الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتصار والانحدار

مزوار محمد سعيد

2015 / 5 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



بالعودة إلى الإنسان كوجود نجد بأنه يقوم على الكثير من المتعارضات، إن لم نقل أنها متناقضات كونها الأقدر على تصويب التقويم الذي من شأنه معادلة التقنية البشرية في اطار قصدي.
في الكثير من الأوقات يكون القتل سمة مرجوة من البشر، لكن الجميع يدينه في نفس الوقت، من قاعدة إما تكون أخلاقية، اجتماعية أو عقلية فلسفية، ومع ذلك تلازم القتل مع حياة الإنسان منذ أن وجد إلى أن يبيد. وعلى أسس مثل هذه كانت العلاقات الإنسانية رهينة العنف والقتل والاعتداء على الأرواح ولازالت تعاني من همجية الفرد البشري إلى غاية نهاية اللا-نهاية.

إنّ القتل هو الغاء لكيان وجودي معيّن من قبل كيان آخر عبر كل ما تحمله الصيغة الوجودية من معاني، هذا بالذات ما يجعل الفرد الإنساني قلقا، فإلغاؤه هو من مكامن الإقصاء والتبعثر، وفق آلية الانشطار والعجز.
ليس من الضرورة أن يتم القتل من أجل إلغاء الخطر، لكن بعض البشر إن لم يكن معظمهم يعتمدون عليه من أجل اثبات حضورهم الوجودي.
الخطر هو الإنسان، هو الإجلال، هو الإمكان، وعلى أسس من أقصى العمق الكوني يكون من اللزوم تحريم أو تجريم القتل، ومع ذلك استمرّ هذا الحيوان المتمرّد في العمق البشري بالقتل مخترقا المحرّم ومعلنا بأنه مجرم.
عندما يعود العقل الافتراضي إلى التاريخ يجد كل أشكال القتل والاعتداء، فيرى كيف تكوّنت الرفاهية فوق جماجم الضعفاء، ويستنتج كل نتائج الدماء التي لها كامل الحق في الهدر والاراقة، بينما هناك من هذا العالم من يرى في بقاء الانجرافات والانحرافات ضرورة لوقود الآلة الفوقية في أقصى أقاصي العالم الدامي.

لقد أتى الجميع من العمق المدمّر ناشدين التدمير، يحمل كل واحد منهم صخرة أو قطعة حديد يزيدها نارا، كل هذا من أجل الأخذ بما لهم وما ليس لهم من أجل الابقاء على متفرقاتهم التي ليست لهم أصلا، ففي حالات مثل هذه هم الأقوياء بلا قوة، يسبحون في وهم الحرية، الإخاء والمساواة والعدالة، لكنها شعارات ولدت من أرحام الفضائح المتوحشة التي أبرزت للدنيا كيف يكون الإنسان عدوانيا بكافة الأشكال.

ما من علاقة أوضح من علاقة القاتل بالقتيل، هي علاقة ازاحة من الوجود لصالح وجود، هي تفجير موجود من أجل توسّع موجود، ولهذا فإن البقاء والفناء يصبحان ذا معاني بارزة الجذور في مجال اعدال التبادل المتصاعد والمتراص في نمطية متماسكة بخيوط الارتقاء وفق التقزيم لا التسابق والاعتراف.

كل المسافات متقاربة عندما ننظر إلى توجهاتها المخالفة، لكنها تتعدى كونها متراصة في اطار ومشروع واحد، هذا ما يصعّد القدرات الذاتية لكل متلازم من أجل السيطرة على الوضع المتأزم مهما كانت المنطلقات التي تؤسس له.
من الشواهد العامة التي تجعل التنافس قدرة مبدعة في أصولها هي تلك التي توهم الفرد البشري بالسيادة والتميّز، فيخلق الضعف في جوفه انتصارات متخيلة، ومن ذلك يسعى إلى الاحاطة بشكل غير متواري لكافة أمصار العزاء.
كل انحدار يبحث عن نصر، والأقرب إلى وجوده هو ذاك الذي يقصد العذرية التي لا وجود لها في الأرض التي تتوهم القوة، إنّ التعريف بالانحدار هو نفسه التعريف بالانتصار، الرابط لكليهما هو ما يقدّم الأعذار بكافة الشرعيات والوسائل: إنه الجُبن الذاتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم