الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوظيفية السياسية للتيار الماركسي العربي

محمد سيد رصاص

2015 / 8 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تتحدد المهام المرحلية من خلال طبيعة المرحلة ،ومن خلال رؤية التيار السياسي لمهام المرحلة.كان لينين في "خطتا الاشتراكية - الديموقراطية في الثورة الديموقراطية"(1905) يرى طبيعة المرحلة بأنها ذات طابع بورجوازي ديموقراطي في بلد خرج من القنانة عام1861 ومازالت العلاقات ماقبل رأسمالية سائدة فيه.من هنا رأى بأن المهام ديموقراطية وليست اشتراكية وإن اختلف مع المناشفة حول قدرة البورجوازية الروسية على القيام بدور البورجوازيتين الانكليزية والفرنسية في ثورتي1688و1789حيث رأى أن حزب الطبقة العاملة،وبالتحالف مع الفلاحين والراديكاليين الثوريين،هو من سيقوم بذلك.بعد وصول لينين إلى نظريته عن الامبريالية عام1916 اختلفت نظرته،وهو ماتجسد في"موضوعات نيسان"عام1917عندما رأى بعد اسقاط القيصرية بأن المهام أصبحت مختلطة بين بورجوازية ديموقراطية وبين مهام اشتراكية وأن الأولى طريقاً إلى الثانية في مهمة واحدة هي الاستيلاء على السلطة عبر السوفياتات من خلال استغلال الحزب البلشفي لشعاري(السلم)و(الأرض).نجح لينين في الاستيلاء على السلطة عبر ثورة أوكتوبر1917ولكن البلاشفة لم يستطيعوا ادخال روسيا في الاشتراكية بل قادوا ثورة بورجوازية عبر ثلاثة أرباع القرن كانت نهايتها (اقتصاد السوق)بديلاً عن (رأسمالية الدولة)و(التعددية السياسية)بديلاً عن (الحزب الواحد).
منذ نشوء الأحزاب الشيوعية العربية بالعشرينيات لم تكن تحديدات المرحلة واضحة المعالم،وكذلك المهام،وقد اختلطت وتداخلت كثيراً مع الاستراتيجية السوفياتية تجاه المنطقة العربية،وكان السوفيات على الغالب هم من يحدد طبيعة المرحلة،كماجرى عام1964عندما حددوها بأنها في (مرحلة التطور اللارأسمالي)،وبالتالي فإن المهام تتطلب لانجازها نشوء (تحالف القوى التقدمية)مع عبدالناصر والبعثيين وعبدالسلام عارف ،وهو ماقاد إلى ضغط موسكو لحل الحزب الشيوعي المصري واندماج الشيوعيين في(الاتحاد الاشتراكي)،وإلى (وثيقة آب1964)الشيوعية العراقية التي كادت أن تقوم بمافعله الشيوعيون المصريون مع عبدالناصر ولكن تجاه حليفه عارف في بغداد، وإلى الضغط على سكرتير الحزب الشيوعي السوداني عبدالخالق محجوب للتعاون مع النميري حيث قاد رفضه لذلك إلى انشقاق الحزب عام1970عبر كتلة(معاوية ابراهيم- أحمد سليمان)ومن ثم اعدام محجوب بعد فشل انقلاب19تموز1971ضد النميري،ثم إلى الضغط على الحزب الشيوعي السوري للدخول في "الجبهة الوطنية التقدمية"عام1972وهو ماجرى أيضاً من قبل موسكو عام1973حيث أجبر الشيوعيون العراقيون من قبل السوفيات للدخول في "الجبهة الوطنية القومية"مع حزب البعث الحاكم.تحرر الماركسيون العرب من هيمنة الكرملين بعد انهيار الاتحاد السوفياتي،ولوأنهم لم يستطيعوا بعد الوقوف لوحدهم على أرجلهم إثر حوالي ربع قرن من مرحلة(مابعد موسكو).لم يقوموا حتى الآن بتحديد طبيعة المرحلة العربية الراهنة مع خصوصية كل بلد،ولابتحديد المهام.في هذا المقال توجد محاولة للقيام باجتهاد شخصي من أجل ذلك.
يمكن تحديد المرحلة العربية الراهنة بأربع قضايا هي التي تحدد طبيعة هذه المرحلة:
1- كلمة(الامبريالية)هي مفتاح تحديد المرحلة العربية منذ قرنين من الزمن:هناك جهد غربي،أوروبي ثم أميركي،للسيطرة على المنطقة العربية بدءاً من حملة نابليون بونابرت عام1798.أخذ هذا أشكال احتلال،وسيطرة وهيمنة على القرار السياسي وعلى المقدرات الاقتصادية من دون احتلال،وزرع كيان استيطاني أخذ دور المخفر الأمامي للغرب الأوروبي منذ نشوئه عام1948والأميركي بدءاً من عام1964،وتكبيل دول داخلياً وخارجياً من خلال اتفاقيات(مصر عبر كامب دافيد والعراق من خلال الاتفاقيات مع واشنطن قبيل الانسحاب العسكري الأميركي بنهاية عام2011)،واستغلال الأزمات المحلية،المنفجرة عبر أسباب داخلية مثل الأزمة السورية منذ درعا18آذار2011،من قبل قوى دولية واقليمية للوصول إلى تحكم مستقبلي بالأوضاع الداخلية وبالسياسات الخارجية للبلد،كما يمكن أن تأخذ عملية الهيمنة والتحكم بالقرار الوطني من الخارج(الدولي أوالاقليمي أوكلاهما معاً)شكل محاولة اللعب بمكونات داخلية،دينية أومذهبية أوإثنية،من أجل استخدامها للتأثير الداخلي لصالح الخارج أومن أجل رسم خرائط جديدة أوالتهديد بذلك.هذا يجعل من مهام المرحلة أن تأخذ طابع وطني عربياً،لمقاومة وافشال كل ذلك وللتحرر الوطني وامتلاك القرار المستقل.يمكن أن يأخذ هذا طابع قومي عربي عندما تكون (الوحدة)أو(الاتحاد)أو(التكامل)بين دول عربية من أجل شروط أفضل لمقاومة الهيمنةالغربية أ والاسرائيلية أوالآتية من دول الجوار الاقليمي الصاعدة حالياً(ايران،تركية،إثيوبية،السنغال).
2- (الديكتاتوريات العربية)منذ الخمسينيات فشلت في تحقيق التحرر الوطني وفي مهام تحرير فلسطين وفي مهمة الوحدة العربية.بل إنها أنتجت بنى داخلية متخلفة ومفوتة تاريخياً والأكثر من ذلك بنى غير مندمجة داخلياً بحيث أصبح الانتماء الديني أوالمذهبي أوالإثني هو الأسبق من الوطني أوالقومي ، أومن أيديولوجيات حديثة عابرة لتلك الانتماءات، عند فئات واسعة من مجتمعات عربية عديدة في تحديد الانتماء الفكري- السياسي وفي رؤية البلد وفي رؤية المواطنين الآخرين.بعد ستة عقود من الواضح أن (الديموقراطية)هي وصفة علاجية تترابط مع (الوطنية)لتمتين الداخل وتوحيده لذاته ومن أجل مقاومة (الخارج)والتحرر منه أيضاً ومن أجل أن يشعر المواطن بالمساواة مع المواطنين الآخرين في الحقوق والواجبات.تترابط الوطنية والديموقراطية هنا وتكوِنان خطاً واحداً،بالقياس إلى ديكتاتوريات وطنية أوقومية وإلى ديموقراطيين غير وطنيين راهنوا على الخارج الأجنبي لتحقيق هزيمة الديكتاتوريات بدءاً من تجربة المعارضة العراقية في غزو واحتلال2003ومن تبع المعارضين العراقيين،من سوريين وسودانيين وغيرهم، على هذا الخط عربياً.
3- (الانقسام الطبقي:الاقتصادي- الاجتماعي)يمكن تلمسه بوضوح في عواصم(طريق التطور اللارأسمالي)والذي كان طريقاً بامتياز نحو رأسمالية جديدة نجد فيها أن الانقسامات والفروق الطبقية أكثر حدة من التي نراها في الغرب الرأسمالي وأكثر قوة من الرأسماليات المحلية العربية القديمة في النصف الأول من القرن العشرين.هناك ارهاصات على أن هذا الانقسام الطبقي سيبدأ في ترجمة نفسه إلى السياسة العربية في بلدان عدة،مثلما نجد في عراق صيف2015،عابراً المذاهب والأديان والإثنيات للتحدد فكرياً- سياسياً عبر أيديولوجيات عابرة لتلك التحديدات.
4- (التحديث):قامت أنظمة(طريق التطور اللارأسمالي)بعمل صفقات مع رجال الدين قادت إلى عدم التحديث في (الدستور)وفي القوانين ومنها قانون الأحوال الشخصية.هناك تمييزات دستورية وقانونية ضد المرأة والأقليات الدينية والمذهبية والإثنية.وهناك عدم تناسب بين الواقع الدستوري- القانوني وبين الواقع الثقافي والتقني للمجتمعات العربية(ماعدا تونس).كان أتاتورك وشاه ايران وبورقيبة أكثر تطوراً من العروبيين في هذا الصدد.هناك حاجة إلى علمانية تحدد الفصل بين الدولة والدين ولكن ليس السياسة والدين حيث يمكن تحت خيمة الدستور العلماني أن يسمح لأحزاب ذات أيديولوجية تستمد من الدين منهجها الفكري – السياسي ،مثل الأحزاب الديموقراطية المسيحية أوحزب العدالة والتنمية في تركية أوحزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي في الهند،بالنشاط سياسياً.
هذه القضايا الأربعة:(الوطنية)- (الديموقراطية)- (الاقتصادية- الاجتماعية)- (التحديث) تحدد طبيعة المرحلة عربياً ومن ثم تتحدد المهام وفقاً لطبيعة المرحلة وبالتالي الوظيفية السياسية المرحلية للتيار الماركسي العربي:هذا التيار هو التيار السياسي الوحيد الذي يمكن أن يتبنى هذه المهام الأربعة معاً.الاسلاميون يتبنون المهمة الأولى ،ولوأنهم في حالات معينة تجاه الخارج الدولي والاقليمي يستعينون بالخارج كمافي سوريا2011-2015وليبيا2011،ولكن يترددون تجاه الثانية أويتعاملون معها بمصلحية،فيماهم ليبراليون في الاقتصاد،ومحافظون وغير حداثيين في مجالي الدستور وقانون الأحوال الشخصية.الليبراليون حداثيون وديموقراطيون ولكن غالباً غير وطنيين في طبعتهم القديمة(النحاس باشا لمافرضه الانكليز رئيساً لوزراء مصر يوم4فبراير1942ضد إرادة الملك فاروق عندمااقتحمت الدبابات الانكليزية قصر عابدين من أجل ذلك) وفي طبعتهم الجديدة(ليبراليوا الدبابة الأميركية في بغداد9نيسان2003وأصحاب نظرية"الصفر الاستعماري")،ومناصرون للفروق الطبقية وضد الحقوق الاقتصادية- الاجتماعية للفقراء والفئات البينية.العروبيون المعارضون وطنيون وهم مثل الاسلاميين تجاه الديموقراطية ومحافظون في وجه التحديث وغامضون في المجال الاقتصادي- الاجتماعي فيماالذين في السلطة وطنيون ولكن يفتقدون النزوع الديموقراطي والحداثي ووحشيون في رأسماليتهم.يحدد هذا تلاقيات الماركسيين مع التيارات الأخرى والتباعدات حسب المرحلة وحسب تطورات اللحظات السياسية للمرحلة.أيضاً المرحلة عربياً في طبيعتها ومن خلال المهام المتحددة عبر طبيعة المرحلة تقول بأن المهمات أمام الماركسيين ليست ذات مهام اشتراكية،وبأن ماقام به لينين في "موضوعات نيسان"كماكان غير صحيح روسياً،كماأظهر عام1991ضد عام1917،فإن مهمات الماركسييين عربياً لن تتجاوز مرحلياً،زائد المهمة الوطنية – القومية،ماطرحه ماركس في "البيان الشيوعي"(1848)لألمانية وماطرحه لينين لروسيا في "خطتا الاشتراكية - الديموقراطية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شذر مذر
فؤاد النمري ( 2015 / 8 / 31 - 05:06 )
عندما يعدم المرء علم الإقتصاد مثل السيد رصاص فلا يجوز له الحديث في السياسة حيث السياسة هي مرآة عمل اٌقتصاد
ينطلق السيد رصاص من الإدعاء أن النظام السوفياتي كان بطبيعته رأسمالية الدولة الأمر الذي يؤكد أن السيد رصاص لا يلمّ بأوليّات علم الإقتصاد
الجوهر في الإقتصاد الرأسمالي هو شراء قوى العمل من سوق العمل ثم بيع هذه القوى بثمن أعلى من ثمن شرائها فيكسب الرأسمالي فضل القيمة
السؤال الذي يدحض كل دعاوى القائلين برأسمالية الدولة السوفياتية هو ..
هل كان هناك سوق للعمل في الاتحاد السوفياتي ؟
قوى العمل لم يكن لها سوق في الاتحاد السوفياتي وكانت وظيفة الدولة السوفياتية هي تشغيل كل مواطن سوفياتي قادر على العمل
لم يكن لقوى العمل أي ثمن في الإتحاد السوفياتي ولذلك كان راتب عامل الفحم ضعف راتب رئيس الدولة يوسف ستالين
كان هناك فصل تام بين قيمة العمل وبين الراتب وهو المعاش وليس الأجر
كيف يمكن الإدعاء برأسمالية الدولة والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها تقدم مجاناً بل كانت الدولة تقدم للطلاب مصروف جيبه

العمل الشيوعي اليوم موبوء بفيروس الماركسيين المفلسين وهم الذين لم يعلموا بعد أسباب إنهيار الاتحاد السوفياتي


2 - فروق في الاحداثيات وكذلك في السرعات 1
محمد البدري ( 2015 / 8 / 31 - 09:36 )
قبل الغوص في عنوان التعليق، فان الليبراليون الحداثيون الديموقراطيون ونموذجهم النحاس باشا كما جاء بالمقال تم وصفهم من وجهه نظر ماركسية بانهم وطنيون، جاء ذلك في كتيب صغير ظهر بمصر في السبعينات عنوانه -راسماليون وطنيون وراسمالية خائنة-. يفرق مؤلفة بين نوايا الرأسمالي ونوايا الرأسمال. ولان الربط بينهما بعلاقة الملكية التي تجعل من الاول عميلا للثاني فقد انتفت في التحليل النهائي اي وطنية عند الراسماليين، لهذا كانت اهداف العمل الماركسي وضع نهايات لكلاهما بوضع نهايات للملكيات الخاصة. ويبقي السؤال: أين موقع النحاس باشا في واقعة 4 فبراير؟
لم تكن الراسمالية يومها متجاوزة للحدود الوطنية ولا للهويات ولا للثقافات واللغات كما هو الان. بينما واقع حالنا اليوم هو مجرد الحفاظ علي هوية وطنية تضمن سلامة الكتلة الاجتماعية بانسانيتها بعد ان عصفت القاطرة فائقة السرعة التي في موقع صدارة عالم الانتاج الحديث بكل ما امامها من معوقات. وهو ذات السبب الذي جعل النحاس ينحو الي قبول رئاسة الوزارة حفاظا علي الدولة برمتها من الانجليز أو الالمان. كان موقع مصر بكليتها يستلزم قبوله الوزارة فوقف ضده ... يتبع


3 - فروق في الاحداثيات وكذلك في السرعات 2
محمد البدري ( 2015 / 8 / 31 - 09:36 )
كوكتيل من اطراف شديدة التباين من االنتهازيين الليبراليين ومن الحالمين الماركسيين.
هذه الحادثة الشهيرة تحيلنا الي عنوان التعليق حيث كانت احداثيات مصر في صدارة كل دول الشرق الاوسط كأتاتورك وشاه ايران وبورقيبة وكذلك سرعتها التي وضع لها بعض الضباط المتهورين بحجة الوطنية ذاتها كوابح ادت للسير في عكس الاتجاه للحاق بالماضي الاسود كان فيه كهنة الاسلام كعصي في دواليب عجلات اي قطار اضافة الي جهل وامية وتهور هؤلاء المراهقين برتب عسكرية. لكني استغرب جدا من ان يكون النحاس طبعة قديمة وتشبيهه بالمخربين كداعش وكل فصائل الاسلام الارهابي العاملة الان في سوريا والعراق وتتحين الفرصة للانقضاض علي اوطان الشرق التي احتضنت الاسلام يوما ومولته بدماء واموال لبقائه بينما هو لا يستحق سوي الدفن في مجرور التاريخ كخطوة اولي علي طريق طويل ربما ينضج في نهايته الماركسيين تحاشيا من اليتم بعد انهيار اي داعم لهم أم أم رؤوم ترعاهم.

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟