الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا سيء الظن لن أُصدم مجدداً

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2015 / 7 / 28
كتابات ساخرة


كثيراً مايمر الإنسان بمواقف يتعلم منها غالباً ، رغم ما يصيبه منها من أذى بسبب سوء الفهم المفضي للمعاناة والألم ، على الصعيد الشخصي حدثت معي آلاف المواقف ، مثلا" في أحد الأيام حينما كنت طالب جامعي ركبت باص من الأعظمية الى باب المعظم وبقيت واقفا" فوجدت الى جانبي زجاجة سوداء جنب الباب يتخذوها قاطعا" حاولت أشغال نفسي بالتطلع لها ، وقفت أمامها وعدّلت شعري وفيما كنت أتصوّر نفسي مختليا" بدأت أعمل حركات بأنفي وعيوني وفمي ، أشكال غريبة جربتها ومن منّا لا يفعلها حين يقف طويلا" أمام مرآة لوحده ، وبعد فترة من الوقت داهمني رجل غاضب خرج من خلف المرآة ليقول لي :
(هاي شجاك تخبّلت ، صارلك ساعة تغامز لمرتي ، عيب عليك وأحترم نفسك) !
أنتهى الأمر بسلام بعد التأكيد أن النوايا سليمة لكنها بالطبع أستهلكت وقتا" وأعتذارات وعرقا" وسببت لي ألما" !
أما على الصعيد العام ، يتصور أغلب الناس أن المقبلات التي يقدمونها في المطاعم مجانية ، وهكذا كنت أتصوّر معهم ، حتى أكتشفت أن المقبلات لها ثمن يستقطع ضمنا" يفوق كثيرا" قيمتها فلا شيء مجّاني في الحياة الدنيا
وكذا على الصعيد نفسه ، يعتقد الناس وخصوصا" الشباب منهم أن الزواج تسلية و قبلات وأحضان ونوم فقط ، حتى يدخلون القفص ليعرفوا أن الزواج ورطة حقيقية و مهمة شاقة تتطلب الدفع والعطاء والإلتزام طول العمر !
تلك الأمثلة أوردتها كمقاربات ربما توصل المتلقي للفكرة أم لاتوصله ، لكن الشيء الأكيد أن الحياة أصعب مما نتصوّر ، فهي أقسى من أن ننتظر منها السعادة والبساطة فقط ، (فلا شيء يأتي بالهيّن) سمعناها من الكثيرين ممن سبقونا في معتركها ، تريدون سلام و عيش كريم ورفاهية ، لن تأتيكم لوحدها مطلقا" فالسوء أكبر من الحسنى وتلك حقيقة واقعنا ، بل أن السوء تمادى ليصل الى مرتبة الشر التي يمثل قمة السوء الذي نمقته ، فإذا أردنا ترويض أنفسنا لتكون على قدر التحديات علينا أن نضع في الحسبان كل السيئات التي يمكن أن نجدها أمامنا ، ولا مهرب هنا إلا باللجوء لسوء الظن كي نتفادى المفاجئات التي ستواجهنا ، ( سوء الظن من حسن الفطن) حكمة سمعتموها كثيرا" ، يبدو أن الزمن القاسي الذي أخترعها عاد ليضربنا ليحتم علينا أن نسيء الظنون بكل مايجري حولنا ، لا أقصد أن نستخدمها مع المنظومات من شخوص او مجتمعات وأنظمة بل علينا وضعها أمام أعيننا لنلجأ إليها متى ما أحتجنا لها ، ولمن يعتبر الدعوة سوداوية أقول له أنها على العكس من حيث الهدف فهي ستقلل من حدة الصدمات والمفاجئات التي تسبب الخيبة مما يقلل الزخم الإنساني عندنا ، ستكون كأداة إمتصاص لكل ماهو غير متوقع ، يجعلنا نبدأ من حيث أنتهينا لنبني أشياء أخرى ، بصورة مقتضبة حاسمة أقول للمواطن العادي : عليك أن تسيء الظن وأن تشكك في الأمور وتبحث دوما" عن حقيقتها كي لا تذهب طاقتك الإيجابية هدرا" ، فبحسب المفهوم الديكارتي ( أنا أشك أنا موجود) يعطي جزءا" ليوضح المسألة ، إن أردناه متكامل يغطي الفكرة بأكملها علينا أن نجري تعديلا" نصوغه بعبارة جديدة تقول :
أنا إنسان لدي إلمام بكل الأمور السيئة وعليه لن أُصدم مجددا" ، إنتهى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سوء الظن
.ماجدة منصور ( 2015 / 7 / 29 - 09:41 )
سيدي..أنا خسرت نصف ثروتي نتيجة الظن الحسن و لكني أنقذت النصف الآخر بسوء الظن0
احترامي

اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????