الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى مؤمن

محمد علي عبد الجليل

2015 / 5 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أخي المؤْمِن،

اعلــمْ أنَّ مِن واجبي أنْ أحترمَــكَ كأخٍ لي في الإنسانية ومِن حقِّي بالمقابل أنْ أَسْـــخَـــرَ مِن معتقداتِكَ المُضحكةِ التي مِن حقِّـــكَ أنْ تعتنقَها وتعَضَّ عليها بالنواجذ.

إنَّ سخريتي من معتقداتِكَ ليست قِلَّةَ احترامٍ مني لشخصِكَ الكريمِ، بل هي فقط عدمُ احترامٍ مني للأفكار التي تقومُ عليها معتقداتُــكَ.

فأنا أحترمُ إنسانيتَـــكَ وفي الوقت نفسِه أَسْـــخَــرُ مِن "الحبَل بلا دنَس" و"شقّ البحر" و"شقّ القمر" و"البراق" و"الجنة والنار" و"آدم وحواء" و"أضحية إبراهيم" و"نيام أفسُس السبعة" ["أصحاب الكهف"] و"عذاب القبر" وأحكام الجَلد والقتل وغيرها... فهذه الأساطيرُ والأفكارُ التي يَـــلبسُها ذهنُـــكَ ليست أنتَ، بل هي رداءٌ فكري مهترئٌ ورثْــــتَـــه أنتَ -أخي المؤمن- عن أجدادكَ الذين كانوا يلبسونه منذ آلاف السنين.

أَسْخَرُ من معتقداتكَ لأنها تتنافى مع أبسط قواعد المنطق والتجربة (إلَّا إذا فُهِمَتْ على المعنى الرمزي) وأرفضُها رفضاً قاطعاً وأحاربها بوسائلَ لاعنفيةٍ في حالِ سوَّلَتْ لكَ نفسُـــك فَـــرْضَها علَيَّ. واعلمْ أنَّ مِن حقّي أنْ أواجِهَ معتقدَكَ الذي تريدُ أنْ تطعنَـني به بسخريتي التي أريد أنْ أصُدَّ بها طعنةَ معتقدِكَ.

وبالتالي فإنني أعتبرُكَ أكبرَ وأقْدسَ من أفكارِكَ ومعتقداتِكَ وموروثاتِكَ التي تسجن نفسَــكَ المسكينةَ فيها. فأنا أَسْخَـرُ من سِجْـنِكَ لا مِنكَ أنتَ.

بينما أنتَ تعتبرُني كالأنعام بل أضلَّ منها لمجرَّد أنني سخِرْتُ من سجونِكَ الفكرية والنفسية. وبالتالي قد يصلُ بكَ الأمرُ إلى أنْ تُبيحَ لنفسِكَ أنْ تفعلَ بي ما تفعلُه بالأنعام.

واعلمْ –أخي المؤمن- أنني مستعدٌّ دائماً لأنْ أفعلَ ما بوسعي لمساعدتِكَ على فهمي أولاً وعلى تحرير نفسِكَ من هذا السجن ثانياً، هذا إن شئتَ أنتَ أولاً وأخيراً. وإنْ لم تشأْ فهذا حقُّـــكَ وخيارُكَ ويبقى ليَ الحقُّ في السخرية لا منكَ أنتَ -مَعاذَ اللهِ- بل من معتقداتٍ تقمَّصْــتَها أنتَ واعتبرتَها جزءاً منكَ.

واعلمْ أيضاً أنَّ ما ينطبق علَيَّ من حقوقٍ وواجباتٍ تُجاهَكَ ينطبقُ عليكَ تُجاهي سواءً في السخرية من أفكاري أم في احترام إنسانيتي.

أرجو منكَ، أخي المؤمن، أن تتقبَّـــلَ احترامي ومحبتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب 1: السخرية حق ثابت وجزء من حرية التعبير
محمد علي عبد الجليل ( 2015 / 5 / 7 - 20:20 )
السخرية (وليس الاستهزاء) هي حق ثابت من حقوق الإنسان وجزء من حرية التعبير، بالإضافة إلى كونها فن نقدي وأسلوب أدبي وبلاغي وبياني وطريقة لمواجهة مآسي الحياة؛ ولكن بشرط ألَّا تتعدَّى السخريةُ حدودَها وتصلَ إلى الشتم والسباب. كما أنني في مقالي أضفتُ حداً آخر للسخرية لا ينبغي تجاوزُه وهو السخرية من الأشخاص، بل ينبغي فقط السخرية من الأفكار بهدف نقدها وتطويرها.
والسخرية أيضاً طريقة شعرية لجأ إليها عدد من الشعراء مثل أحمد مطر لمواجهة الاستبداد السياسي العربي.
لا بل هي أسلوب بلاغي لجأ إليه القرآنُ نفسُه في عدة مواضع منها على سبيل المثال: -بشّر المنافقين بأنّ لهم عذابًا أليمًا- (آل عمران، 21)؛ -قل تمتـَّـع بكفرك قليلاً إنك من أصحـاب النـَّار- (الزمـر، 8)؛ -فما أصبرهم على النـار- (البقرة، 175)؛ -ذُق إنك أنت العزيز الكريم- (الدحان، 49)؛ -قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون- (الأنبياء، 62 و63).


2 - تعقيب 2: السخرية حق ثابت وجزء من حرية التعبير
محمد علي عبد الجليل ( 2015 / 5 / 7 - 20:21 )
لا بل تعدَّى القرآنُ السخريةَ إلى الشتم في مواضع كثيرة إذْ يشبه المخالفين له بالحمير والكلاب والخنازير: -فمَثَلُه كمَثَل الكلْب- (الأعراف، 176)؛ -كمَثَل الحِمارِ يَحمِلُ أسفارًا- (الجمعة، 5). ولا يبدو مقنعاً تبريرُ مفسّري الإسلام بقولهم إن هذا ليس شتماً. كما أن عائشة أوردت أن محمداً شتم أيضاً في حديث صحيح رواه مسلم: -دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان، فكلَّماهُ بشيءٍ لا أدري ما هو، فأغضباه، فلعنهما وسبَّهما-.
يبدو لي أن عدم تقبُّل الإنسان للسخرية من أفكاره دليل ضعف وخوف ودكتاتورية واستبداد. وحدَهُ المستبد يرفض أنْ يَسخَر أحدٌ من كلامه بل يعاقب على السخرية ربما بأشد العقوبات.
قد تكون أفكاري مثيرة للسخرية ولكن من حقي أن أقولها.


3 - معاذ الله
مفتاح الفرج ( 2015 / 5 / 8 - 20:06 )
طيب معاذ الله موقعها ايه من الاعراب وسيادتك لا تؤمن به

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24