الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم رفض جان بول سارتر جائزة نوبل

عدنان محسن

2014 / 11 / 28
الادب والفن



في 22 أكتوبر1964 منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل إلى الكاتب الفرنسي الشهير جان بول سارتر. ولم يكن في حسبان المسؤولين عن هذه الجائزة أن يرفضها أحد فلم تكلف نفسها اعلامه قبل الإعلان الرسمي، وقد يكون مبلغ الجائزة والشهرة التي يحظى بها الممنوح وراء اطمئنانهم هذا. وكان الكاتب الروسي باسترناك قد رفض الجائزة، ولكن ليس بمحض أرادته بل نزولا( أو خضوعا) عند رغبة السلطات السوفيتية وأوامرها.
أما أن يرفض كاتب غربي وبمحض إرادته فهذه كانت صدمة حقيقة لهذه المؤسسة.
وفي الأيام التي سبقت الإعلان الرسمي، دارت، كما جرت عليه العادة وما زالت، إشاعات عن إسم الأكثر حظا في الحصول عليها، وكان أسم سارتر يتردد بقوة. وكان سارتر على علم بما يجري في أروقة الصحافة ألأدبية فكتب رسالة إلى الأكاديمية السويدية يعلن فيها عن رغبته في رفض الجائزة ملتمسا حذف إسمه من قائمة المرشحين . ومن جملة الأسباب التي ذكرها في رسالته عدم رغبته بالإرتباط بأي مؤسسة كانت حتى لو كان اسمها نوبل. وصلت رسالة سارتر في اليوم الذي يسبق إعلان الجائزة، ولكن أحدا لم يفتح الرسالة وتُركت فوق مكاتب الأكاديمية العريقة حتى اليوم التالي، يوم إعلان الجائزة. وعندما أعلن سارتر رفضه للجائزة، عادوا إلى الرسالة فوجدوا فيها نفس الكلام الذي كان سارتر يعلنه للصحافة.
وعلى عادة الصحافة الفرنسية في مثل هذه الأحوال، راح كلّ يدلو بدلوه، لتفسير هذا الرفض. منهم من قال أنّ سارتر كان متأثرا جدا لحصول البير كامو قبله، خاصة بعد القطيعة التي حدثت بينهما بسبب موقف سارتر الحاد من كتاب كامو الشهير " الرجل المتمرد". وهذه، على حد قول سارتر، واحدة من مهازل الصحافة الأدبية الفرنسية المعروفة. غير أنّ المهزلة الأكبر، تلك التي طلع علينا بها أحد النقاد مبررا رفض سارتر بسبب علاقته بسيمون دو بوفوار، فكان يخشى عليها من الغيرة، يقول أحد العاملين في الصحافية الأدبية في فرنسا!
أمّا الجادون من النقاد فراحوا يبحثون في المكانة التي كان يحتلها سارتر في ستينات القرن الماضي، خصوصا بعد بزوغ نجم كلود ليفي شتروس وميشيل فوكو، معتبرين أن نجمه قد أفل، هو الذي كان قد أصدر في ذلك العام بالذات كتابه الشهير " الكلمات".
واللافت أن أغلب هؤلاء غضّ الطرف عن تصريحات أدلى بها سارتر عقب رفضه للجائزة. ففي مقابلات أجرتها معه جريدة الفيغارو المعروفة وجريدة ليبيراسيون وغيرهما وضع سارتر النقاط على قرار رفضه، مؤكدا أن هذا الرفض لا ينفصل عن موقفه الثابت من رفض الجوائز والأوسمة. ويعتقد سارتر أنّ هذا السلوك مرتبط بموقف مفاده أنّ الكاتب المدافع عن قضية ما، من الواجب عليه أن لا يرتبط بأي مؤسسة. وصاحب القضية هذا، حسب سارتر، لا حقّ له سوى استعمال ما يحسن صنعه في الدفاع عن قضيته، ويعني الكتابة وحدها.وأي جائزة تُمنح له تضعه أمام ضغط ومسؤولية إزاء الجهة المانحة. وفي هذا السياق، يقول سارتر: أنت عندما تقدمني باسمي جان بول سارتر أو جان بول سارتر الحائز على جائزة نوبل. الأول لا يشبه الثاني وغالبا ما يذوب فيه، وهذا ما لا اريده لنفسي.
ويذهب سارتر، في هذا الصدد، إلى القول إنّ ليس من المستساغ أن تُمنح الجائزة إلى كاتب وهو مازال على قيد الحياة. لأنّ الكاتب في حياته عليه أن يرفض أن يتحول إلى جزء من المؤسسة، أي مؤسسة. وكنتُ سأرفض، يقول سارتر، جائزة لينين رغم تعاطفي المعروف مع الاشتراكية
ومن جانب أخر يرى سارتر.يرى أنّ الجائزة تُمنح إلى كتاب من أوروبا الغربية وإلى كتاب منشقين من أوربا الشرقية، ملمحا للجانب السياسي لمنح الجائزة، معترضا، على سبيا المثال، منح باسترناك جائزة نوبل للآداب عن كتاب مطبوع خارج بلاده وممنوع فيه. بينما كان شولوخوف أولى بها.كما يعتبر من المؤسف أنّ لا تفكر الأكاديمية بمنحها للشاعر الفرنسي لويس آراغون.
ومسك الختام في تعليقاته هو إعلانه إنّه كان مستعدا لقبول الجائزة بعد أعلان إستقلال الجزائر. كنتُ سأعتبر أنها منحت إلى الحرية التي دافعت عنها ، حينئذ يكون لها معنى . وفي هذه الحالة ستكون الحرية هي صاحبة الجائزة وليس جان بول سارتر. وهذا المعنى يرتبط بالصميم بالتزامي وموقفي في الأدب والحياة.
أما عن مبلغ الجائزة الذي فرّط به، على حد تعبير الصحفي الذي يحاوره، فأجاب سارتر وكأنه يصيح: وهل للحرية من ثمن . سعر الحرية أعلى.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع