الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار حول ثورة 14 تموز 1958

صلاح وهابي

2015 / 7 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حين دس زميلي في يدي جريدة طريق الشعب الغراء (( هاك اقرأ الرد على مقالك. (المجتمع المدني ... المصالحة ومدينة البرتقال) )).
و حين قرأت الرد لمقال الاخ شاكر مجيد الشاهين (14 تموز مشعل ساطع و ليس التواء) العدد 92 السنة 72 الاربعاء كانون الثاني 2007. رقص في داخلي شيئين، الاول : ان ما اكتب هنالك قاريء فاحص و ناقد ذكي، و الشاهين احدهم. مما جعلني اشعر بمسؤولية اكبر تجاه ما اكتب.
لنتفق اولا: ان الجدل كائن حي ينمو و يترعع في الاجواء الهادئة الديمقراطية، وهذا يحتاج الى سقف زمني مفعل بالجهد البشري ليصل بمجتمعنا الى مستوى الجدل العلمي الرصين، لان الجدل الغالب عندنا ينحو نحو (الغلبة) و ليس البحث عن الحقيقة او حتى الاقتراب منها، و القبول و التفاعل مع الاخر هذا ما يؤكده العلامة د. علي الوردي في كتابيه (وعاظ السلاطين) و (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي) وهذا ما نشاهده في اغلب الفضائيات اذ يتحول الصراع الى اشبه بصراع الديكة.
من اولويات البحث ان لا يشير الباحث او الناقد الى عنوان الموضوع فقط، بل يشير ايضا الى المصدر: جريدة طريق الشعب العدد 51 السنة 72 الاثنين 30 تشرين الاول 2006. لكي يطلع المتابع على الموضوع كاملا لتتوفر له رؤية واضحة يسهل عليه الحكم و التقييم.
فثورة تموز و منجزاتها لا يختلف عليها منصفين و لا يتزايد عليها اثنين، فهي كتغيير راديكالي تجاوزت واقعها المحلي و العربي و العالمي. و يمكن ان ترجع الى مقالي المنشور في جريدة طريق الشعب بمناسبة الذكرى 47 لثورة تموز بعنوان (دروس ثورة تموز 1985 في عملية كتابة الدستور) العدد 110 السنة 70 الاحد 24 تموز 2005. معددا بعض منجزات ثورة تموز، و جاء في مقدمة المقال : ((لو فرضنا جدلا بأن التاريخ تجاوز ثورة تموز 1985، او لنقل ان ثورة تموز لم تكن فاصلة في تاريخ العراق، و ان التاريخ العراقي اخذ شكل التطور التدريجي السلمي، بتطوير دستور 1925 (القانون الاساس العراقي) و اكتفت الاحزاب السياسية بالنضال بإتجاه تطوير العمل البرلماني على المستويين (مجلس النواب) و (مجلس الاعيان) و تطوير مجلس الاعمار و تفعيل قانون الانتخابات الذي سمح للكثير من الاحزاب ممارسة العمل السياسي، و الاقرار بالانتخابات رغم نواقصه فهي ديمقراطية عرجاء، كان يمكن تطويرها لاحقا لسببين: الاول وجود احزاب سياسية على الساحة العراقية معارضة و قوية و ثانياً بإعتبار العراق بلدا غنياً يمكن استغلاله في رفع المستوى الاقتصادي ومن ثم الثقافي و السياسي و المجتمعي.
فهل كان بالامكان تجاوز مجزرة 14 رمضان 1963، و الفترة البكرية الصدامية 1968 – 2003 ؟ و ما آل اليه كل ذلك من تخلف و احتلال اجنبي و احتلال مساحة ثلث العراق و هذا الخراب و النهب و القتل و التهجير و الطفح الطائفي و تهديم البنى التحتية لسنين مفتوحة، لا يعلم احد من العراقيين كيف و متى ستنتهي .!! و هل كان بالامكان تجاوز ذلك ؟ أ هو ناموس التطور الموضوعي الذي لا يمكن الغائه بالرغبات و الامنيات؟
اتمنى من المختصين و ذوي الاهتمام و القراء اغناء هذا الموضوع. لكي نتجنب كثير من المزالق و الاخطار و الاخطاء. لان الكثيرين ممن في مركز السلطة و المسؤولية و القرارات العليا لم يدركوا : ان الظواهر الاجتماعية تسوقها سنن اكثر مرونة من القوانين الطبيعية.
و لكي لا نقفل السجال و نسلط الضوء على الثوابت بمساءلتها و استنطاقها و تقليبها، بوضع الاحتمالات و الفرضيات. عسى ان تسعفنا لانقاذ مجتمعنا من الفرقة و هذا التشضي و ضعف الخدمات، لانه لم يعد لاحد احتكار المشروعية بإسم القومية او الطائفية او السياسية او المثل العليا او النموذج الاوحد. فالحراك و النمو و التطور عمل انساني، لكي لا نخلق كاريزما عسكرية او دينية او قومية او سياسية. و قد اثبت حكم اكثر من اثني عشر سنة ان الاتجاهات الدينية و القومية غير قادرة على تلبية مطاليب ابسط الناس و هذا ما يلمسه المواطن العادي. و رغم كل هذه السلبيات إلا ان هنالك جانب ايجابي ان هؤلاء الذين تسلقوا سلم السلطة بعد 2003 قومياً و دينياً و طائفياً قد تعروا من ملابسهم لجزء كبير من شعبنا و ما تبقى سيكشفهم لاحقاً.
ليس هنالك من حدث تاريخي او ظاهرة غير قادرة للتفكيك، لانها تراكمية البناء و إلا كفت ان تصبح ظاهرة ذات بنية. هل نحن ازاء ثورة تموز كبنية لا نقد لها، و نقد لا نقد له ؟ حتى النصوص الدينية المقدسة تعرضت الى التفكيك و الى النقد، و تمت قرائتها لمرات.
و حتى الماركسية تمت قرائتها الاف المرات و بالشكل الجديد لان النظرية سرمدية و الواقع اخضر رغم بنائها العلمي و قوانينها في الداياليكتيك لا تزال تسري في تفسير المجتمع و تطوره. و احد هذه الدراسات النقدية للماركسية كتاب (اطياف ماركس) لـ (جاك دريدا) عرض صحيفة الصباح العدد (1017)، و في جريدة المدى العدد (804) في مونودراما المسرح مسرحية (ماركس في سوهو).
و حينما اجتهد لينين بإمكانية بناء الاشتراكية في بلد واحد، معتمداً على التطور المتفاوت للبلدان الرأسمالية، فحكم عليها التاريخ بعدم امكانية استمرارها لانها تتصف بالطوبائية حين حرقت مراحل التطور.
هذه المغامرات الثورية بما فيها من رومانسية تستهوي الشباب و المتعطشين الفقراء و المضطهدين، فهي تقدم خدمة للرأسمالية بمنحها فرصة القضاء على التطورات التقدمية التي تحققت في الكثير من منجزاتها في العدالة الاجتماعية و المادية. و هذا ينطبق على ثورة تموز في جوانبها الكثيرة.
ان التغييرات التي تتكامل فيها عوامل النماء الداخلي و الخارجي و تأخذ كامل مداها الزمني تكون اكثر صحة و شفاءاً و استمراريةً و بأقل جهد و ألم و أكثر نجاحاً.
اسوق كل ذلك لان ثورة تموز كأي حدث تاريخي قرأت و ستقرأ لمئات المرات، فالمهم استنباط الدروس و العبر، لكي لا نحصر انفسنا بجدل عقيم لا يستند الى معطيات الواقع و نتائجه، و لكي لا نغفوا على وسادة الماضي دون تقليبه و نفشه، و ان لا نصاب بأمراض الهوس للماضي المتخندق وراء المقدس، و لكي نرسي لثقافة علمية لا تستسلم للرومانسية الساذجة، في دنصرت الشخوص و الاحداث الحاضرة و الماضوية، لكي لا نقع في فخ المرجعيات.
يقول الاستاذ الشاهين في مقاله (( ان ثورة تموز و التي جاءت ظروفها نتيجة مبادرة واعية و نتيجة دراسة عميقة لإمكانيات المجتمع الفكرية و الاجتماعية و السياسية... و لو سقيت تلك الثورة بماء المتعطشين لها من قبل و اثناء و بعد حدوثها)).
اظن ان القائمين على ثورة تموز كانت لديهم هذه الدراسة المعمقة، من خلال النتائج المحسوبة على ارض الواقع، اذ لم تمضي ثلاثة اشهر على الثورة حتى بدأ الصراع بين قمة هرم السلطة، و سرى هذا الصراع الى الشارع، فإنقسم الناس الى مؤيد للثورة و منجزاتها و معادي لها1، فزلزل هذا الحدث بحركته السريعة بنية المجتمع، و لم تكن القوى الوطنية بمستوى المخاطر المحدقة بالثورة، و ان الخطر كان اكبر من امكانية التصدي له لاختلاف ميزان القوى داخلياً و عربياً و دولياً لصالح قوى الردة. فتحول الصراع من صراع المفاهيم الى صراع الدم، كما ان العقلية العسكرية للضباط الاحرار كانت محدودة الثقافة، و تميل الى عسكرة البلد و لا تؤمن بإقامة نظام ديمقراطي تعددي لانها تحمل عقلية (بونوبورتية) ذات توجه ديكتاتوري ينزع لاحتلال مراكز الصدارة في السلطة و المجتمع. مما مهد لعسكرة المجتمع لاحقاً. و احد نتائجه هو اوضاعنا الحالية المتردية و احتمالات التقسيم و بعثرة موارد البلد لانها في ايادي غير امينة في معظمها.

*هذا الموضوع اوصلته الى الاخ الاستاذ ابراهيم الخياط الناطق الرسمي لاتحاد الكتاب و الادباء في بدايات 2007 ، و لم ينشر بعد مضي مدة، فأتصلت بالاخ ابراهيم عن سبب عدم نشر الايضاح قال: كتابة الموضوع كانت بحروف صغيرة فلم يتسنى لكادر الجريدة قرائته، فجلست في استعلامات مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في ساحة الاندلس و اعدت كتابته بحروف كبيرة، فأشاروا الي بإيصاله الى جريدة طريق الشعب في شارع ابي نؤاس، و سلمت الموضوع باليد الى استعلامات الجريدة و لم ينشر حتى هذه اللحظة، اسوة بحق الرد و الايضاح. و املي و اعتزازي لجريدة الحزب ان لا يكون (التابو) ان يدور في اروقة مكاتب طريق الشعب لان المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي العراقي سمي بمؤتمر التغيير و الديمقراطية. و ان اختلف هذا المقال مع توجهات الجريدة و سياسة الحزب كان الاولى نشره في الصفحة (التي تعبر عن اراء كاتبها) و لكم جزيل الشكر و الاحترام.
و شكرا ...

1- مقالي على موقع الحوار المتمدن (ذاكرة المكان ... دربونة ام الدجاج). http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=273536








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ