الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يهاجر شعب كردستان سوريا؟

زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)

2015 / 9 / 25
القضية الكردية


طبعاً وقبلاً، أود أن اشير هنا بأني لا اريد أن أبدو كمن يشجع الناس على الهجرة، فقط أحاول أن احلل الاسباب، وانا شخصيا ضد الهجرة الى الخارج لأني عشت هذه التجربة واهيب بالناس أن لايتركوا بلدانهم بسهولة، لأن الهجرة في النهاية ضياع وتشتت وإنسلاخ من الجذور وفقدان الهوية خاصة بالنسبة للأكراد. وما يكسبه المهاجر في المحصلة النهائية أقل بكثير جدا مما يخسره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون بذلك إلا بعد تجربة ذاتية.
واشير هنا أن ثمة اسباب أخرى للهجرة (غير التي سأذكرها لاحقاً) لكنها جانبية ونسبية وتختلف من شخص لآخر ولا يمكن الإحاطة بها كلها لأن كل شخص له تكوينه الذهني ودوافعه الخاصة للهجرة كتأمين مستقبل وحياة أفضل لأولادهم. لكن تحقيق ذلك للأسف غالبا لا يتحقق.
حق التنقل:
إن حرية الحركة أو حرية التنقل أو حرية السفر هي إحدى حقوق الإنسان التي يحترمها الدستور في الكثير من دول العالم ولا سيما الدول الديمقراطية، لكن ثمة دول تمنع رعاياها من السفر وتجعل الوطن سجنا كبيرا لمواطينها، كما هو الحال حاليا في كوريا الشمالية الديمقراطية، وكذلك كان الحال في الإتحاد السوفيتي المنهار ودول أوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلك الإتحاد السوفيتي.
كما ان حرية الهجرة للناس إلى بلدان اخرى حق من حقوق الإنسان وخاصة عند تعرضهم لإضطهاد او إعتداء او تمييز عرقي أو ديني أو أيديولوجي أو غيره.
هناك بعض المتحمسين او المتطرفين في كل مكان يرون في هجرة الناس هروبا من الوطن أو جبنا في حالة الحرب كما هو الحال في سوريا.
إن الغالبية العظمى من الناس مسالمون ، لا يميلون الى القتل والقتال ولو فقدوا اموالهم واوطانهم، وهي الطبيعة العامة للإنسان، طالما لديهم أمل في العيش في مكان آمن.
ففي افغانستان مثلا ذات الواحد والثلاثون مليون نسمة 2013 تشرد منهم خارج البلد في الحرب الاولى بعد تدخل الاتحاد السوفيتي 1979 حوالي 6.5 مليون شخص، اي نسبة 41% من سكان افغانستان وقتها البالغ عددهم 15.5 مليون، عدا الملايين التي هجرت في الداخل. لأنهم لم يرغبوا في القتال.
وتشرد في الحرب الثانية اثناء هجوم بوش في 2001 اكثر من سبعة ملايين، ومازال 2.7 مليون لاجىء خارج افغانستان (في كل من باكستان وإيران وعلى الحدود).
عدد اللاجئين في سوريا معروف للجميع، ما اردت الوصول اليه هو ان هذه الجموع المهاجرة الهاربة من جحيم الحرب والباحثة عن الامان في أقاصي الارض هي ظاهرة تتكرر دائما وهولاء الناس خاطروا بحياتهم وهم في طريقهم الى هدفهم، أي أنهم ليسوا جبناء، كما يدعي بعض المتشددين، لكنهم لا يحبون القتل والقتال لأي سبب كان، ويفضلون عدم الاشتراك في الحرب لعدم قدرتهم ورغبتهم في سفك الدم.
ومحاولات منع الناس من السفر لأي غرض كان، بحجة الدفاع عن الشرف او الوطن هو إنتهاك لحقوق الإنسان، فالشخص او الأشخاص الذين يدافعون عن الشرف او الوطن لم يجبرهم أحد على ذلك، لذا فعليهم ان لا يجبروا غيرهم على ذلك، للسبب المذكور سابقا.
لاشك أن قرار القتال والدفاع عن الشرف والوطن هو قرار سليم، عندما تكون الظروف موضوعية، وبإتفاق عقد جماعي، كما هي الحال في اسرائيل مثلا، والتي مع ذلك لاتمنع رعاياها من السفر.
اما في حالة الظروف الاستثنائية كما في الحروب الأهلية كما هو حاصل الآن في سوريا. فالامر يختلف كلياً، لإنفراط العقد الاجتماعي وتعطيل العمل بالدستور، فالمجرم بشار الاسد لم يمنع السوريين من مغادرة سورية حتى العلويين منهم. وكذلك فعل الجنرال فرانكو اثناء الحرب الاهلية الاسبانية.
في الحروب الاهلية تختلط الامور كثيرا ببعضها،ناس يفرون من جحيم القتال وناس يأتون من دول وقوميات وأديان اخرى للخوض في حجيم القتال، لأن لديهم الإستعداد للقتل وسفك الدماء أكثر من غيرهم نتيجة تكوينهم الذهني والنفسي المختلف. كما هو حاصل الان في أفغانستان والعراق وسورية، جموع مسالمة تغادر بلدانها وأوطانها الى أوروبا وآخرون مقاتلون يأتون من إيران وباكستان وأفغانستان وتونس ومصر والسعودية وأوروبا للإشتراك في الحرب. نفس الشئ حصل في الحربين الأفغانيتين والحرب الاهلية الإسبانية (1936- 1939) حين اقبل الآلاف من المقاتلين الشيوعيين واليساريين من دول شتى الى اتون الحرب حيث سموا انفسهم بالالوية الدولية للقتال ضد فرانكو والقوميين الاسبان الذين دعموا من هتلر وموسوليني، في حين هرب وتجنب الخوض في القتال ملايين من الإسبان المسالمين في تلك الحرب اللعينة والتي تسببت في مقتل 600 ألف شخص.
اما فيما يتعلق بمواطنين كردستان سوريا، فبالإضافة إلى أن الاغلبية العظمى تكره القتل والقتال كغيرهم، فإن الظروف السياسية الإشكالية التي ساهم في خلقها ال ب ي د (حزب الإتحاد الديمقراطي) الكردي هي بدورها غير مساعدة على بقاء السكان هناك، فعلى سبيل المثال وليس الحصر العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية فرض فرضا على الناس هناك، واعتقد أن من وضعوه بالأساس بضعة أشخاص مؤدلجين لا تتوفر لديهم الخبرة الكافية لهكذا موضوع، ناهيك عن ان هكذا عقد يجب أخذ موافقة الأغلبية بعد طرحه على الناس ومناقشته في المحافل العامة ثم اجراء تصويت عملي وفعلي. لكن كل ذلك لم يتم فعلا، ربما جرى ذلك بصورة صورية لا اعلم تماما،لأنه عند عدم توفر ظروف ملائمة كما في حالة سورية الآن يتكون عقد اجتماعي عفوي غير مكتوب بين الناس يتناسب مع رأي الاغلبية، لكن حزب ال ب ي د والذي بالأصل حزب أقلية منع من إنشاء هكذا عقد او تفاهم إستثنائي طارئ واصر على فرض رؤيته الخاصة على الشعب. لكن فرض رؤية ما من اية جهة سياسية عنوةً على الناس أمر مناف لكل المبادىء والاخلاق الانسانية. ولايمكن لهذه الطريقة ان تنجح أبدا وستكون نهايتها الفشل وإن بدت واستمرت لبعض الوقت، لأن اية رؤية او سياسة لا تراعي آراء الأغلبية من الناس ومصالحها ولا تراعي الحقوق العامة الأساسية كحق الحياة (ان يكون الشخص هو من يقرر مصير وطريقة حياته) وحق العمل والحريات كحرية الرأي وحرية الإنتخاب وحرية التنقل وحرية التملك وغير ذلك، لايمكنها البقاء مدة طويلة كما كان الحال في فترة الحرب الباردة في القرن الماضي، لآن الظروف تغيرت كثيرا بإنتهاء الحرب الباردة وبإنبعاث الثورة التكنولوجية التي غيرت الكثير جداً في الحياة والعالم. والإصرار من قبل ال ب ي د العيش في التاريخ الماضي والبقاء على نهج فترة الحرب الباردة، فترة الديكتاتوريات وإضطهاد الحكام لشعوبهم وحكم الحزب الواحد وإرغام الشعب بقوة السلاح على الإنصياع هو أقل ما يقال عنه رؤية قاصرة ومدمرة في عصرنا الراهن. لكن على ما يبدو أن الإنبهار الزائف بفكرهم الضيق وسلوكهم الإقصائي يمنع عنهم الرؤية ابعد من انوفهم.
ومن يفرض رؤيته بقوة السلاح اثناء الحرب، سيتابع فرضها اثناء السلم وبشدة اكبر، ولذلك يفضل الكثير من الكرد مغادرة كردستان سوريا إلى بلدان أخرى،ويأتي سوريون عرب للإقامة مكانهم لأن بعضاً من قوانين ال ب ي د التعسفية لا تشملهم، كالتجنيد الإجباري مثلا .
وفي الوقت نفسه يأتي شيوعيون ويساريون من أنحاء العالم ومن قوميات مختلفة الى كردستان سوريا لأنهم يقاتلون تحت راية واحدة وهي راية النجمة الحمراء رمز الشيوعية التي تجمعهم جميعهم، وفي ذات الوقت يرفض ال ب ي د إشراك البيشمركة القوميين الأكراد السوريين في القتال ليحرمهم من (الدفاع عن الشرف والوطن).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام جيد ولكن... لا يجب تشويه الحقائق
نايـــــــــــــــــــــــــــــا ( 2015 / 9 / 25 - 00:51 )
جاء في النص: «يفضل الكثير من الكرد مغادرة كردستان سوريا إلى بلدان أخرى،ويأتي سوريون عرب للإقامة مكانهم لأن بعضاً من قوانين ال ب ي د التعسفية لا تشملهم، كالتجنيد الإجباري مثلاً»... انتهى
غريب ما ذكرته هنا, غريب ومغلوط, إذ جاءت العديد من المقالات المدعومة بالصور والتقارير والبيانات والفيديوهات التي أظهرت حالات حرق لبيوت السكان العرب, السوريين, فنددت وأدانت انتهاكات القوات القوات الكردية التي نفذت أعمال تصفية عرقية تجاه العرب السوريين, وبعد تحرير عين العرب وطرد داعش من المدينة, منعتهم من العودة إلى بيوتهم وقراهم بحجة تنظيف المنطقة والقرى المحيطة من عناصر داعشية، كما أن هيومن رايت ووتش اعترفت بوجود تصفيات عرقية تجاه العرب على أيدي الـ ب ي د وأدانت حملات التمييز العرقي والعنصري و التهجير القصري لعرب الجزيرة السورية. .


2 - تصفية عرقية ونهج عنصري
نايـــــــــــــــــــــــــــــا ( 2015 / 9 / 25 - 00:58 )
يجب إضافة جملة مهمة ألا وهي أن هذا المنع من العودة إلى البيوت كان حصرا ضد عودة العائلات السورية العربية إلى بيوتها في حين أنها لم يشمل العائلات الكردية من ذلك


3 - رد على نايـــــا
زاغروس آمدي ( 2015 / 9 / 25 - 08:56 )
اجل لقد وقعت بعض الانتهاكات لبعض السكان العرب من قبل وحدات الحماية الكردية اثناء اشتباكها مع داعش والتي ذكرتها منظمة هيومن رايت ووتش المهتمة بحقوق الانسان لكنها لم تصف الوضع بانه تصفيات عرقية، فهذا مبالغ فيه جدا، بالعكس ال ب ي د يحاول معاملة العرب باحسن من الكرد وهاهي العديد من المناطق الكردية كعفرين والقامشلي يكاد يفوق عدد العرب عدد الاكراد، وبعض التجاوزات التي تقع هنا وهناك بحق العرب احيانا كما بحق الاكراد لاتثني العرب السوريين من القدوم الى المناطق الكردية الاكثر امنا من مناطقهم حيث يمارسون حياة شبه طبيعية.
اما الحديث عن تهجير قسري للعرب فهو مجرد اختلاق من بعض الشوفينيين العرب، وعار عن الصحة تماما. واذا كان ثمة تعامل غير جيد مع الذين تعاونوا مع داعش ضد قوات وحدات الحماية الكردية فهذا لم يؤثر على المعاملة العادية مع العرب.
اما منع بعض المواطنين العرب والكرد ايضا في بعض المناطق من العودة الى بيوتهم اعتقد كان مؤقتا وبسبب اجراءات امنية للتأكد من خلو البيوت من بقايا داعش.

اخر الافلام

.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •


.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ




.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: عملية رفح سيكون لها تداع


.. الأمين العام للأمم المتحدة للعربية: أميركا عليها أن تقول لإس




.. الشارع الدبلوماسي | مقابلة خاصة مع الأمين العام للأمم المتحد