الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة في مشروع الدستور

كمال اللبواني

2005 / 10 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مساهمة في نقاش مشروع الدستور الجديد الذي أطلقه الصديق المحامي أنور البني ( مركز الدراسات القانونية ) دمشق .
نحن لا نناقش هنا كقانونيين بل كسياسيين ومن وجهة نظر سياسية ، ولنا في هذا المضمار عدة ملاحظات ، بعد تقديرنا للمحاولة الشجاعة ، وتسجيل توافقنا مع روح وأغراض الدستور الجديد المقترح من حيث اعتماد حقوق الإنسان والديمقراطية ، بدلا عن الاستبداد والتمييز والتعصب الذي يحكم الدستور الحالي المؤدلج والمصمم لخدمة الطغيان والفساد .
النقطة الأولى التي نحب مناقشتها .. أنه في بلد يفترض أنه يريد الخروج من الشمولية وعبادة الفرد والإقطاع السياسي والطائفية ..عليه أن يقلص للحد الأدنى صلاحيات رأس النظام كما حصل في اليابان وايطاليا وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية لقطع الطريق على عودة الشمولية والفاشية ..
فكيف نتحدث عن نظام ديمقراطي ، وشعب متعدد المكونات , ويكون فيه رئيس السلطة التنفيذية ذو صلاحيات واسعة وغير مقيدة .. ومنتخب من الشعب مباشرة ولا سلطة فوق سلطته .. فالمفروض برئيس الدولة أن يكون فخريا ومنتخب من المجلس النيابي يعزله المجلس متى أراد ، وألا يكون له أي سلطة تنفيذية ولا تشريعية ، بل فقط دوره بمثابة شخصية اعتبارية حارسة للدستور ولحسن سير النظام وليست سلطة مباشرة ، حيث هي مهمة رئيس الوزراء الذي يشكل حكومته بواسطة دعم الأغلبية في المجلس ، الحكومة التي يجب أن تبقى تحت رحمة المجلس وإشرافه هي الأخرى ، في حين أن سلطة رئيس الدولة فوق سلطة المجلس أو توازيها ، وهنا المشكلة في الدستور الجديد المقترح .
كما أنه يجب أن يمنع أي تمديد أو تجديد للرئيس بعد هذه التجربة المريرة التي حولت الجمهوريات لملكيات وراثية مطلقة ، وحولت الشعب ألتعددي لجماهير تقف صفا واحدا خلف قيادة خالدة إلى الأبد .
النقطة الثانية تتعلق بالتمثيل ونظام الانتخاب . فإذا كانت مقدمة الدستور تعتبر أن الشعب تعددياً ، فهذا يفترض وجود طريقتين للتمثيل واحدة لتعبر عن التعددية التكوينية الأهلية ، وواحدة لتعبر عن الوحدة الوطنية أي التعددية السياسية البرنامجية المدنية ، فاعتماد النظام النسبي واللوائح الحزبية ، واعتبار الوطن دائرة واحدة هي نقطة متميزة ، لكن المنظمات غير المدنية سوف تلتف عليه من أجل أن تتمثل ، و إذا فشلت سوف تعترض على عدم تمثيلها . بشكل خاص الأحزاب القومية والدينية .. وهنا لا بد من إيجاد وسيلة تمثيل لها لكنها لا تسمح لها بتسلم السلطة بشكل مباشر ، فقط تحفظ لها حق الوصاية والإشراف والاعتراض .. وهذا يؤدي بنا نحو اقتراح مجلسين تمثيليين ، واحد يعتمد النظام النسبي والبرامج واللوائح الحزبية غير الدينية ولا الفئوية ولا القومية ، حيث السياسة وليس الثقافة هي محور اهتمامه ، والوطن دائرة انتخابية واحدة ، وينتج عنه مجلس الأحزاب ( العموم ) الذي يسن القوانين ويشرف على الحكومة ويعطيها الثقة أو يعزلها .. وواحد آخر يتم فيه انتخاب أشخاص طبقا لنظام انتخاب مناطقي : صوت واحد لمرشح واحد ضمن دائرة انتخابية محلية أصغر ما يمكن وينتج عنه مجلس نواب ( شيوخ ) .. يمكن هنا أن تتمثل المجتمعات الأهلية العشائر والجغرافيا والطوائف والأحزاب الدينية والقومية ( مثل البعث القومي والإخوان الديني والأكراد وغيرهم ) وإذا أرادت هذه القوى الأهلية المشاركة في السلطة التنفيذية, فعليها دخول اللعبة الانتخابية ببرامج سياسية وطنية شاملة ، وليس برامج ثقافية عقيدية خاصة بفئة من الشعب ، وعليها أن تقبل في عضويتها من حيث المبدأ كل مواطن سوري بغض النظر عن انتمائه العرقي والديني ..
مهمة مجلس النواب هذا هي انتخاب رئيس الدولة ، كما يشرف هو والرئيس على حسن سير النظام وعلى القضاء والجيش ، ويصدق على القرارات والاتفاقيات الكبرى ..
نحن نقترح مجلسين بناء على تجربة العراق التي تحولت فيها الديمقراطية لطائفية ، وعلى تجربة الكويت والأردن التي تعاني من غياب السياسة في الانتخابات لصالح الانتماء العشائري ، وكذلك التجربة اللبنانية التي تراوح مكانها بسبب الطائفية السياسية ..
النقطة الثالثة القضاء : حيث نقترح أن يكون مجلس النواب هو مصدر السلطة القضائية ، وهو الذي يعين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا .. وينتخب رئيس الجمهورية ، مع الاحتفاظ بحق مجلس الأحزاب في الاعتراض ..
فحتى تكون ديمقراطية تعددية يجب أن تبقى السيادة للشعب والسلطة العليا بيد المجلس المنتخب الذي يضم ممثلين عن كل المكونات المجتمعية ، وليست بيد فرد .. ولكي يتمثل المجتمع بتكوينه الحالي وتبعا لدرجة تطوره بشكل صحيح لا بد من طريقتين لتمثيله واحدة مدنية وواحدة أهلية ، ولا بد أيضا من تحديد تخصصات كل منهما لضمان عدم تعارضهما ..
أخيرا نشكر الجهود المبذولة من أجل إنضاج المشروع ونأمل أن نعمل جميعا بعد ذلك لجعل الحلم الديمقراطي المقتول حقيقة واقعة يعيشها المجتمع السوري , الذي يستحق كبقية شعوب الأرض أن ينعم بالحرية وبالنظام الذي يقبل به ، وينتخب السلطة التي ترعى حقوقه وتمثله ، وألا يحكم بالعنف والقهر والسجون والفساد ولا يبقى مجرد رعية لا حول لها ولا قوة ولا حقوق ولا كرامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا