الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة شارلي إبدو

رحمن خضير عباس

2015 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مجزرة شارلي إيبدو
رحمن خضير عباس
ليس ثمة شك في أنّ جريمة شارلي إيبدو بشعة بكل المعايير ، وإنها صادمة للحس الإنساني . ولم تقتصر الصدمة على المجتمع الفرنسي فحسب وانما تجاوزته الى جميع المجتمعات الإنسانية . إنها جريمة متطرفة تقطر بالحقد والكراهية ، وتدخل ضمن غياب العقل والمنطق في التعامل والحوار بين ألإختلافات في المعتقدات والأهواء ووجهات النظر بين البشر ، سواء كانت على هيئة أديان او قيم وضعية . ولاشك أنّ تأثيرات الجريمة ستنعكس سلبا على المسلمين في جميع أنحاء المعمورة ،وعلى نظرة الآخرين الى الإسلام . وستنعكس حتما على التعامل ما بين الفرنسيين الأصليين وبين الفرنسيين من أصول عربية واسلامية . واعتقد أنّ الكثير من الأبرياء من الطرفين سيدفعون ثمن جريمة لم يكونوا طرفا فيها . إنه جنون التطرف الذي يجتاح العالم والذي يشكل تحديا للسلم والأمن والتوافق والتفاهم بين الأمم . إنه التطرف الذي انفتح على مصراعيه، بينما العالم ومنه فرنسا يتفرج عليه دون ان يتدخل لمنعه او الحد منه . لقد ساهمت فرنسا في مساعدة المتطرفين الليبيين في القضاء على القذافي - الذي يستحق هذه النهاية - ولكنها لم تساهم في القضاء على العصابات المتطرفة التي سيطرت على ليبيا مع أنها أشذّ خطورة من نظام العقيد . لقد كان العراق ومازال يعاني من وطأة ارهاب أعمى أشبه بحرب الإبادة ضد العراقيين جميعا ، وما احتلال داعش على ثلث العراق الآ جزء من عملية الفرجة واللامبلاة من قبل المجتمع الدولي ومنها فرنسا . ولم يدرك هذا العالم بأنّ داعش لاتهدد العراق وانما تهدد العالم ، والهجوم المرعب على صحبفة شارلي إبدو يشكل جزءا من عملية التساهل الذي يبديه العالم تجاه هذه العصابات المارقة التي ترفع رايات الإسلام واسلحة الذبح على مرآى العالم ، دون ان يتحرك أحد لأنقاذ البريء ونبذ التطرف ومحاربته بشكل جدي . كما أنّ لفرنسا علاقات متميزة بالدول التي تشجع وتدعو الى الإرهاب وهي معروفة جيدا .
هناك أمر آخر يجب أنْ نعيره الكثير من الأهمية ، وهو السقف المسموح به لحرية التعبير . فيجب ان تكون هنالك صيغ قانونية لمفهوم الحرية بإعتبار ( الحرية مسؤولية ) ولذا يجب ألّا تسبب بمضاعفات خطرة ونتائج غير محسوبة ، أعني اذا كانت حرية التعبير تتضمن إساءة الى رموز دينية وتسبب نتائج كارثية فان هذا السقف من الحرية يجب ان يتنازل لصالح الأمن الإجتماعي . لذا فان مافعلته جريدة شارلي أبدو ودابت على فعله يندرج ضمن الإستفزازات غير المفهومة للعالم الإسلامي . لذا فقد أعطوا للتطرف فرصة ثمينة لكي يقوم بحماقاته . إن التركيز على شخصية النبي محمد بصور ساخرة ستقوم بتوليد ردة فعل غير محسوبة العواقب ، كما أنها تدخل في خانة التطرف في الرأي وهذا يتناقض مع رسالة الصحافة الحرة التي ينبغي أنْ تتحلى بالنبل والتشرب بقيم التسامح بين إشكالية الإختلاف .
إنني أقدر عاليا تبجيل الأمة الفرنسية لحرية التعبيروحرية الصحافة والإعلام ولكن هذه الحرية ينبغي ان تتوافق مع القيم العليا للمجتمعات المتحضرة ومنها احترام المعتقدات الدينية ومنع كلما يعكر صفو الأمن والسلم الإجتماعي.
انني حزين على ضحايا المجزرة ، وحزين لضحايا الحقد والتعصب . واتمنى أن يستفيد العالم أجمع من هذه التجربة المرّة ، بإصدار تشريعات تمنع الإساءة الى الرموز الدينية لكل الديانات في العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف