جميعاً. إنها أفعى رعناء لا نملك "الناي" لترويضها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل