الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقية وعثمان

أحمد سعده
(أيمï آïم)

2015 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الكل يعرفها جميلة، رقيقة، راقية، مبتسمة.. وتلك مواصفات نادرا ما تجتمع في فتاة تعيش في ظل بيئة بدوية قبلية خشنة شديدة الحرارة..

تزوجت من ابن عمها عتبة ابن أبي لهب.. وبعد البعثة أراد أبولهب أن يكسر قلب الرسول، فأجبر ابنه عتبة على تطليقها قبل أن يدخل بها.. وعادت "رقية بنت الرسول" إلى بيت أبيها مطلقة..

تقدم لخطبتها ذلك الشاب الغني الوسيم الكريم العفيف. ووافقت عليه عن حب وكرامة.. تزوجها وهو يعلم أن أهله سيغضبون عليه، ولن يشاركوه فرحته.. وأصبح "عثمان ورقية" أجمل وأشهر زوجان متناسقان يعيشان في محبة وسعادة وسلام.. يعرفهما الجميع ويتحدثون عن جمالهما... (حاجة كده زي برادبيت وأنجلينا دلوقت).

وحينما أرسل الرسول "أسامة بن زيد" بقطع من اللحم إلى بيت عثمان ورقية. سأله بعد عودته: "هل نظرت لهما يا أسامة؟" . أجاب نعم.. سأله مرة أخرى وهو متلهف ومبتسم: "هل رأيت زوجا أحسن منهما؟" . أجاب: لا..

تلك هي المسئولية والمشاعر الإنسانية التي يشعر بها أي أب تجاه بناته حتى لو كان الرسول.. فالرسول كان ككل آباء هذا العصر يفتخر بابنته وبجمالها، بعيدا عن ذلك الهوس المنحط الذي يتعامل مع كل ما هو مؤنث باعتباره مثيرا للغرائز والشهوات..

ولما اشتد الأذى على المسلمين، أمر النبي "عثمان ورقية" بالهجرة إلى الحبشة.. وهناك على هذه الأرض الجبلية الوعرة، حملت رقية وأسقطت جنينها الأول.. ومرضت، واشتد شوقها وحنينها لأبيها وأمها وأرضها وأخوتها، وكان عثمان من يخفف عنها آلامها ويرعاها ويعتني بها ويحنو عليها، وحملت ثانية ووضعت ولدا أسمياه عبدالله..

وبعد هجرة المسلمين للمدينة، عاد "عثمان ورقية" ليهاجرا للمدينة ومعهما طفلهما.. لكن للأسف لم تجد رقية أمها "خديجة ".. وبكت بكاءا شديدا وسألت أين أمي؟.. لقد ماتت أمك يارقية بعد الحصار في شعب أبي طالب بعد ثلاث سنوات من الظلم والعذاب...

هنا في المدينة حيث الأوبئة والأمراض، استقرت "رقية" مع زوجها عثمان بعد غربة في الحبشة فقدت خلالها جنينها، وماتت أمها.. لتتوالى عليها النكبات.. وكان ما يخفف عنها هو طفلها الذي أخذ ينمو ويكبر أمام أعينها في سعادة، وما أن أتم ست سنوات حتى مات هو الآخر بعد أن نقره "ديك" في عينه.. لتنتقل "رقية" من بلاء إلى ابتلاء..

مرضت "رقية" الجميلة الرقيقة لوفاة ابنها، وإشتد عليها المرض، وحزن الرسول كثيرا لحزنها.. وكالعادة كان "عثمان" هو طبيبها..

في تلك الأثناء كان الصدام العسكري الوشيك بين المسلمين وقريش قد بلغ مداه.. المسلمون عددهم لا يتجاوز 300 محارب، وقريش أعدادهم تتخطى الألف رجل.. نسبة النصر للمسلمين ضئيلة..

الرسول كان بحاجة لكل رجل في هذه المعركة الحاسمة المرتقبة.. إنها حرب تحديد المصير.. نكون أو لا نكون .. إنها في تقديري أهم معركة في تاريخ المسلمين.. الصحابة في ارتباك بسب أعدادهم، والرسول ينظر للسماء ويدعو الله بقلق بالغ: "إن تُهزم هذه الفئة، لن تُعبد في هذه الأرض بعد اليوم.!"

خرج الرسول متجها إلى بدر، بعد أن خسر جهود "عثمان" كواحد من أهم محاربيه ورجاله، وسمح له أن يجاور "رقية" في مرضها..

وبينما يخوض الرسول حرب تقرير وجود ضد قريش، اشتد المرض على رقية حتى فاضت روحها إلى الله.. ماتت تلك الصغيرة البريئة في الثانية والعشرين من عمرها.. ماتت رقية بين يدي زوجها وحبيبها "عثمان"..

لقد آن لك الآن أن تستريحي يا رقية، وتلتقي بأمكِ وولديكِ.. آن لكِ أن تستريحي من عناء الدنيا ونصبها وتعبها..

عاد الرسول من بدر منتصرا، ومشتاقا لرؤية إبنته رقية.. ليجدها قد فارقت الحياة وعلى وجهها ابتسامة رضا أبدية، وفي عيني "عثمان" أحزانا ودموعا لا تجف.. لكن عند الله تجتمع الأحبة يا رسول الله..

تلك قصة رومانسية حقيقية لن تراها في أفلام الدراما التركية..

فنحن لسنا بهذا الحد من البشاعة والفظاعة يا دواعش هذا العصر..
فقط لم نقرأ التاريخ كما ينبغي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24