الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبادي ... والمهمة المستحيلة!

كوهر يوحنان عوديش

2015 / 9 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


المتتبع للشأن العراقي متيقن بصورة قطعية وحدية غير قابلة للنقاش ان مرحلة ما بعد 2003 كانت الاسوأ في تاريخ العراق امنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا......، فالامن هش ومفقود وغير متوفر حتى في غرفة نوم الفرد العراقي، والاقتصاد في حالة يرثى لها لان العراق بلد استهلاكي وغير منتج وكل ايراداته تكمن في كمية النفط المصدرة وسعرها، ولا اظن بان هذه الايرادات تكفي كل هذه الحيتان الجديدة المتصارعة للاستيلاء على اخر دينار متوفر في خزينة الدولة، واجتماعيا فان الطائفية قضت على كل ما كان جميلا في هذه العلاقات واصبح الشعب يتكتل بحسب انتمائه الديني والطائفي دون ارادته او رضاه في الكثير من الاحيان لانهم هكذا ارادوا له، اما العملية السياسية فهي مشلولة ولا نبالغ اذا قلنا انه ليس هناك عملية سياسية اصلا ولا سياسيين في العراق الديمقراطي! الجديد بل هناك اشخاص انتهازيين يتنافسون ويتصارعون على السلطة والمال ولا يهمهم من العراق وشعبه سوى ما يدخل في خزناتهم من سحت الحرام.
من المعلوم ان لكل رئيس او نظام يحكم البلد مؤيدين ومعارضين، وبما اننا نعيش في الشرق ولا نعرف ابسط معاني الوطنية فاننا بالتأكيد نؤيد من نستفيد منه ونستقوي به ونعارض من يمس مصالحنا ويسحب من تحت اقدامنا المال والسلطة والامتيازات الاخرى التي ترافق المنصب دائما ( في شرقنا الحبيب )، هكذا هو حال من يعارضون اصلاحات العبادي ويقفون وسيقفون بالضد منها لانها بكل بساطة تمس مصالحهم وامتيازاتهم، فمنذ 2003 ولحد اليوم نهبت مئات المليارات من الدولارات دون محاسبة او متابعة او حتى مجرد تحقيق وهمي، بل ان الذي جرى كان عكس ذلك تماما فكان اللص الناهب يكرم او يعلى منصبه! وفي اسوأ الاحوال يغادر العراق معززا مكرما هانئا براتبه التقاعدي!.
واضافة الى جيش الفاسدين المنتشر في مؤسسات الدولة من اعلى قممها الى ادنى مناصبها، الجيش الذي اجتاح العراق كجراد يفتك بكل ما هو جميل!، فهناك دول اقليمية تدعم هذا الشخص او ذاك حسب درجة ولائه لها وتنفيذ اجندتها المدمرة للعراق، ولا يهم ان كان هذا الشخص مجرما او لصا او يشرب بكأس ذهبية دماء العراقيين او كان سببا بمقتل مئات الالاف من ابناء العراق الابرياء او سببا بتهجير ملايين المواطنين من بيوتهم او شعوبا بكاملها من العراق ....
ارضاء الشارع العراق وتلبية ادنى نسبة من مطاليب المتظاهرين ليس بالامر الهين والبسيط، ليس لان المطاليب مستحيلة التنفيذ بل لان الفاسدين الذين توغلت جذورهم في التربة العراقية وحكموا العراق لمدة اثنى عشر عاما لا يمكن معاقبتهم او محاسبتهم او اقتلاعهم او حتى تهميشهم بهذه السهولة، فهم ليسوا مستعدين بالاكتفاء بما نهبوا وبما فعلوا بالعراق من جرائم سواء بحق الوطن او بحق الشعب والانسانية وترك العراق وشأنه، بل هم مصممون وعازمون على تدمير البلاد على اخرها لتحقيق منافع ومصالح شخصية سواء كانوا في السلطة او خارجها، اضافة الى ذلك فهناك الدول الاقليمية الجارة للعراق التي ستقف هي الاخرى بالضد من كل الاصلاحات التي تهدف الى استقرار العراق وتطويره، هذه الدول التي كان لها التأثير المباشر على ما جرى في العراق من تدمير للبنية التحتية وهدر للدماء البرئية وانماء النعرة الطائفية المقيتة، وخير مثال على ما نقول هو استدعاء ايران لنوري المالكي ( نائب رئيس الجمهورية الملغى منصبه ورئيس الوزراء الاسبق ) واستقباله بحفاوة ولقائه بالمراجع الدينية والسياسية العليا في ايران ومن ثم استقباله بحفاوة لدى عودته من ايران، والاسئلة التي تبرز هنا- واهمها- هي لماذا استدعت ايران نوري المالكي في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا استقبلته رسميا وبهذه الحفاوة وهو لا يملك اية صفة او مكانة رسمية في العراق؟ خصوصا وان زيارة المالكي الى ايران جاءت بعد اتهامه بكونه السبب الرئيسي في سقوط مدينة الموصل واحتلالها من قبل داعش، وكذلك المطالبة الشعبية الكبيرة لمحاكمته على مئات المليارات المنهوبة وعلى كل الجرائم التي مورست بحق الشعب العراقي ابان فترة حكمه!، وهذا يدل على ان زيارة المالكي لايران لم تكن للتباحث في الامور العالقة بين البلدين ولا لتوقيع اتفاقية ما بين الطرفين لان الرجل اصبح شخصا عاديا كاي فرد عراقي، بل ان زيارته او بالاحرى استدعائه كانت رسالة تنبيهية للعراق حكومة وشعبا، وفي نفس الوقت تطمينا للمالكي، بان المالكي هو رجل ايران القوي والمدلل ولا يمكن مس شعرة من رأسه مهما كثرت الاتهامات وثبتت الدلائل على جرائمه وفساده.
خلاصة الكلام:- ان اصلاحات العبادي وان كانت مفرحة بعض الشيء لكن لا يمكن التفاؤل بها كثيرا ما لم تصبح واقعا على الارض وهذا يتطلب ضرب الفاسدين داخليا ومعارضة خطط ونوايا الدول الاقليمية الجارة التي تعودت ان تتعامل مع العراق وحكومته كمدينة من مدنها خارجيا، وهذه المهمة ليست مستحيلة لكن ليست سهلة، فهل يستطيع السيد حيدر العبادي المضي قدما باصلاحاته ام انه سيكتفي بتقديم بعض الذبائح والقرابين من الموظفين الصغار بينما يترك الحيتان تلهو وتلعب دون عقاب وذلك لذر الرماد في العيون وتخدير الشعب لفترة اخرى؟ الايام المقبلة تكون كفيلة بالاجابة والتاريخ سيشهد عليها.


كوهر يوحنان عوديش
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الامثال
فريد جلو ( 2015 / 9 / 4 - 04:34 )
لايوجد مستحتل ويقول المثل فال الله ولا فالك

اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات