الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات عن اداء وظائف مؤسسات الدولة العراقية

صباح قدوري

2015 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


د.صباح قدوري
في المجتمعات المتقدمة والمتحضرة ،المترسخة فيها مبادئ القيم الديمقراطية وتمارس تطبيقها عمليا في الحياة اليومية، نجد ان مؤسسات الدولة الادارية ، وبالتحديد السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية مستقلة تماما وغير متداخلة في واجباتها واداء وظائفها، ناهيك ايضا السلطة الرابعة وهي الاعلام .اما في معظم دول المنطقة ومنها العراق اليوم، هناك خلل في فهم وواجبات وممارسة صلاحيات هذه السلطات، كاد ان يكون الفصل بينها وعدم تجاوزها ضعيفة جدا في الممارسات التطبيقية.وتؤدي هذه الحالة في تدخل صلاحيات ومسؤوليات هذه السلطات مع بعضها، مما يؤثر بلا شك على ممارستها وما يترتب عليها من نتائج سلبية وغير مرضية في عملية صنع القرارات.
حدد الدستور العراقي بشكل واضح ومحدد صلاحيات هذه السلطات وكيفية ترجمتها الى واقع التطبيق في الحياة اليومية.اما الممارسة الفعلية لهذه السلطات على ارض الواقع في العراق، تتسم ببعض الصفات ، وهي كالاتي :
ـ ان السلطة القضائية مسيسة لدينا بدرجة ما لصالح قرارات الحكومية (السلطة التنفيذية).
ـ ان تقاسم السلطات الادارية في التشكيلة الحكومية، لا يزال مبني على المحاصصة المقيته والحزبية الضيقة وضعف اداءها، بعيدا عن اختيار الوزراء على اسس الكفاءة المهنية والخبرة والنزاهة.
ـ ان دور وصلاحية السلطة التشريعية ( البرلمان)،مهيمنة عليها هي الاخرى المحاصصة الحزبية والطائفية والمذهبية والاثتنية الضيقة.
ـ ان رئاسة البرلمان تمارس بعض مهمات وهي خارجة عن اختصاصاتها، ناهيك في كثير من الاحيان هنالك خروقات بروتوكولية واضحة في بعض هذه الممارسات، فمثلا، ليس من اختصاصات رئيس البرلمان اونوابه او اعضاء الوفد المرافق له في حالة ايفادهم الى اية دولة لتبادل وجهات النظر والتعاون في العمل بين برلمان تلك الدولة، بان يلتقي الرئيس او احد اعضاء الوفد بالمسؤولين الرفيعين من رئيس الدولة او رئيس الوزراء وغيرهم.
ـ ان دور الرقابة لا يزال ضعيفا في البرلمان وتمارس بشكل غير نظامي احيانا، قد ينسحب سلبا في اداء هذا الدور بشفافية ومصداقية وجودة عالية.فمثلا لم نجد اي دور بناء للرقابة المالية في البرلمان، ولاسيما فيما يخص الموازنة الاتحادية ، وتاخير تقديم الحسابات الختامية للفترات السابقة، وعدم مناقشة تقارير هيئة الرقابة المالية اوحتى النزاهة.
ـ يتطلب من رئاسة البرلمان تنظيم مسالة التصريحات الاعلامية المختلفة التي تصدر من بعض اعضاء البرلمان بشكل شخصي او يعبرعن وجهة نظر كتلته السياسية، وتتسم احيانا بنوع من الاستفزازية تجاه الاخرين و/او تكون ناقصة في المعلومة وغيرمهنية،وحصر هذه التصريحات برؤساء اللجان المختصة في البرلمان كل حسب اختصاصه، منعا للالتباس .
ـ امام البرلمان مهمات اساسية آنية، يجب انجازها وتشريع قوانين خاصة بها، لاسيما قانون الميزانية، قانون النفط والغاز،قانون الاحزاب، واعادة النظر في قانون الانتخابات التشريعية الحالية، وغيرها، وباسرع وقت ممكن.
ان علاقة السلطة التنفيذية والبرلمان ببعض المؤسسات الاخرى، مثل (البنك المركزي، وهيئة الرقابة المالية،وهيئة النزاهة، والهيئة المستقلة للانتخابات)، التي لها صفة مستقلة ايضا والمسؤولة مباشرة عن اداء واجبها،غير واضحة بشكل محدد، فمنها على سبيل المثال:
ـ نجد ان البرلمان من خلال لجانه المتعددة الدائمة، و/أو تشكيل لجان خاصة لمهمات خاصة، مثل انشاء مؤخرا لجنة خاصة لتحقيق في مسالة سقوط الموصل في يونيو/حزيران العام الماضي من قبل ( داعش) على اسس المحاصصة المقيتة، قد يؤثر قراراتها على (نزاهة التحقيق!)، ليس من اختصاصها بقدر ماهو من اختصاص القضاء العسكري للتحقيق في هذه المسالة ، بعد تقديم الدعوة على المسؤولين المباشرين في وزارات الدفاع والداخلية والامن القومي والقائد العام للقوات المسلحة السابق،ومن شارك معهم من المدنيين بتهمة الخيانة العظمى وتهديد الامن القومي، لتاخذ طريقها الى العدالة وفق الاصول القانونية.
ـ ان البنك المركزي مسؤول في رسم السياسة النقدية للبلد، من سعر صرف الدينار، اصدار العملة، احتياطات سلة العملات الاجنبية، معدل الفائدة، التضخم النقدي، وغيرها .فمن المفروض عدم تدخل او توجيه من السلطتين في شؤون البنك في هذه الاختصاصات. ولكن في حالة وجود التقصير في اداء مسؤولي البنك لواجباتهم بشكل صحيح ، يقتضي للبرلمان استقدامهم للاستجواب والمحاسبة بعد ثبوت القضية .
ـ هيئة الرقابة المالية مسؤولة عن تدقيق الحسابات وانجاز الحسابات الختامية في موعدها المقرر،والوقوف على التجاوزات وعدم قانوية الصرف او الايرادت،والكشف عن الفساد المالي والاداري في اداء المؤسسات الادارية للدولة، وغيرها. وهي ملزمة بتزويد البرلمان بتقاريرها الدورية والسنوية بغية عرضها للمناقشة من قبل اعضاء البرلمان والمصادقة عليها .
ـ اما هيئة النزاهة المستقلة، وهي حديثة التكوين في العراق بعد 2003 ، مهمتها اجراء التحقيقات اللازمة في كل قضايا تتعلق بالفساد المالي والاداري.وهي ضعيفة في اداءها، وتحتاج الى اعادة تشكيلها على اسس الكفاءة والخبرة والنزاهة والاخلاص بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة،وتفعيل دورها لمحاربة الفساد المستشري في كل المفاصل الحكومية والحزبية.
ـ والحال بالنسبة للهيئة المستقلة للانتخابات، وهي الاخرى حديثة العهد بعد 2003،اذ تقاسم اعضاءها على اسس المحاصصة الطائفية والمذهبية والاثنية والحزبية الضيقة.بالاضافة الى التدخل المباشر من ( السلطة التنفيذية) في شؤون المفوضية في كل الدورات الانتخابية،لفرض تنفيذ اوامرها ورغباتها وطلباتها على العملية الانتخابية، مما يمس باستقلاليتها ودورها في الاداء.
ان تفعيل دور السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية والاعلامية، لكي تمارس وظائفها بالشكل الصحيح والمطلوب،يقتضي قبل كل شئ التاكيد على احترام استقلاليتها وعدم التدخل في شؤونها. في التطبيق العملي لا يمكن تحقيق ذلك ، الا من خلال الديمقراطية الحقيقية وممارستها فعليا في الحياة اليومية. وهذا يعني اقرار بالتعددية السياسية ونظام الحكم والمساواة في المواطنة بعيدا عن الهويات الفرعية (الدين، القومية، الحزبية الضيقة، واحترام الاراء والحقوق العامة والخاصة للمواطن، الفصل بين الدين والحكم، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
بالرغم من التغيير الذي حصل بعد الانتخابات الاخيرة، وتحقيق بعض منجزات اولية في اجراء تغيرات على البنية الادارية لمؤسسات الدولة، وانفتاح الكتل السياسية على بعضها (نظريا)، وتجري العملية ببطئ كمشي السلحفات في الممارسات الفعلية،والتوجه نحو حل الخلافات مع اقليم كردستان العراق من دون اعلان اجراءاتها وملامحها وحلولها كاملة وبشفافية للجمهور العراقي. الانفتاح ايضا في العلاقات مع دول الجوار الاقليمية والدولية، التي تحتاج الى المتابعة ووفق اسس المصالح المشتركة ومبدأ المقابل بالمثل، وعدم الأفراط بالسيادة الوطننية.
ختاما، ان جميع المؤسسات الادارية المتمثلة بالسلطات المذكورة انفا ، مطلوبة للعمل الجاد في اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية (من دون االدخول في التفاصيل)، كالاتي:
ـ التوجه نحو حل المشاكل السياسية بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية لمصلحة وحدة العراق وشعبه.
ـ الابتعاد عن المحاصصة الطائفية والمذهبية والاثنية والحزبية الضيقة في توزيع الادوار السياسية، بهدف الأستحواذ على السلطة والمال والنفوذ.
ـ اصدار قانون الاحزاب على اسس المواطنة ، بعيدا عن التعصب الطائفي والقومي والديني والتدخل الحكومي المباشر في شؤونها الداخلية.
ـ انقاذ البلاد من الخطر الامني، والقضاء على الارهاب باشكاله المختلفة ، وخاصة في المعركة مع (داعش)
ـ التحول من الدولة الريعية ، الى دولة انمائية ، تدفع بعملية النمو الاقتصادي، من خلال تحسين الانتاجية، وارساء حكم السليم ومعالجة البطالة عن طريق استحداث فرص العمل اللائق.
ـ التوجه نحو التنمية المستدامة الشاملة للجميع ، قابلة للتحقيق.
ـ اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية شاملة للجميع تحقق العدالة الاقتصادية والاجتماعية .
ـ محاربة الفساد الاداري والمالي بجدية وحزم.
ـ الترشيد باركان ومبادئ الادارة الرشيدة.
ـ ضروة تفعيل وتطبيق اللامركزية الادارية والمالية للمحافظات بعد اقرار الموازنة الاتحادية 2015.
ـ ايجاد حلول سريعة ومجدية لمعالجة شؤون اللاجئين والنازحين عبر التعاون الجدي بين الرئاسات الثلاث ، وباسرع وقت ممكن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
هاتف بشبوش ( 2015 / 1 / 18 - 20:13 )
تحياتي الى الدكتور العزيز على هذه المقالة الشيقة ,,,,,,,,,والتي شملت الكثير من الأشياء الضرورية لمناقشتها ووضعها على الطاولة ,,,,,,,,هاتف بشبوش

اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص