الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتصاب تحت غطاء شرعي .. زواج القاصرات انتهاك صارخ للإنسانية

حسين رشيد

2015 / 3 / 30
حقوق الاطفال والشبيبة


اغتصاب تحت غطاء شرعي .. زواج القاصرات انتهاك صارخ للإنسانية
حسين رشيد
1_2

لم تكن إيناس تقوى على الحديث وهي تقص حكاياتها التي بدأت ذات مساء حين وقفت سيارة حديثة أمام دارهم القابعة في أقصى أطراف العاصمة، حيث ترجـَّل منها ثلاثة رجال وامرأة. دخل البيت الرجال وجلسوا مع الأب وجلست المرأة مع الأم وثلاث بنات قاصرات أكبرهن في 12 من عمرها. في دقائق معدودة تمت الصفقة تسلمت الأم مبلغاً من المال يبلغ قرابة (5) ملايين دينار ومليونين بعد أيام، في آخر تلك الدقائق تم عقد القران وأصبحت إيناس(12)عاما زوجة محمود (45) عاماً.
في مساء آخر جاءت المرأة وسلـَّمت الأم المبلغ المتبقي وأخذت إيناس إلى شقتها الجديدة في منطقة بغداد الجديدة، كما أبرمت صفقة مع الأم بخصوص البنات الأُخريات التي تبلغ إحداهن (11)عاما والأخرى(10) أعوام، لكن قبل إتمام تلك الصفقة عادت إيناس إلى بيتهم وهي في حال صحي لا يسر أبداً.
إهانة كبرى للمرأة
الحقوقي عبيد هاشم محبوبة أوضح أن أي بلد يدخل الحرب لفترات طويلة بالتأكيد سيفقد ويستزف موارده البشرية من الرجال لأن الحرب ماكنة طحن وعليه عاش العراق من الستينيات ظروفاً وحتى الآن تسمع أصوات البنادق والمدافع مدوية في سماء كل مدننا من الشمال إلى الجنوب، مضيفاً أن هذه الحالة خلقت عدم التوازن بين الجنسين الذكور والإناث وحسب ما أعتقد ان نسبة الإناث إلى الذكور كبيرة جدا مما يُجبر أهالي الفتاة القبول بهذا الإجراء خوفاً على مصير ابنتهم من البقاء عانساً طوال حياتها، إضافة إلى قبول البنت بهذا الاجراء لعلها تحظى بحياة سعيدة مع زوج يسعدها وبعدها يكون لكل حادث حديث ..
واسترسل محبوبة: إن السبب الثاني هو وجود طبقة ثرية أثرت على حساب الشعب العراقي سواء من السياسيين أو من رجال الأعمال والمقاولين والسُرّاق همهم هو ســد حاجتهم الجنسية وإشباع رغباتهم بأكثر من امرأة بعيداً عن عيون زوجته الاولى وبعيداً عن عيون أولاده والقريبين منه ايضا كانت سبباً في وجود حالة الزواج خارج المحكمة. متابعا: عقد الزواج خارج المحكمة هو عقد شرعي يتماشى والشريعة الإسلامية لأنه لاقى القبول بين الطرفين وفيه تتم إلقاء الحجة على الطرفين بالإيجاب والقبول أي أنه تم وفق رغبة الطرفين ولا شائبة عليه وفق الشرع لكن من الناحية القانونية فهو مخالفة صريحة لقانون الأحوال الشخصية الذي يُلزم الطرفين الرجل والمرأة بوجوب تسجيل عقد زواجهما من قبل المحكمة المختصة وهناك جزائيات قانونية على كل عقد يتم خارج إطار المحكمة.
وعن كيفية معالجة الأمر الذي يُشكل خطرا كبيرا على تماسك العائلة العراقية ذكر الحقوقي عبيد هاشم محبوبة أن المعالجة الوحيدة هي وجوب قيام منظمات المجتمع المدني التي تهتم بحقوق الانسان وكذلك قيام الجهات الإعلامية بعقد ندوات تدار من قبل ذوي الشأن لتعريف المرأة بحقوقها والآثار المترتبة لعقد الزواج خارج المحكمة مع اهمية إيلاء الجانب الاقتصادي دورا كبيرا من خلال تحسين الظروف المعاشية. ملخص الأمر أن (الزواج خارج المحكمة إهانة كبرى لحرية وكرامة المرأة).
قانون الأحوال
تفاقمت ظاهرة الزواج خارج المحكمة، وانتشارها في المجتمع نتج عنه مشكلات كثيرة وأضرار بالغة في العديد من الأسرة والعائلات خاصة تلك التي تشكو من وضع اقتصادي، يضاف إلى ذلك زواج القاصرات وازدياد حالات الطلاق، التي غالبا ما تتسبب بظهور الابناء من دون معرفة نسبهم.
تقول سهام: تزوجت زواجاً خارج المحكمة لأسباب منها إن زوجي متزوج ولديه أولاد لا يستطيع مصارحتهم بالأمر وظل الأمر حتى جاءت الطفلة الاولى وبرغم كل الإلحاح بتصديق العقد كان يتعذر بسبب الوضع الأمني والعمل وبعض مشكلاته مع أسرته لينتهي الأمر باستشهاده بتفجير ارهابي، والطامة الأكبر أنني لا أمتلك أية ورقة تفيد بزواجي منه، لأنه كان يحتفظ بها في مكان خاص لا أعرفه.
وتضيف سهام: وحين ذهبت للاستفسار عن عنوان واسم السيد الذي عقد لنا قالوا انه توفى، هذا مع عدم وجود إجازة أو توكيل يمنحه إقامة العقد، وها أنا الآن كما ترى حائرة بالبنت.
مكاتب غير مرخصة
تشير تقارير منظمات المجتمع المدني وبعض الجهات القانونية إلى وجود نسب متقدمة من حالات الزواج خارج المحاكم، الأمر الذي تسبب بظهور اشكالات ومشكلات جديدة في بنية المجتمع العراقي وتماسكه، كما تشير هذه التقارير إلى أن أكثر مكاتب ما يعرف بالمأذون الشرعي غير مرخصة من قبل الجهات المختصة، وأن البعض منهم يقوم بتنظيم عقد الزواج مثلما يُطلب منه مقابل مبلغ مالي يُحدَّد على نوع العقد والمراد منه.
وهذا الأمر سيؤدي حتماً إلى إبرام عقود زواج مخالفة للأحكام الواردة في قانون الأحوال الشخصية عدد 188 لسنة 1959، وخاصة في ما يتعلق بزواج القاصرات، الذي يمكنأن لا يمثل أي إشكال بالنسبة إلى المأذون الشرعي، في حين أن قاضي محكمة الأحوال الشخصية يعــد بلوغ الفتاة السن القانونية للزواج، وهي سن الـ18، من الشروط الأساسية لإبرام عقد الزواج، ولم تشهد محاكم الأحوال الشخصية أية حالة لزواج القاصرات، على الرغم من انتشار هذه الظاهرة في المجتمع العراقي، الأمر الذي يؤكد صرامة المحاكم في تطبيق هذا الشرط.
أرقام واحصائيات
القاضي رحيم العكيلي قال للمدى: عموما يظل عقد الزواج هو العلاقة الأهم التي تؤثر في حياة المرأة ومستقبلها وآفاق الحفاظ على آدميتها وكرامتها، وتكون الحقائق والارقام والاحصاءات عنه أمراً في غاية الأهمية لكل مفاصل الدولة والمجتمع، مشدداً على الحاجة الماسة إلى معرفة حقائق كثيرة عن الزواجات في العراق، فكم هو عدد الزواجات قياساً إلى عدد حالات الطلاق؟ وما مدى انتشار تزويج الاطفال وفي أية المحافظات يقع اكثر من غيرها، وما مدى انتشار تعدد الزوجات ومناطق تفاقمه في المحافظات، وأسبابه، ومستوى المهور وأنواعه ومدى المبالغة فيها، والفوارق بين الزوجين سواء في العمر أو في المستوى الدراسي أو المستوى الاقتصادي، وما مدى انتشار الزواج خارج المحكمة، وكيفية التعامل معه كجريمة ومستوى الردع بشأنه .... الخ .
وتابع العكيلي: قد تصلح هذه الاحصاءات والأرقام عن الزواجات في كشف طبيعة العلاقات الحقيقية بين القوميات والاديان والطوائف المختلفة في البلد، ومستوى الوجود الاجنبي فيه، سواء للسياحة أو العمل.
المحامي احمد رامي الغالبي يقول: تتحدد أهم الأسباب للإقدام على عقد الزواج خارج المحكمة في أن القانون وضع ضوابط وشروطاً لإجراء العقد داخل المحكمة منها ما يتعلق بسن الزواج، والسلامة الطبية بين الزوجين، اضافة إلى عدم وجود عارض من عوارض العقل, فبموجب قانون الأحوال الشخصية تتحقق أهلية الزواج الكاملة بالعقل وإكمال الثامنة عشرة من العمر وهذا ما تضمنته المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية إذ نصت (يشترط في تمام أهلية الزواج العقل وإكمال الثامنة عشرة)، مضيفا: بينما لم يحدد فقهاؤنا أهلية الزواج بسن معين وانما تركوا الأمر لمن يعنيهم الأمر ويتعلق بهم، وحتى رجل الدين عندما يقوم بعقد الزواج بين شخصين لا يلتفت اطلاقاً ما إذا كان سن الزوج أو الزوجة يؤثر على الحياة الزوجية من ناحية الإدراك الاجتماعي لهذه الحياة، أو يلتفت إلى أن الزوج سفيهاً أو به عارض من عوارض الزواج، أو هل هو مصاب بمرض يُسبب الأذى للزوجة أو ينتقل عن طريق الزوجة وبالتالي يُؤثر سلباً على حياة أبنائهم مستقبلاً؟
الغالبي اشار الى حوادث ومشاكل حدثت بالزواج خارج المحكمة حيث قامت الزوجة بعد تطليق الزوج لها بتسجيل الطفلة باسم أبيها وبذلك أصبحت البنت أختاً لأمها وقد افتضح الأمر حينما قام الأب بالذهاب للمدرسة لكي يرى بنته ناسياً أنها غير مسجلة باسمه، بل باسم جدها وعدَّ الأمر تزويراً،إذ لعبت الصدفة دورها في هذه الواقعة، مستطرداً: زوجٌ آخر يسجل أبناءه الثلاثة باسم أخيه وآخر يتزوج امرأة ثانية ويسجل ابناءه باسمها فيما هنالك مَن لا يعترف بالنسب أصلاً ما يؤدي إلى قيام المحكمة بفحص الحمض النووي للطفل لمطابقته مع الأب وهذا يتطلب إجراءات عــدة.
فارزة
هل من الممكن أن يتخيل أحدنا ردة فعل الصبي او البنت يوم يعرف أن مَن كتب باسمه ليس أبوه الحقيقي فقد يكون جده او خاله او عمه او شخصاً آخر، وأن اباه الذي ارتكب جريمة الزواج من امه خارج اسور القضاء والمحكمة تركها بعد ايام او شهور من اللهو! مَن يضمن بقاء هذا الولد في عالم خالٍ من الإجرام والقتل، ومَن يضمن بقاء البنت بعيدة عن بيوت البغـاء بعد معرفته حقيقية الأمر؟!
انتشارالزواج خارج المحاكم جريمة اخرى تدخل المجمتع العراقي في دوامة التفكك والانحاط، فوجود هكذا أناس يتاجرون باجساد الصبايا سواء كانوا آباء او امهات او ازوج او وسطاء وسماسرة يتقاضون أجرهم على كل زيجة من الطرفين. لم يكن وليد الظرف الحالي فهو نتيجة تراكمات فكرية ودينية واغلاق عليهما، ناهيك عن تردي الجانب الاقتصادي للكثير من تلك العوائل التي اضطرت الى بيع بناتها والمتاجرة بأعمارهن وأجسادهن في سوق يجول فيه البعض من اصحاب انعدام الضمير الإنساني والأخلاقي، خاصة اولئك الذين أثروا ثراءً فاحشاً على حساب هولاء الفقراء.
الاحصائيات تشير الى ارقام كبيرة ومخيفة في الزيجات خارج اسوار القضاء وانعكاس تلك الزيجات فيما بعد وكيفية الانفصال الذي غالبا ما يؤدي الى ضياع حقوق "البنت" الزوجة القاصرة والطفل الأمر الذي يدعو الى معالجة سريعة وإيقاف هذه التجارة التي لا تقلُّ سوءاً عن تجارة الرقيق!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة