الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اميل توما مؤرخ القضية الفلسطينية وقائد ثوري في تاريخها !

عصام مخول

2015 / 9 / 5
القضية الفلسطينية



مرت هذا الاسبوع الذكرى الثلاثون لرحيل القائد الوطني الكبير والشيوعي المؤسس د. إميل توما ، الذي فارق الحياة في العاصمة الهنغارية بودابست عن ستة وستين عاما ، في السابع والعشرين من آب 1985 ، فاهتز له شعبه ووطنه ، واهتز له حزبه وشركاؤه في النضال ، وجرت له جنازة شعبية تاريخية في حيفا بمشاركة أكثر من عشرين ألفا في الخامس من أيلول بمرور اسبوع على رحيله.
وبهذه الذكرى دعا معهد اميل توما الى زيارة ضريحه في مقبرة الروم الارثوذكس في حيفا ، ووضع باقات الورد على قبره وفاء لذكراه ولتراثه الكفاحي والوطني المتميز، وعطائه الفكري والسياسي الذي ما زال نقطة ارتكاز ومنطلقا نعتمده وتعتمده القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية، فلسطينيا وإقليميا في مشوارناها الكفاحي المتواصل وسط أعقد الظروف وأحلك التطورات التي تمر على منطقتنا . وتتم زيارة الضريح بمشاركة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ، وهيئة جريدة الاتحاد ومحبي إميل توما وأقربائه في الثالثة من بعد ظهر السبت 5.9.2015.
كما أعلن معهد إميل توما عن برنامج واسع احتفاء بهذه المناسبة المميزة لهذا القائد الاستثنائي ، تنتهي بعقد "مؤتمر إميل توما حول القضية الفلسطينية 2015 - من جذور القضية الى مأزقها الراهن " والذي يعقد عشية يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني في 27-28 كانون الاول (نوفمبر) هذا العام . ويشهد الاسبوع الذي يسبق المؤتمر تنظيم معرض عن حياة إميل توما ورحلة عطائه ، في بناية الاتحاد ، التي كان مع رفيقه القائد الراحل توفيق طوبي ، مؤسسها ورئيس تحريرها وصاحبها المسؤول الاول منذ العام 1944 . ويتناول المعرض حياة اميل توما في مراحلها المختلفة في وتنوع اشكال عطائه، بأبعادها الانسانية والكفاحية ، الشخصية والعامة ، ومخطوطات لم يتم نشرها في مجالات اهتماماته المتنوعة الفكرية والسياسية والثقافية ترافقها لقاءات يتحدث فيها محبو اميل توما عن جوانب من ملامح هذا القائد الشيوعي الكبير لتبقى ذخرا للاجيال الناشئة التى لم يتسنى لها أن تعرف اميل توما وعطائه الهائل . كما أن سلسلة من الندوات يجري الاعداد لها بالتعاون مع الاطر الشعبية والمنظمات التقدمية ومجالس الطلاب وفروع ومناطق الحزب الشيوعي والجبهة لنشر موروث اميل توما وإحياء ذكراه ونشر مؤلفاته التي بلغت خمسة عشر مؤلفا . وكان معهد اميل توما قد أعاد إصدار كتابه المرجعي "جذور القضية الفلسطينية في طبعته السادسة ، في الذكرى الثلاثين لرحيله .




من عظمة إميل توما وتميزه ، أنه تمكن منذ مطلع شبابه ، بحسه الثوري وثقافته الشاملة رفيعة المستوى من التقاط الواقع بأعقد صوره وتطويعه وتشريحه وتحليله وعرضه على عامة الشعب مرفقا بالتوجيه الصحيح ، وتحويله الى برناج كفاحي واضح المعالم والاهداف تفهمه جماهير العمال والفلاحين وعامة الشعب ، ويدغدغ آمالها ويحفزها على النضال لتحقيق تطلعاتها وطموحاتها التحررية. ليس النضال نيابة عن الناس ، بل تسييس الناس واستنهاض وعيهم ، وتوعية الطبقات الشعبية .ومدها بالامل وتعبئتها للنهوض للنضال كما يليق بقائد ثوري .
وأصابت صحيفة الطليعة المقدسية عندما أشارت إلى أن" إميل توما رحل عنا ، وتراثه النضالي والفكري يوقد عزائم المناضلين من خيرة أبناء هذا الشعب لمتابعة مسيرته، وأفواج جديدة وجديدة من جماهير شعبنا وحركتنا الوطنية تنجذب الى هذا التراث، وتقر بصحة النهج السياسي الذي سار عليه قرابة نصف قرن . وأضافت : إن رسوخ هذا النهج في حياتنا والذخيرة التثقيفية والتعبوية التي تمثلها كتاباته العديدة ، وقوة المثل التي يقدمها مسلكه وسيرة حياته، تجعل ذكراه حية وفاعلة في حياتنا لأجيال عديدة قادمة".
منذ مطلع الاربعينات من القرن العشرين ، نزل الشاب إميل توما الى ساحة المعركة الضارية شاهرا قلمه وقلبه وإرادته الثورية ، متسلحا بالايدولوجيا الماركسية – اللينينية ومستنيرا بنظرية الفهم المادي للتاريخ، الامر الذي مكنه ، ليس فقط من كتابة التاريخ وتفسيره ، بل ومكنه من صناعة التاريخ المشرق لحزبه وشعبه والانسانية جمعاء .
وبحق ، حددت افتتاحية فلسطين الثورة باسم منظمة التحرير الفلسطينية أن " إميل توما لم يراقب التاريخ ثم يسجله من موقع المحايد. إميل توما شارك في صنع التاريخ ، ثم سجله من موقع الملتزم . وأضافت: إن الفلسطينيين الباقين في فلسطين لم يذهبوا في مهب الريح. وكان لإميل توما وحزبه دور حاسم في هذا العمل بكل المقاييس . الفلسطينيون ، الباقون منهم والعائدون الى دولتهم المستقلة ، لن يذهبوا الى أإي نسيان كان، فإميل توما ترك للأجيال تاريخا صحيحا للقضية العادلة ." ....
وإميل توما في هذا السياق هو المؤرخ والتاريخ الوطني التقدمي للشعب الفلسطيني . هو الراوي وهو الرواية . هو مؤرخ الشعب الفلسطيني ، ومؤرخ جذور القضية الفلسطينية ، الذي رفض التخلي للمنتصرين عن حقه وحق شعبه في صنع تاريخ بديل، وفي رصد هذا التاريخ ، بعين وطنية تحررية ، مناهضة للمشاريع الامبريالية ، ورفض أن يتنازل عن حقه في وضع إصبع الاتهام في أعين ثلاثي الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية ، كمسؤولة عن نكبة الشعب العربي الفلسطيني وعن مآسي شعوب المنطقة ، كل بحجم دوره وثقله النوعي في السياسة الاقليمية والدولية . هكذا كان في الماضي وهكذا اليوم . في وقت بات فيه واضحا ، أن إعادة إنتاج النكبة هو المشروع الامبريالي السائد اليوم ، ليس على الساحة الفلسطينية وحدها بل على الساحة السورية ، وعلى مساحة مشروع "الشرق الاوسط الكبير"ومشاريع الهيمنة الامريكية أيضا . وأن هذا المشروع لا يمكن مواجهته الا بمشروع تاريخي كفاحي مقاوم يستند الى إلقاء وزن الشعوب في التصدي لمشاريع التفكيك والتفتيت وهزمها بنفس تحرري تقدمي .
****

لا تأتي الاشادة بإميل توما اليوم هي من باب التبجيل والمبالغة ، وهي أمور لا تليق بمن يتعامل مع ذكرى هذا القائد الشيوعي الكبير والدمث والمتواضع . فتاريخ القضية الفلسطينية والتاريخ الزاخر للحركة الشيوعية في البلاد ، يفرد لإميل توما مكانة خاصة متميزة في أدق اللحظات وأكثرها تعقيدا في التاريخ الفلسطيني ،مرورا بقيامه مع مجموعة من رفاقه الرواد الشباب توفيق طوبي وإميل حبيبي ومع الشيوعي القديم بولس فرح ، بتأسيس عصبة التحرر الوطني ، وقبلها بتأسيس نادي شعاع الامل . والنقابات المستقلة ، وإصدار جريدة الاتحاد التي كان رئيس تحريرها الاول وصاحبها المسؤول لسنوات . في هذا السياق كان إميل توما رجل اللحظات التاريخية والخطوات الحرجة والمتحدية .
وفي الوقت الذي عمل فيه اميل توما ورفاقه الشباب في عصبة التحرر الوطني من اجل دمقراطية الحركة الوطنية، ومن اجل الوحدة الوطنية واستقلالية الحركة الوطنية الفلسطينية، قررت عصبة التحرر الوطني العمل على اقامة جبهة عربية عليا، تكون قائدا للشعب العربي الفلسطيني، تطرح حلا دمقراطيا للقضية الفلسطينية ، القت على اميل توما القيام بهذه المهمة. ونجح في اقامة "الجبهة العربية العليا" التي شملت عصبة التحرر الوطني، مؤتمر العمال العرب واحزاب الاستقلال والاصلاح والدفاع والكتلة الوطنية ومؤتمر الشباب.
ويشكل موقف إميل توما المتميز من قرار التقسيم والذي تمسك فيه بالموقف التاريخي للشيوعيين في عصبة التحرر الوطني وفي الحزب الشيوعي الفلسطيني ، نقطة تستحق المراجعة واستنتاج العبر منها في نظرة تراجعية الى الوراء . وستكون موضوعا لمقالة مستقلة قريبا .
إميل توما – الفتى في الشرق!
كان اسم إميل توما في ذاكرة طفولتي سابق لمعرفتي به . كان اسمه يتردد في بيتنا في أكثر من مناسبة ، حين كان والدي حنا مخول الذي رحل مؤخرا ، يحدث عن إميل توما الكاتب ومحرر الاتحاد والقائد السياسي الذي ظهرت صورته في العام 1947 على غلاف مجلة التايم واسعة الانتشار ، إبان احتدام الصراع على فلسطين ، وكان والدي يحتفظ بأعداد المجلة ، التي تضمنت مقابلة واسعة مع الشاب اميل توما إبان مشاركته في مؤتمر "حول العقدة الفلسطينية في لندن" وكان عنوان المقابلة : Touma of the Middle East "توما الشرق الاوسط " .
وعندما رحل اميل توما نشر "ابن المعتز" قصيدة مطولة في جريدة الاتحاد رثى فيها اميل توما ، عنوانها :"أترحل والظروف عصيبة َ " وفيها :
توما أترحلُ والظروف عصيبة وتغيب عنا ، والظلام ُ طويلُ؟
عفوا ، أتُلقي باليراع معطّلا فيجفّ – والقول المضيء يحول
إنّا لنعلم أن عمرك شعلةَ منذ الشباب ، وليس منك بديلُ
توما الفتى في الشرق رائد ثورة أمميةِ ، ومرسّخ ودليل
ضجّت به دنيا الصحافة يافعا في الغرب تبرز دوره وتطيل
وتباخلت عنه وعن أمثاله " إن الزمان بمثله لبخيل "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس