الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-السياسية الشيعية العابرة للأوطان ، الشبكات الدينية والسياسية في الخليج -.

خالد ممدوح العزي

2014 / 12 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


"السياسية الشيعية العابرة للأوطان ، الشبكات الدينية والسياسية في الخليج ".
تأليف لورنس لويير ترجمة سعود المولى ،عن دار سائر المشرق ،2015،
تحاول الباحثة والكاتبة الفرنسية لورنس لويير رسم صورة عامة لتطور الحركات الشيعية في الخليج العربي محاولة الربط بين البعد التاريخي لهذه الحركات وعلاقاتها بالجوار التي تؤثر على نموها وامتدادها. حيث تدور أبحاث الكتاب حول الإسلام الشيعي في دول الخليج العربي من خلال عينات (السعودية والكويت والبحرين ).
تتوقف الكاتبة أمام الانقلاب السياسي الأخير في العراق حيث أصبح مركزا مهما لهذه الحركات ،إضافة إلى دور إيران الداعم لمدها ونموها في المنطقة وتأثيرها الحالي على هذه الحركات ،وإذ ترى الكاتبة بان الحقل السياسي للإسلام الشيعي في الدول الخليجية والملكية الحاكمة القامعة لتمددها مما جعلها خاضعة تماما للخارج،ولكن عبارات ضعفها المحلية لم تكن غائبة ،وعند هذه الخصوصية تتوقف الباحثة لتوعزها إلى أمور داخلية تفصيلية ذات تعقيدات مرتبطة بطبيعة الدول وعلاقاتها مع مكوناتها. حيث تقدم الكاتبة دراسة سوسيولوجية مفصلة عن طبيعة كل دولة من الدول الثلاثة وتجربتها وممارسة كل حركة من الحركات من خلال نظرتها التاريخية والاجتماعية لهذه الدول.
وتشدد الكاتبة الفرنسية على أن الحركات الإسلامية الشيعية القادمة للخليج هي حركات عابرة للأوطان كما حال الحركات الإسلامية السنية ، بنظر الكاتبة فان المنفى لعب دورا مهما في نمو هذه الحركات من خلال تحويل هذه الحركات لحركات عابرة للأوطان ، مما ساعد هذه الحركات في تأسيس شبكاتها السياسية والاجتماعية وبالتالي إن الحركات الشيعية تقدم تجسيدا عمليا وملموسا لبعض الاكتشافات الأساسية لسوسيولوجيا الحركات الاجتماعية العابرة للأوطان.
إذا تؤكد البروفسورة الفرنسية على أن الثورة الإيرانية ساهمت بشكل فعلي في تعميق هذه الصورة لدى الطائفة الشيعية من خلال الاعتماد عليها في اختراق الدول العربية، وتحويلها إلى نقاط ارتكاز للانطلاق لسياستها لتنفذ مشروعها وطموحها السياسي والقومي خاصا ،مما جعل الشيعة العرب اسرى بيد رجال الدين (الملالي الإيرانيين) وبعدين عن الانتماء لأوطانهم.
وقوميتهم من خلال مفهوم ديني يقوم على أن الولاية الدينية لا تتوقف عند حدود بلد وهذا ما عزز مفهوم نشر الثورة الإيرانية الموجهة للشيعية مجددا.
لكن مع سقوط العراق عام 2003 قد صب الزيت على النار في تأجيج الصراع في محاولة إيرانية لتغيير الميزان السياسي في المنطقة لصالحها،والسيطرة مجددا من خلال تمددها إلى مناطق جديدة في العراق وسورية ولبنان واليمن .
فالمستشرقة ترى بان منطقة الخليج العربي هي ((منطقة توطين شيعية قديمة على شواطئ الخليج وإيران، بحث يعيش في هذه الدول حوالي 70 بالمائة من المذاهب المختلفة.هذه الشيعة المنتشرة على هذه البقعة الجغرافية تميل إلى وصفها شيعية مضطهدة بوجه عداوة الأنظمة القائمة كما عداوة مواطنها السنة )).
فالشيعة ساهموا بنشر هذه الصورة باعتبارهم العنصر المركز للضحية من خلال هويتهم الدينية المشخصة جيدا بواسطة التذكر المستمر بموت :"الحسين وعقدة المظلومة ".
مما دعم تلك الصورة بنظر الباحثة بالقمع الدموي للشيعية في العراق والاعتداء الهمجي عليهم في باكستان والتهميش التاريخي لشيعة لبنان مما زاد قناعة الشيعة بأنهم في صدام حقيقي مع الحاكم وإنهم ضحايا للاضطهاد الديني في الشرق الأوسط.
وهذا التصور ضيق الخناق على المسألة الشيعية في الخليج الذي يعود سببه إلى المنظور السياسي للأنظمة الحاكمة في دول الخليج العربي.
فالباحثة تشير بان هذه الحركات الإسلامية لم تعد تخيف الأنظمة الحاكمة لكونها كانت في الحقبة السابقة تعيش في حالة من السرية التامة أما اليوم أضحت تشارك في الانتخابات وتنافس على السلطة .
فالخبيرة بعلم السياسة الشرقية تقدم عرضا لوجود الفكر الشيعي التاريخي في (البحرين والكويت والسعودية) ودورهم في الحياة السياسية منذ النشأة حتى تاريخ الثورة الإيراني وربطها بهذه المكونات لكونها قدمت نفسها حاضنة وحامية سياسية لهم ولوجودهم في الدول العربية .
لكن مع بداية الألفية الجديدة وتغير النظام في العراق لصالح التطرف الشيعي المدعوم إيرانيا واستباحة إيران للعراق ،بدأ الحديث عن الارتباط العضوي للشيعية بالمرجعية الدينية العراقية ونشرها مفهوم الثورة و(التشيع الصفوي) على حساب الانتماء القومي ،وبالتالي تم تراجع المقامات الدينية الشيعية في "النجف" في محاولة لنقل موقعها ودورها إلى "قم" مما سبب انقساما فقهيا وحزبيا حول المرجعية وطبيعة دورها في العالم الإسلامي الشيعي.
تتوقف الباحثة الفرنسية أمام الناشط العابر للأوطان ومفهوم الأممية الشيعية التي كان للثورة الإيرانية عام 1978 ، الدور الفيصل في وضع اليد على كل الحركات الشيعية السياسية والاجتماعية والدينية والثورية وتحويلها إلى جنود في الثورة الإيرانية وولاية الفقيه.
لقد سارعت إيران إلى تطوير حلقات الدراسة في قم مما زاد في الانقسام داخل الأطر الشيعية بسبب المرجعية ،لكن الكاتبة تتوقف أمام فقدان هذه الأماكن الجغرافية في النجف من نفوذها الدينية بسبب تعذر الوصول إليها من قبل الطلاب الزائرين الأجانب بسبب النظام العراقي ،ولكن هذه المجموعات كانت بالأساس ترسم في سياساتها العداء الكامل لهذا النظام مما افقدها موقعها لصالح مواقع إيرانية كانت تعمل على استقطاب هؤلاء الشباب المناهضين للحكام والأنظمة لتدربهم في حلقات وإعادة تنظيمهم لتشكيل أحزاب وروافد لها في كافة البلدان العربية كخلايا سرية لمواجهة الأنظمة والطبقات الاجتماعية في هذه الدول الخليجية مستغلة حالة القلق والمعاناة التي تعانيها هذه الحلقة الضيقة في مجتمعاتها السنية.
وبالرغم من الفرص العديدة بين إيران وجيرانها العرب والتي ابتدأت إبان حرب الخليج لحل الخلافات والخروج بمواقف متوافقة تحول دون الصدام والذهاب إلى صراع دموي مذهبي ،لكن إيران كانت ترى أنها الأقوى والأقدر على تنفيذ سيطرتها التوسعية وبسط نفوذها الجيوسياسي في هذه المنطقة ،مما أدى بالأمور في بداية عام 2012 إلى صدام وصراع مذهبي مباشر بين دول الخليج وإيران على مواقفها في سورية والعراق ولبنان واليمن وبالتالي أدت إلى ظهور تنظيمات سنية متطرفة مثل (داعش والنصرة والقاعدة) لمواجهة التطرف الشيعي الإيراني.
وهنا لا بد من التوقف إمام أمرين هما جهور المشكلة مع الحركات الإسلامية الشيعية:
-إن وجود الشيعة في الخليج كان نتيجة العمل والتجارة بالإضافة إلى جلب لجاليات شيعية من إيران لأحداث توازنات ديمغرافية مع العراق المجاور ،وتحديدا في بداية تكوين الكيانات السياسية التي عرفت بالدولة.
-إن مشكلة خلاف الشيعة مع الدولة ليست حديثة ،لان الشيعة بالأساس لا يقرون بوجود دولة ،وبالتالي إن كل دولة موجودة هي دولة ظلم طالما لم تكن دولة الإمام المعصوم.
يرسم هذا الكتاب صورة عامة عن تطور الحركات الإسلامية الشيعية في ثلاثة دول خليجية لعبت فيها السياسية التبعية دورا مركزيا مهما من خلال المرحلة المعاصرة والإحاطة بهذه الحركات اقتضت تناولها من زاوية نظر أوسع بكثير وتأخذ بعين الاعتبار البيئة والجغرافية التي تتخطى الجانب العربي في الخليج ودور الحركات الإسلامية أيضا في سياق جغرافي سياسي اكبر من تلك الحلبات.
ولكن لابد من الإشارة إلى دور المترجم ألذي يختزن قدرات معرفية كبيرة لجهة الترجمة وربطها بالمنطق السياسي السليم من خلال لغة عربية سليمة وشرحه للنقاط والمفاصل بطريقة مميزة نتيجة قدرة المترجم لكونه عالم اجتماع ،وخبير في الشؤون والمفاهيم الاجتماعية والإسلامية قد مكن الدراسة من أن تأخذ شكلها الحالي في اللغة العربية ،وان تكون ذات تأثير في مفهوم السياسية الشيعية التي باتت تفرض نفسها في المصطلحات والدراسات العلمية بظل الصراع المذهبي الخالي القائم في المنطقة.
يعتبر كتاب البروفسورة الفرنسية والخبيرة بالشؤون الإسلامية لورنس لويير دراسة سوسيولوجية تاريخية قيمة و تتألف من 333 صفحة موثقة بمراجع علمية وأبحاث وكتب فرنسية وأجنبية مزوده بمقابلات مع أشخاص ،إذ تضيف الباحثة كتابا إلى المكتبة العربية واللبنانية ومرجعا يساعد الباحثين والمختصين والمعنيين من الاطلاع عليه لكون الدراسة تحمل قيمة في طياتها قيمة تاريخية لحقبة زمنية مميزة لدور شيعة الخليج وصعود المد السياسي الشيعي مع نجاح الثورة الإيرانية انهيار العراق
وخولنا بمرحلة جديدة من الصراع المذهبي بين التطرف (الشيعي السني).

د.خالد ممدوح العزي.
باحث وكاتب مختص بالعلاقات الدولية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا