الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصة الرقية - القاصة ابتسام هلال

عايد سعيد السراج

2015 / 7 / 19
الادب والفن


القصة الرقية - القاصة ابتسام هلال
عايد سعيد السِّراج

ابتسام هلال،انسانة متراكمة الاحزان تكتب القصة منذ زمن وهي مقلة في الكتابة ،تمتاز باللغة
البسيطة والموحية ،احداث قصصها عميقة وشخوصها لهم عوالم إنسانية غائصة في العمق ،متشظية
الدلالة،مهمومون بهم الحياة ،متراشقون بغيْضِ التجارب التي خنقتهم ،حدّ الامتلاء ،نواحون،هدهم الألم
والتشظي الذاهب في كل الاتجاهات التي تكسرظهر الشخوص الذين هم من لحم ودم مدادهم الخيبات الملعونة ،ومُرّ اليالي زمهريرية الارتجاف ،كلاهما(بطلتها،وأوبرا) كلاهما تعطيان الدفء والحنان،
وتعلمان(انا الكاتبة معنى الدفء والأمومة) اناها الطفولية ،تتشبث بأثوابهما وتلم انسنة من نوع لم تألفه
في الحياة الاجتماعية، التي قُدّتْ من هيجان توحش المحيط الذي تعيش ،(ياأمرأة رحلت وأودعتني حزنها) لاتفرقها المرأة التي غادرت العالم تاركة وراءها فراغا في النفس وفي البدن ،تفيض القاصة
على الحالة بإنسانية محزنة ملمومة بالاحتراق الداخلي ،لغة بسيطة غير متكلفة معجونة بالألم تحاول الكاتبة أن توصل لنا قصة إنسانية شيقة، بدون تكلف أو افتعال لغوي


عرّاباتي – هن ّ

قصة:ابتسام هلال
هي ليست دموع أوّل بكاء منذ زمن ,
هي ليست دموع أول حزن ,
وربما ليست دموع آخر حزن سيأتي
لطالما تساءلت لماذا هي الرموز العظيمة في العطاء تذكرني دوما ً بعرابتي ، وأنا أتابع الحدث , ؟
عيناي تخطفان الكلمات المترجمة للعربية على شاشتي الصغيرة خطفا ً , أرغب أن لا يفوتني شيئ
من هذا الحدث , أنها " أوبرا ونيفري " التي أعلنت منذ قليل أنه موسمها الأخير , وإنهاء حلقاتها الخمسة والعشرين الأخيرة من هذا البرنامج , الذي ترك أثرا ً واضحا ً , بل أحدث فارقا ً كبيرا ً بحياتي وحياة الملايين على صعيد الثقافة والفكر , أوبرا وينفري التي شدتني إليها طيلة خمسة وثلاثين عاما ً من العطاء , وعلمتني الكثير وشكلت نقطة تحول كبيرة بحياتي , هذه السمراء الفقيرة , التي قـَدِمَتْ لمسابقة الأداء , وهي لا تملك إلا إيمانا ً , ويقينا ً , بأنّها ستفوز كما أكدت لاحقا ً , لتثبت أن ّ الإرادة تصنع المعجزة ،امرأة لا تعرفني ولا أعرفها إلاّ بالقدر الذي تعطيه لي وآخذه منها , تربَّعتُ أمام َالشاشة ِ الصغيرة ِ ،أتابعُ حَدَثَ رحيل سيدة هي رمز من رموز العطاء والنضال ، من أجل التحرر الوطني لجنوب إفريقيا , / الماما سيولو/ البرتينا سيولو/ , لفت نظري الألوف من المحتشدين اللذين شاركوا , حزنا ً , وعرفانا ً , وجاءوا يلقون النظرة الأخيرة على هذه المرأة العظيمة , لماذا قادتني أفكاري إلى عرابتي / أختي / ,بتلكَ اللحظة ِ لستُ أدريْ
فلم أ ُعـِيْرَ انتباها ً لما يجرِي حولي من جلبة ٍ بهذه الساعة ِ من النهار , عشرُ سنوات ٍ مضت على رحيلك ولم تخرجي مني , ستظلَّ طهارتك , وصلواتك , وقدسيتك , تمنح بيتي البركة والسلام
في حين أنني لم أعد أقوى على زيارة بيتك الذي كان لك ِ وصار لسواك ِ, بيتك الذي كان وطني حين قذفتني الظروف خارج أسوارها , ففتحتي بواباتك وصار بيتك مأوا ً وملاذا ً وصرت ِ بسخائك ِ العاطفي حاضنة لي ولأوجاعي
حين تسمّرتا عيناي على ألاف ِ الوافدينَ الذينَ لا تمت ،بهم أيـّة َ صلة بالراحلة , سوى الإيمان بوجع ٍ واحد ٍ وقضية ٍ واحدة ٍ
تذكرتك حين زرتـني زيارتك ِ الأخيرة َ قبل سفري , وقلت كـَأنـّك تدركين نهايتك وأنـَّها الزيارة الأخيرة :
- جئت ُ أُوْدِعـُك ِ أسراري َ / كأنـّك ِ تقولين أوْدِعُك ِ حزنيَ , فـَتـَنـَبّهْت ُ حينها أنّ شيئا ً من الحزن والمرارة يملؤك ِ , هي المرة الأخيرة التي رويت ِ لي جملة أحزان لأوّل مرة , وكنت تشهقين كما لو أنـّك تبكين لآخر مرة , وكأنك ِ تضعين َ حزنك ِ لدي برسم الإيداع الأبدي قبل أن ترحلي , تشاركنا البكاء على حزن ٍ مشترك ٍ كانَ يَجْمَعُنا وما زالَ , وتنفست بعد أن قرأت ُ آخر نصوصك التي كانت تثقل عليك
قلت ِ : سأودِّعك ِ , وكأن إحساسك بالوقت والرحيل يلحان عليك
قلت ُ أنا : ما زال الوقت مبكرا ً , وكأن شيئا ً ما بداخلي يريد التشبث بك ِ كـأنه آخر لقاء بيننا
ليتني تزودت منك أكثر, واختبأتُ بحضنك ِ مثلما اختبأت مرارا ً بطفولتي بردا ً بين ذراعيك بعد الاغتسال بعتبة الغرفة
أسعدتني زيارة طيفك وحررتني من اختناق ٍ ظــَلَّ يلازمني في الفترة الأخيرة
طيفك الذي ما زال يتربّصُ بي , حين أكون على شرفتي كـُلّ صباح ٍ , بل كل َّ مساء
* يا أمرأة رَحَلَتْ واودعتنيَ حزنها , وسِرِّها , اللَذيْن , ما زلتُ أحتفظ بهما , ما بين الآه والدمعة
لو أني وقفتُ بوجه ِالموت ِ , لو أني علمت أنّ الموتَ سيقتحمُ بابك ِ ظهرا ً وأنت ِ تـَعُدّينَ الطعامَ لصغاري , لتضرعتُ للموت أن ينتظرَ ، أنّ يخطئ بابَك ِ لأنّ الوقت ما زال مبكرا ً , وحين هممتُ بالرحيل ِ بأَخـَر زيارة ٍ لي : لوحت ِ بيدك وأنت ِ تتوارين , وسقطت دموعي تبلل عتبة بيتي كما هي الآن , على سفري الذي ما زلت ُ أتمنى لو أنـّه ألغي بآخرِ لحظة ٍ , ولأيِّ سبب لألقي نظرة َ وداع ٍ أخيرة عليك , يا امرأة علمتني ثقافة العطا ء،انتهت ساعة البرنامج المخصصة وانتهى الموسم الأخير لهذا البرنامج , وَدّعَتْ " أوبرا "مشاهديها وودعنا ماما / سيولو/ رمز العطاء , حملتُ حقيبتي , وأقلامي , وأوراقي , للحاق بصوِيْحباتي في جمعية " المحبة " التي أسسناها منذ ُ زمن ٍ , وأنا أتحدث مع " أوبرا " – وماما سيولو وعرابتي / أختي الكبيرة / عراباتي الثلاث , اللواتي سآخذ منهن ,قيم الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم