الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا العالم العربي مقبل على ثورات أكبر وأخطر في السنوات المقبلة ؟

محمد رتيبي

2015 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا العالم العربي مقبل على ثورات أعنف وأخطر ؟
الرباط/المغرب

لاشك أن الثورات العربية تعتبر الحدث الأبرز في هذا القرن، حيث أبانت هاته الثورات عن رغبة للشباب العربي في بناء الديمقراطية . لكن وبقدر ما أن الديمقراطية نظام عادل بالنسبة لكل الشعوب بقدر ما تتطلب الكثير من التضحيات . ذلك أن هذا النظام المنسجم مع العقل ومع فطرة الإنسان لم يتحقق بين عشية وضحاها، بل تطلب الكثير من التضحيات. أن نكون ديمقراطيين يعني أن نضحي بالغالي والنفيس، أن نضحي بالدماء من أجل الكرامة إذ ما قيمة إنسان بدون حرية ؟ لعل هذا ما يفسر خروج الشباب في شوارع تونس لإسقاط نظام بن علي ثم مصر لإسقاط مبارك وكذلك لإسقاط السفاح بشار الأسد الذي أذاق شعبه كل أنواع الويلات والأهوال. وكذلك نظام عبد الله صالح .
صحيح أن الحراك الاجتماعي لم يقضي على الأنظمة الفاسدة بكيفية نهائية، إذا ما أخذنا تونس أو ليبيا أو حتى مصر إلا أن ذلك لا ينبغي أن يجعلنا نفقد الثقة في هذه الثورات . ولكن هل يعني هذا أن العالم العربي سيدخل دوامة جديدة من التحولات؟ هل يعني هذا أن ما يحصل حاليا ليس إلا مقدمة لثورات أعنف وأخطر ستحملها رياح الأيام القادمة؟
إننا لا نمل ولا نكل من تكرار القول القائل بأن الثورات العربية ليست في نهاية المطاف إلا المقدمة الصغرى لرياح عاصفية سوف تحملها الأيام القادمة . وقد ابتدأت هاته العاصفة بالفعل في مصر، فقد كان المصريون يعتقدون أنه ما أن يسقط نظام الطاغية مبارك حتى يحل العدل محل الجور، والكرامة محل المهانة، والحرية محل العبودية . لكن وفجأة يظهر السيسي لكي يطلق رصاصة الرحمة على كل هذه الأمنيات . وهو ما جعل فئة عريضة من الشعب المصري يعتبر بأن المسألة لا تعدو أن تكون انقلابا على شرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي ، هكذا إذن تم إعادة فتح الدائرة من جديد وعاد الشعب المصري للخروج إلى الشوراع . أقول إن أزمة مصر لن تنتهي مادام النظام الحالي يرفض الانزياح عن السلطة، سوف تظل مصر في حالة غليان وهو ما ينذر باستمرار المظاهرات إلى أجل غير مسمى .
أما في سوريا فالأمر مختلف ، صحيح أن الاستبداد هو ما يجمع هذين النظامين، إلا أن بشار أبان من خلال تعامله الوحشي مع شعبه، أبان عن كونه أكبر سفاح عرفه العالم الحديث . بل نكاد نذهب إلى اعتبار بشار مصاب بمرض " السادية " لأن جرائمه لا يمكن أن تفسر بمجرد الرغبة في قمع الثورة والانتقام، بل هي محاولة لإبداع طرق جديدة في التنكيل . إن ما فعله بشار هو ضرب ليس للشعب السوري وحسب، وإنما للإنسانية جمعاء . لكن وبدل أن تتم محاكمته كمجرم حرب "سادي" تم أنزال ستار من الصمت، كما لو أن الدم السوري رخيص غير ذي قيمة . نحن ندرك بأن هناك مؤامرة ضد شعب سوريا تتمثل في السكوت عن جرائم بشار قصد جعله يقتل أكبر قدر ممكن من شعبه . لكن هذا لم يجعل الشعب السوري يتراجع عن المطالب التي خرج من أجلها منذ البداية في مدينة درعا . وهي الحرية والكرامة والعدالة . سوف لن يتراجع الشعب السوري . بل إن الثورة السورية شارفت على تخطي المرحلة الأولى وهي إسقاط نظام بشار، فهو يعاني سكرات الموت . لكن لا يعني إسقاط بشار انتهاء الثورة ، لأن الشعب السوري سينتفض مرة أخرى ولا ريب ضد الحركات المتطرفة وضد بقايا النظام الآفل ، حتى بناء سوريا التي لطالما كتب وتغنى بها أستاذي نزار قباني في قصائده...بل أكاد أجزم بأن الثورة السورية لن تتم ما لم تصفي أنصار الاستبداد والذين هم فيروس ينخر كل جسد سياسي ( نستعير هذا المفهوم من الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو) . وأنا أقصد فئة عريضة من العلويين النظاميين.
أما بالنسبة لتونس، فهي الأخرى تسير صوب نفس المسار، حيث إن إسقاط نظام بن علي وصعود السبسي لا يعدو أن يكون استبدال الأفعى بالعقرب . والحالتان سيان . ومرة أخرى سوف يستمر مسلسل الحراك حتى القضاء على بقايا النظام القديم قضاءا مبرما .
وبالنسبة لليمن، فقد حقق الثوار تقدما ملحوظا حينما أطاحوا بنظام علي عبد الله صالح، لكن إيران سرعان ما تدخلت لتفسد فرحة العيد عن الشعب اليمني المسكين عبر بيادقها من الحوثيين . والذين هم في حقيقة الأمر ممثلي المصالح الإيرانية في اليمن. وقد تأكدت أطروحتنا القائلة بأن الثورة تعيد أنتاج نفسها ، فقد دخلت اليمن بالفعل في المرحلة الثانية من الثورة عن طريق التصدي للميلشيات الحوثية . والحالُ أن عاصفة الحزم كانت ردا مناسبا وترياقا على السم الذي تريد إيران بثه في المنطقة .
إن قطر ولا ريب لعب دورا إيجابيا وما تزال في مساندة الشعوب المستضعفة، ليس عن المساعدات الإنسانية وحسب، بل أيضا عن طريق إطلاع الرأي العام على ما يحدث في هذه البلدان من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ( خاصة حقوق السنة الذين ذاقوا التنكيل والبؤس من أنظمة لا تعرف معنى الشفقة أو الرحمة) .
ختاما لهذا القول، إن الثورات العربية ما تزالُ مستمرة حتى تحقيق مقاصدها، وأنه ينبغي أن تتعلم الدرس من الثورة الفرنسية . التي لم تحقق أهدافها إلا بعد عقود وعقود . وأن قطر إنما عليها بدل المزيد من الجهود لدعم الشعوب المضطهدة ...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة