الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أُلوهية المرأة عبر التاريخ

عايد سعيد السراج

2015 / 8 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يتمتع الرجل بامتياز كبير وهو أنه يملك رباً يُصدِّق على القانون الذي يكتبها , وبما أن الرجل يمارس سلطة حاكمة على النساء, فمن صالحه أن تكون هذه السلطة موهوبة له من الكائن الأعلى, فالرجل عند اليهود والمحمديين والمسيحيين , إلى جانب آخرين , هو سيد بموجب حقّ (إلا هي ), لذلك فإن الخوف من الله يقمع أي ّ نزوة تمرد لدى الأنثى المسحوقة – هذا ما تقوله الكاتبة ( سيمون دي بوفوار – في كتابها الجنس الآخر ) 0 الكاهن هو رمز الله شاء أم أبى ، فالله في تصور العهدين القديم والجديد مشخص في تصور مذكر (( والمسيح هو مصدر الكهنوت , فجنس المسيح ليس مصادفة , وذكوريته ليست عارضة )) سان فرنسيسكو كرونيل – وفي طيبة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد – قيل : في البدء كانت إيزيس أقدم القدماء , كانت ربة فنشأ منها كل شيء , كانت السيدة الكبرى , سيدة قطريْ مصر , سيدة الحماية , سيدة السماء , سيدة بيت الحياة , سيدة كلمة الله 0 كانت منفردة , في كل أعمالها العظيمة والمدهشة, ساحرة حكيمة وأعظم من جميع الآلهة , أما في تركيا – في القرن الرابع عشر قبل المسيح فكان أيضاً يقال عن الربة : ( أنت ِ يا ربة شمس أرينا- إلاهة مكرمة ) اسمك يعلو الأسماء كلها ، وقداستُك تعلو كل المقدسات , وحدك المكرمة يا ربة الشمس , وحدك أنت العظيمة يا ربة شمس (أرينا ), فلا يدانيك أي إله آخر شرفاً وعظمة - أما الربة عشتار التي عُبدت منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد فكان يقال – إلى تلك التي بيدها الحسم , ربة كل الأشياء إلى سيدة السماء والأرض التي تتلقى الضراعة , التي تستمع إلى الشكوى , والتي تبتهج للصلاة , إلى الإلاهة الشغوفة التي تحب الحق عشتار الملكة التي تزيل كل اضطراب , إلى ملكة السماء ملكة الكون , الملكة التي سارت في العماء المخيف فخلقت الحياة بقانون المحبة , ومن السماء خلقت الانسجام ومن العماء أمسكت بيدنا وأرشدتنا ) هذا هو حال بابل , أما سومر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد , حيث الربة ( إنانا ) فهي الخالقة والمقدسة والسيدة الجبارة ، حيث يقول البروفسور ساغس : في دراسة عن مجتمعات ما بين النهرين وهي تشمل كل من سومر وبابل ( لا شك أن وضع النساء في دولة مدينة سومر القديمة أرفع بكثير مما تلا ذلك , فثمة دلائل أن النساء في البداية الأولى لمجتمع سومر حققن وضعاً أرفع بكثير مما هو في زمن الثقافة السومرية : ويقوم استنتاجنا على حقيقة أنه في الدين السومري القديم شغلت الربات وضعاً بارزاً , ثم غبن بعد ذلك باستثناء عشتار ولم يظهرن إلا كزوجات للأرباب , كان العالم السفلي نفسه تحت حكم مفرد للربة , وتشرح الأسطورة كيف أنها صعدت منه لتتخذ لنفسها زوجاً , وقد لعبت الربات دوراً في القرار المقدس الذي ُيتخذ في مجّمع الآلهة في الأساطير
وفي مصر حسب الكاتبة ( مارلين ستون ) ( ظل مفهوم الربة في مصر دائماً حيوياً فعالاً حيث حققت الربة في مصر ما قبل التاريخ تفوقاً في مصر العليا ( الجنوب ) تحت اسم ( نيخبت ) ورمزوا لها بالنسر , سكان مصر السفلى التي تضم إقليم الدلتا الشمالي عبدوا ربتهم الفائقة باعتبارها كوبرا مستخدمين اسم وازيت ( الأفعى العظمى ) من عام 3000 قبل الميلاد وما بعد يقال أن الربة المعروفة باسم ( نوت أونيت ) أونت المشتقة على الأغلب من نيخيت , إنها وجدت عندما لم يكن قد خلق أي شيء - وعندئذ ٍ خلقت مظهر في الوجود - وظل مفهوم الربة في مصر دائماً حيوياً فعالاً ( وتقدم الآلهة الذكور حالما بدأت المراحل الأسروية ) ( 3000 قبل المسيح ) يقتبس الكاتب : جوزيف كامبل في كتابه (( الميثيولوجيا البدائية )) من شميدت فيتحدث عن هذه الثقافات المبكرة (( هنا كانت النساء اللواتي ظهرن فائقات لم يحبلن بالأولاد فحسب , بل كن أيضاً المنتجات الرئيسيات للطعام , وبتأكيد ذلك فإن من الممكن أن يحرثن ويحصدن , فجعلن الأرض ذات قيمة وأصبحن بالتالي المالكات لها – وهكذا تسلمن السلطة الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب الاحترام )) وقد ظهر الرجل الجنس الذكوري السنوي المقدس كما هو الحال عند – داموزي – أتيس – أدونيس – أوزيريس – بعل – الخ وكلهم يظهرون أهمية دين الربة
ونظل مع مارلين ستون التي تقول في كتابها : ( والأدهش من ذلك كله هو اكتشاف سجلات كثيرة عن الخالقات الإناث لكل الوجود , وهن آلهات عُزيَ إليهن ّ ليس فقط خلق الشعوب الأولى , وإنما خلق كل الأرض وفوقها السماوات _ وهناك سجلات لهؤلاء الربات في سومر – وبابل- ومصر – وافريقيا- واستراليا – والصين – وفي الهند كانت الربة ( ساواسفاتي ) تكرم باعتبارها مخترعة للأبجدية الأولى , بينما في إيرلندا الكلتية احترمت بريجيت باعتبارها الإلاهة الكبرى للغة ، وكشفت النصوص أن الربة ( نيدادا في سومر ) هي التي كُرمت باعتبارها إحدى اللواتي كن من أوائل من اخترع الألواح ( الطينية والكتابة ) لقد ظهرت في هذا الموقف قبل أي إله ذكر حلّ محلها فيما بعد ، إن الكتابة الرسمية للسماء السومرية كانت امرأة ، والأهم من ذلك أن الدليل – الأركيولوجي – عن الأمثلة الأولى للغة المكتوبة المكتشفة وجد أيضاً في سومر , في معبد ملكة السماء في ( أريك – أوروك ) فقد كتبت هذه الأمثلة هناك منذ أكثر من خمسة آلاف سنة ، ومع أن الكتابة يقال عنها عادة أنها من صنع الرجل , ومهما جرى السعي لتأكيد ذلك فإن مجموعة العوامل المذكورة أعلاه تقدم دليلاً مقنعاً أن المرأة كانت فعلاً هي التي نقشت العلامات الدلالية الأولى للغة في الطين الرطب ( وتمشياً مع هذه النظرية المقبولة عموماً بأن النساء كن مسؤلات عن تطوير الزراعة , باعتبارها امتداداً لنشاطات جني الثمار , فإن آلهات ٍ إناثاً في كل مكان يعزى إليهن تقديم هذه الحضارة ، في بلاد ما بين النهرين حيث عثرنا على بعض الأدلة للتطور الزراعي , قدست الربة ( ننليل) لأنها قدمت لشعبها المعلومات الأولى عن طرائق الزراعة والحصاد , وفي كل مناطق العالم تقريباً مجدت الآلهات الإناث باعتبارهن شافيات يهيئن الأعشاب والجذور والنباتات والوسائل الطبية الأخرى عن طريق الكاهنات اللواتي يلتحقن بالمقامات فيقمن بدور الأطباء لكل من يتعبد هناك )
ونظل مع ستون التي تقول : كلما فكرت في سلطة الأسطورة تعاظمت صعوبة تجنب التساؤل عن التأثيرات الكثيرة التي تركتها تلك الأساطير المصاحبة للأديان التي تعبد الآلهة الذكور على تصوري بما تعنيه إنني ولدت امرأة , حواء أخرى , جدد إيمان طفولتي ، أخبروني وأنا طفلة أن حواء صُنعت من ضلع آدم , وخلقت لتكون رفيقة حياته ومساعدته ومؤنسة وحدته , وكما لو كان هذا التعيين للرفيقة الثانية الدائمة التي لم تُخلق لتكون قائدة , علموني أيضاً أن حواء كانت غبية حمقاء , وشرح لي من هم أكبر مني سناً أنها خدعت بسهولة بوعود الأفعى الغادرة , لقد عصت الله وَحَرضت آدم على العصيان ذاته وبذلك دمرت الشيء الجميل , وهي الحياة المباركة السابقة في جنة عدن , أما لماذا لم يظنوا أن آدم بالمقابل هو مخلوق أحمق أيضاً فإنها مسألة لا تستحق النقاش , ولكن بما أني متوحدة بحواء التي قدمت كرمز لكل النساء , فإن اللوم يقع عليّ بطريقة غامضة , فقد رأى الله أن خطيئتي كانت سبباً لكل شيء فاختار عقابي بقراره ( تكثيراً أكثر أتعاب حبلك , بالوجع تلدين أولاداً وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك ( تكوين 16 ) لأن الرجل ليس من المرأة , بل المرأة من الرجل لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذوناً لهن أن يتكلمن بل أن يخضعن لما يقول الناموس أيضاً , ولكن أن كنّ يردن أن يتعلمن شيئاً فليسألن رجالهن في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في الكنيسة ( كورنثوس الأولى 8:11 و 14 : 34و35 ) ومما مرّ معنا يتضح تماماً وذلك بعد ظهور الديانات اليهودية – والمسيحية – والإسلام – وقبل ذلك وتهيئة له بدأ الرجل يتململ من حكم المرأة لظروف اقتصادية – واجتماعية – وإثنية – ومن ثم بدأ ينتصر على عالم المرأة – وذلك بتحقيرها – أي بجعلها رمزاً للخطيئة والإغواء , وهي محط إهانة للشرف , شرف الرجل الذي هو سيد الحماية وربّ القوة وصانع التاريخ , وبذلك يكون الرجل قد زيف تاريخاً أطول بكثير من سني حكمه, كانت تحكم فيه المرأة , وربما مرد ذلك ليس للملكية الذكورية فقط , بل أيضا لتاريخ طويل من التبعية الذكورية لعالم الرجل إزاء حكم المرأة وقداستها – وجعله تابعاً مقدساً , وليس تابعاً دونياً ومنحطاً كما أراد الرجل للمرأة أن تكون ( للبحث بقية )
1 – يوم كان الرب أنثى – تأليف : مارلين ستون
2 – ترجمة : المفكر والكاتب الكبير : حنا عبود
3 – الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع – سوريا – دمشق
4 – كل الأستشهادات من الكتاب نفسه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زير النساء بشبهه بالكلب .. شوف رد فعل أسامة منير لما سألنا


.. جامعة ولاية أريزونا تطرد باحثا ظهر في مقطع فيديو وهو يعتدي ل




.. The Afghan Women-s Movement | #UnstoppableWomen


.. مشهد صادم لسحل وتعدي جسدي على امرأة في نيويورك | #منصات




.. لأول مرة في المغرب.. تعويض امرأة أصيبت بشلل جراء تطعيمها بلق