الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدارجة المغربية من دبلجة الدارما العربية والعالمية إلى رسوم الأطفال - قناة عين السبع تمزق الفصحى وتصيبها في مقتل

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب

(Bakouch Azziz)

2015 / 10 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الدارجة المغربية من دبلجة الدارما العربية والعالمية إلى رسوم الأطفال "
قناة عين السبع تمزق الفصحى وتصيبها في مقتل
عزيزباكوش
قد نتفق جميعا على أن أي فعل للترجمة من لغة إلى أخرى ليس بريئا تماما ، وأن عملية دبلجة الرسوم المتحركة المستوردة من جنسيات مختلفة ، بدورها وإن كانت خطوة أولى في الاتجاه الصحيح ، فهي محفوفة بمخاطر ومنزلقات لغوية ثقافية وأحيانا مذهبية
وإذا كنا لا نختلف إن للأمانة العلمية وجه واحد ، فلابد من التفكير جديا في الأمر فهذه الرسوم المتحركة المستوردة و المدبلجة ، يجب أن تراجع مراجعة دقيقة من كل الزوايا والجهات خاصة ما يتعلق بالثوابت الوطنية ، طالما لسنا مؤهلين لإنتاج الشبيه المثيل الهادف و المفيد ، الذي تراعي فيه القيم والثوابت والمقدسات الوطنية والهوية الحضارية للمجتمع ، ثوابت تبنى الناشئة وفق مبادئها وأصولها الحضارية عربيا وإسلاميا بانفتاح . وتكون بديلاً لهذه الدبلجات المشوهة و الممسوخة.
وقد سبق للزميل جمال الملحاني أن تساءل حول الدوافع الحقيقية التي دفعت قناة عين السبع إلى تبني أسلوب دبلجة برامج الأطفال إلى الدارجة المغربية ، مبديا قلقله العميق على المستقبل اللغوي للناشئة ، ولم يخف الصحفي تخوفه فيما إذا كان هذا القرار يندرج في سياقات و دعوات ونداءات " التدريج" المعلومة"
وحسب " أوكتافيو باث" فإنه لا يمكن لأي نص مترجم ، أن يكون أصيلا تماما ، لأن اللغة نفسها ، في جوهرها المحض، عبارة عن ترجمة مسبقة ، أولا عن العالم غير المنطوق ، و من ثم لأن كل علامة و كل عبارة هي ترجمة لعلامة أخرى و عبارة أخرى. لذلك ،فإن الترجمة هي الوسيلة الرئيسة التي نملكها لفهم العالم الذي نعيش فيه . فالعالم كما يقول باث ، يُقَّدم إلينا مثل كومة متنامية من النصوص، و كل واحد من تلك النصوص يختلف قليلا عن الذي سبقه، ترجمات لترجمات لترجمات. كل نص فريد بذاته، و مع ذلك ،فإنه في الوقت نفسه ترجمة لنص آخر".
وبناء على ذلك ، لابد من القول بأن دبلجة أو تعريب المادة الفنية المراد تقديمها للطفولة المغربية ، لا بد أن تخضع لدراسات قبلية يستشار فيها اللغويون واللسانيون وعلماء الاجتماع والمهتمون يسيكولوجيا الطفولة عموما ، قبل أن تستسلم لمواصفات تجارية محضة ولا بد لهذه العملية أن تخضع لمواصفات علمية دقيقة في انصهار تام بالهوية الوطنية والحضارية للأمة المغربية بالأساس، بحيث لا يمكن أن تكون اللهجة الدارجة المغربية أو المصرية الشامية التي ينقل إليها العمل الفني أحيانا ، بمعنى ما ، سببا رئيسيا في تمزيق الكيان الوطني وتمزيقه ، وتهديم اللغة العربية ، وتشويهها ومسخها وتلويثها بمصطلحات ولهجات غريبة ومهجنة ، رغم أنها أي العامية واللهجات عموما مكون أساسي جزء من ثقافة المجتمع ، وهي موجودة في الشارع والمنزل والحياة على نحو عام.
ولعل استغراب المشرف على صفحة إعلام واتصال في مقالة له نشرت بجريدة الإتحاد الاشتراكي في الصميم حين تساءل فيما إذا تم استحضار عواقب هذه العملية قبل مباشرة الفعل؟ وفيما إذا كان النجاح " الجماهيري" الذي سجلته عملية دبلجة الدراما الأجنبية بالنسبة لقناة عين السبع وراء هذه خوض هذه التجربة الجديدة ؟ لكنه أكد بالمقابل " أن قرار دبلجة إلى الدارجة المغربية انزياح تلفزيوني غير صائب" له من الخطورة الكثير، سواء فيما يتعلق بالتحصيل اللغوي خاصة اللغة العربية الفصحى ، أو ارتباطا بتعزيز وتقوية الأداء التربوي للناشئة .
قال يوكي بطل السلسلة الرسوم المتحركة المدبلجة وقد أنهكته المطاردة ، ولم تنفذ ذخيرته ، مخاطبا غريمه بعبارة من حوالي 15 كلمة في اللغة الأصلية . لكن الدبلجة الخليجية العربية ، صنعت الحدث ، حين قالت على لسان البطل ” سأقتلك إن شاء الله ” وارتباطا بالمعنى والبراءة ، قام فريق لغات متخصص بترجمة فورية شبه أمينة من اللغة الأصلية إلى الإنجليزية ثم إلى العربية فيما بعد ، حيث خلص الفريق إلى أن يوكي قال النص الآتي:
” إن قوتك أيها المارد ، مهما بلغت من تدمير، فإنها لن تنال مني…” لكن الدبلجة كانت في الموعد، مع المسخ والتشويه وانعدام الأمانة العلمية. وصنعت الحدث " وقالت على لسان ماهر ” سأقتلك إن شاء الله."

قبل عقود مضت ، لم يكن ممكنا عرض أشرطة الرسوم المتحركة المستوردة جملة وتفصيلا ، بغير لغتها الأصلية ، الآن ، ومع التطور الذي عرفه الواقع العربي ، هناك عدد لا يستهان به من استوديوهات الدبلجة في الوطن العربي ، بداية في مصر ثم الخليج العربي، إضافة الى بعض دول الشرق الأوسط مثل لبنان الرائد في مجال الدبلجة ، والأردن.. كما في المغرب والجزائر . وإن كنا لا نفهم استقالة بلدان عربية من خوض هذا الغمار ، والاستثمار العلمي والثقافي الناجح حتما في هذا المجال ، وتأسيس مقاولات عربية للإنتاج مع استغلال طاقات وكفاءات عربية في مجال انتاج والرسوم المتحركة يزخر بها وطننا العربي ، ولا نكاد نعثر عن آثارها سوى في بعض الوصلات الإشهارية الرسمية ، لكن، يبدو أن المال العربي رفع الراية البيضاء في هذا المجال الثقافي التقني و المعرفي الواعد، وكرس مفهوم الاستيراد كاستراتيجية رغم ، إدراكه خطورة إنتاج وإعادة انتاج الرداءة نفسها .

لنفترض جدلا ، شريطا تلفزيا أو سينمائيا يحكي عن الهجرة النبوية الشريفة ، وعن الفتوحات الإسلامية مع بدايات انتشار الديانة الإسلامية ، تم تسويقه باللغة العربية في إطار إشاعتها في الدول غير الناطقة بها ، وترجمت إلى لهجة أسيوية البوذية، مثلا وقال المدبلج على لسان بطل القصة " باسم بوذا إلاه الكون نصلي " بدل قوله " باسم الله الرحمان الرحيم قد قامت الصلاة" هل ثمة شيء يستدعي التدخل للتقويم والمعالجة؟ هذا ما يحصل في الدبلجة الراهنة " فعندما يطلب بطل السلسلة من الله " صنم" مساعدته مرددا صلاة بوذا " فإن الدبلجة العربية تكتفي بعبارة" يا الله .. أو سبحان الله أو .. ماشاء الله " هنا تحديدا ستكون الحاجة ماسة إلى طرح سؤال الهوية والأمانة العلمية؟
وقد أشار الصحفي جمال الملحاني بجريدة الاتحاد الاشتراكي في عدد الإثنين 21 شتنبر إلى ما اسماه "الاستفزاز التلفزيوني" حيث أقدمت قناة عين السبع على دبلجة بعض برامج الأطفال إلى الدارجة المغربية ، مع ما تشكله هاته العملية من خطورة على مستويات عدة ، وبالأخص في المجال التربوي التعلمي، حيث كان تقديم هذه البرامج في صيغها الأولى، التي كانت تعتمد اللغة العربية الفصحى كلغة حوار، عاملا مساهما وإيجابيا على الأقل في إغناء الرصيد اللغوي والمعرفي للأطفال بحكم النسب العالية للمتابعة التي تحظى بها من طرفهم، ويتساءل الملحاني "كيف سيكون الحال إذا ما تم عرضها إليهم بالطريقة " المعدلة" المدبلجة، مستخلصا أن أطفالنا " سيخرجون منها ب" صفر" نقطة، ولو تضمنت حكما وتوجيهات تربوية عالية" .
عزيز باكوش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطاولة المستديرة | الشرق الأوسط : صراع الهيمنة والتنافس أي


.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية




.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ


.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع




.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص