الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة المنظمة وضرورة مجابهتها

صادق الازرقي

2015 / 7 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


يقول الكاتب والمفكر كولن ولسن في كتابه "التاريخ الاجرامي للجنس البشري" في معرض تفسير تصرفات المجرمين، وبعد ان يشير الى ان جميع البشر بهم حاجة الى اشباع "الاحساس بالتميز" بصفتهم اعضاء بارزين في مجموعة بشرية، وان "يستمدوا اعجابها" لإنجاز حققوه؛ اي ان يكون الانجاز "علنياً"، في حين ان الجريمة ارتكابها يتطلب السرية و لا تحقق لصاحبها الاشباع المطلوب المتمثل في اعجاب الآخرين، و يرى ان ذلك يفسر ما يسميه الرغبة الجارفة لدى كثير من المجرمين، الذين يرتكبون جرائم تنم عن ذكاء في ان يتحدثوا بإسهاب عن جرائمهم فور القاء القبض عليهم ويضرب مثلا عن حديث مجرم عاصره، عن كيفية اذابته لأجساد ضحاياه في حامض مركز، ولا ينسى ويلسون ان يشير الى ان "الرجل العنيف الذي يسلك سلوكا صادما ويصيبنا بالذهول بصفته سلوكا عبثياً، فان ما يمثله ذلك له لا يعده تحطيما لذاته بقدر ما هو عناد في مفهومه المغلوط للشجاعة".
راجعت تلك المقاطع في كتاب ولسن المذكور، وانا اقرأ الاخبار المتعلقة بتنوع أساليب القتل التي تلجأ اليها التنظيمات الارهابية ومن بينها "داعش"، ولجوئها الى اسلوب جديد في كل مرة يكون اقسى من السابق، فمرة بقطع الرؤوس، واخرى بالحرق وثالثة بالصعق بالكهرباء او الاغراق بالماء، او الرمي من اسطح عمارة؛ وآخرها وليس اخيرها تنفيذ حكم الإعدام سحقا بآلية جرافة "شفل"، وبالتأكيد فانهم لن ينتظروا الى ان يقبض عليهم ليتحدثوا عن جرائمهم، بل انهم يتحدثون عنها بمجرد وقوعها، او حتى قبل ذلك بتهديد الناس والتلميح باستهداف حياتهم؛ لأن لتلك المنظمات اليد الطولى في تسيير الامور في مكان ما؛ وتستحضرنا هنا ايضاً صور الابرياء من اصحاب المحال في منطقة "زيونة"، الذين قتلوا بدم بارد، وكذلك مجزرة النساء في احدى عماراتها، و كيف جرى اعداد شرائط الفيديو الخاصة بها التي صورت فيها اجساد الضحايا والاناشيد التي رافقت تلك الافلام.
ان الدراسات المتعلقة بالدوافع الاجرامية تتعلق بدراسات اجريت على مدى عشرات، بل مئات السنوات شخصها المجتمع البشري انطلاقا من اهتمامات علمائه ومختصيه، الذين تواصلوا مع شتى الوقائع المتعلقة بالنفس البشرية وصهر نتائج دراستها في بوتقة علوم النفس ومن بينها علم النفس التجريبي. ان خطورة الجرائم في العراق تتمثل في انها اخذت تمتد شيئا فشيئا لتشمل كثيراً من مفاصل المجتمع، فاصبح من المعتاد ان نسمع جرائم ترتكب في الاسرة الواحدة، او بين الاقارب او ضمن اهالي المنطقة الواحدة، وان كانت تلك لا ترفق بسمات التفاخر التي تحفل بها الجرائم المرتكبة من قبل المجرمين "الاذكياء" على وفق تعبير ولسن؛ لأن دوافع تلك الجرائم فردية آنية ولا ترتبط بنمط الجرائم الاعم وبالتالي يمكن علاج مسبباتها بمجرد بناء الدولة على اسس سليمة.
ويبقى القانون والعقوبات الرادعة هي الفصل في متابعة الجرائم التي يرتكبها المجرمون "الاذكياء"، التي هي رديف الجريمة المنظمة؛ وبالتأكيد فان اجهزة الدولة يجب الا تعطي الفرصة لنوازع الاجرام كي تنفذ ما عزمت عليه، بل يجب متابعتها ومحاسبتها وتقديمها الى القضاء حتى بمجرد النية في ايذاء الآخرين واستهدافهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا