الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن تفجيرات الكويت، وجولة سريعة مع الانتحاري القاتل!

ناصر ثابت

2015 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


أفكرُ: كيف أقنعوا ذلك الإنتحاري المجرم أن يدخل إلى مسجد الصادق في الكويت ويفجر نفسه بين المصلين؟
غريب فعلاً ما حدث. دخل هذا الرجل إلى المسجد، وجد أناساً بسطاء يتوضؤن استعداداً للصلاة، ومع ذلك فجر نفسهم بينهم.
لم تمنعْه قطراتُ الماء على أيديهم، تلك التي تشبه قطرات الماء التي على يديه عندما يصلي..
لم تمنعه أحذية الأطفال المتروكة على الباب، بأمان وسلام، ولم تقنعه بأن يتردد وأن يتراجع.
لم تمنعه نظرة الرجل الفقير الذي وضع عربتَه البسيطة خارج المسجد ودخل يصلي، وهو يفكر أنه سيخرج بعد انقضاء الوقت لكي يبيع بضاعته لمرتادي المسجد، ويجمع قوتَ عياله لذلك اليوم.
لم تمنعه هيئة المسن المريض الذي كان يفترشُ الأرض ويصلي جالساً، لأن المرض أرهقه، ويحتاج إلى القليل من الرحمة والعطف، لا أن يُقتل ويُسفك دمُه.
الانتحاري الذي سمع نفس القرآن يُتلى في بيت العبادة هذا لم يرعوِ، ولم يحاسب نفسه حساب اللحظة الأخيرة من العمر، وفجر جسده القذر بين الأبرياء، ومات هو أيضاً مرتاحَ الضمير. ولكن كيف فعل ذلك؟
كيف وصل إلى هذه الدرجة من برود الإعصاب، ومن اللامبالاة، ومن التباهي بسفك الدماء البريئة، ومن الاحساس بأنه يقدم حياته كاملة من أجل هدفٍ سامٍ، كما يظنُّ، مع أنه مجرد قاتل مغيب العقل والضمير، غير أنه يتوهم غير ذلك.
أن يرتكب الإنسان جريمة قتل، فهذا أمر يمكن أن يحدث في أي مكان من العالم وإن كنا نتمنى ألا يحدث أبداً، لكن أن يفعلها أحدُهم باسم الدين فهذه هي الطامة الكبرى، وهي سلسلة طويلة بدأت حلقاتُها الآولى عند حروب الزكاة، المسماة زوراً وبهتانا بحروب الردة، مروراً بكربلاء، و بواقعة الحرة، وبجرائم العباسيين ضد فلول الأمويين، وغيرها الكثير الكثير، وكلها ترتكب باسم الدين، باسم من يعتقدون أن الدين فوضهم لكي يسلبوا الآخرينَ أرواحهم، ويسفكوا دماءَهم.

لكن الأهم من ذلك هو، ما هو الهدف من هكذا تفجيرات؟ بمعنى أن من أقنع هذا الانتحاري الغبي أن يفجر نفسه في أبناء المذهب الشيعي، هل قال له إنه بهذا التفجير سيقضي على الشيعة قضاء تاماً، ويقتلهم واحداً تلو الآخر؟ أم أنه أقنعه أن التفجير سيخيف الشيعة وسيجعلهم يتحولون بسرعة الى المذهب السني؟ أم أنه فعل انتقام من شيء ما؟ تأديب مثلاً؟ اقتصاص منهم لأنهم يقولون شيئاً لا يقره السنة؟ هل قتل الأبرياء سيرضي أرواح عمر وأبي بكر اللذيْن يشتمهما الشيعة؟ أم أنه سينتقم لعائشة التي يتعرضون لها ويهاجمونها حتى اليوم؟
لا أملك إجابات على هذه الأسئلة، لكن المؤكد أن المجرم الانتحاري الذي فجر نفسه في المصلين الأبرياء، كان أقل ذكاء وبديهة ليفهم هو نفسُه سببَ فعلته. وأنه، ما كان ليستعمل عقلَه بكامل طاقتِه لكي يقرر لنفسه ما يناسبُها، إنما هناك من فكر عنه ووجهه وعبث بعقله لكي يرتكب فعلته.
ونفس الكلام ينطبق على الإجرام المرتكب باسم الدين في كل زمان ومكان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات