الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضربات الجوية الروسية وانعكاساتها على الحلّ السياسي

محمود جديد

2015 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


" الضربات الجوية الروسية وانعكاساتها على الحل السياسي "
محمود جديد

من الطبيعي أن يتم اختيار أهداف الضربات الجوية الروسية داخل الأراضي السورية وفقاً لخطة مدروسة وبالتنسيق مع القيادة العسكرية والسياسية السورية .. ولذلك يتّسم هذا الاختيار بأهمية خاصة عند السعي لمعرفة وجهة المعارك اللاحقة التي ستستثمر مفاعيل وآثار تلك الضربات .. وحسب تقديرنا إنّ البدء في استهداف الرستن ، وتلبيسة ،والحولة ، وريف حماة الجنوبي الغربي يعني إعطاء أفضلية لتوسيع رقعة الأمان في محافظة حمص نظراً لأهمّيتها الخاصّة ،لأنّ سقوطها في يد المسلّحين يقسم سورية إلى نصفين ، ويحرمها من النفط والغاز المستخرج من ريفها الشرقي ، ويشلّ عمل مصفاة النفط فيها ، ويفتح الطريق لتقدّم داعش أو غيرها من الفصائل المسلّحة جنوباً بهدف الإطباق على دمشق وحسم الصراع هناك ، أو التوجّه غرباً باتجاه طرطوس وباقي مناطق الساحل ،وما تخلّفه المعارك فيها من آثار ساسية وأمنية وطائفية، وتعريض القاعدة البحرية الروسية هناك للمخاطر المباشرة ، وإخراج مرفأ طرطوس من الخدمة ... ومن جهة أخرى ، فإن إخراج المسلّحين من ريف حمص الشمالي الشرقي سيؤمّن بشكل أفضل طريق السلمية - خناصر - حلب الذي يُعتبر شريان الحياة للمنطقة الشمالية وللوحدات العسكرية المتواجدة فيها ..كما سيفسح المجال لاحقاً لفتح الطريق الرئيسي الواصل بين حماه- المعرّة - حلب ..
وإذا استطاع التحالف الروسي السوري العسكري تحقيق أهدافه بالسيطرة على مناطق استهداف الغارات الجوية الروسية ستكون داعش مضطرة لمواجهة مخاطر شديدة في مناطق توسّعها في تدمر والقريتين ، ولن تستطيع الاستمرار فيهما ، وأتوقّع انسحابها السريع من هناك في مثل هذه الحالة لأنّ قادتها العسكريين ( معظمهم ضباط سابقون في الجيش العراقي) يتمتعون بعقليّة براغماتية واضحة في اتّخاذ القرارات العسكرية الصحيحة في الوقت المناسب ، إذ أنّهم ينسحبون عندما يشعرون أنّ الموقف العسكري ليس لصالحهم دون الشعور بأيّة غضاضة ...وقد لجؤوا سابقاً إلى مثل هذه القرارات في محافظة إدلب خلال معاركهم مع الفصائل المسلّحة الأخرى .. وربّما يكون مسلّحو داعش المتواجدون في الريف الشرقي لمحافظة حمص الهدف التالي المحتمل إذا تمكّن الجيش السوري من حسم معركة الرستن وريفها ..
انعكاسات التدخّل العسكري الروسي على الحلّ السياسي
--------------------------------------------------
توجد عدة احتمالات لانعكاسات التدخّل الروسي المباشر على الحلّ السياسي :
أوّلاً : احتمال وجود تفاهم ضمني روسي أمريكي قبل المشاركة في الأمم المتحدة ولقاء القمة عبّرت عنه تصريحات : كيري ، فابيوس ، الاسبان النمساويون ، الإنكليز ، الألمان حول مستقبل بشار الأسد في المرحلة الانتقالية ، والإعلان الصريح عن فشل خطة أمريكا في تدريب وإعداد مقاتلين سوريين لمواجهة داعش ،واستقالة الجنرال الأمريكي جون آلن،وسحب صواريخ الباتريوت من تركيا .. وقبل ذلك إعلان جبهة الجنوب التي رعتها عن فشلها على لسان قادتها. وهذه المؤشرات لايُعقل أن تكون عفوية أو صدفة ، وبالتالي فهي دليل على ترجيح خيار الحل السياسي على الحل العسكري لدى معظم دول العالم المعنية بالأمر .. وفي هذه الحالة ، يصبح التصعيد الغربي المفاجئ نوعاً من رفع سقف المواقف المألوفة قبيل أيّة مفاوضات حول الموضوع .. وهذا الرفع ينطبق على الموقف الروسي أيضاً والذي يستهدف التأثير على موازين القوى قبيل أي تفاوض .. ومايجري بين لافروف وكيري من محادثات ومتابعات تعطي صورة أدق عن حقيقة الموقفين الأمريكي والروسي المعلنين ... وفي هذه الحالة سيكون التدخّل الروسي يصبّ لصالح الإسراع في الحلّ السياسي مع بعض الإجراءات التي تحفظ وجه ماء أمريكا تجاه التدخّل الروسي ...
ثانياً : إذا جاء التدخّل الروسي مفاجئاً لأمريكا ومتناقضاً مع استراتيجيتها سيكون هذا التدخّل وقوداً لنار الحرب المجنونة القائمة في سورية وإطالة أمدها ، وستعمد الإدارة الأمريكية على مدّ حلفائها من المسلّحين بأسلحة أحدث بهدف استنزاف الروس وتخفيف اندفاعتهم غير المسبوقة .. وفي هذه الحالة لا حلّاً سياسيّاً في الأفق القريب ، والتطوّرات مفتوحة على كلّ الاحتمالات ، مع استبعاد احتمال مواجهة عسكرية بين الطرفين ( الروسي والأمريكي) أو إرسال قوات بريّة لمواجهة المسلحين على الأرض ، ولكنّ أمريكا قد تشجّع بعض حلفائها وأتباعها للقيام بهذا الدور ...
ثالثاً : إذا جاء التدخّل الروسي مفاجئاً بهذه الكيفيّة المنفّذة ، ولكنّه لا يتعارض تقييمه وفهم حقيقته مع الاستراتيجية الأمريكية ، وفي هذه الحالة ، لن يؤثّر على استمرار الحل السياسي ، ولكنّه سيفتح الباب لمفاوضات تفصيلية جديدة بين الروس والأمريكان، وهذا الأمر سيستغرق وقتاً إضافيّاً قبل التوصّل إلى الحل المنشود ... غير إنّ جديّة بوتين في توجيه ضربات جوية فعّالة على داعش ، والنصرة وحلفائهما قد يدفع أمريكا إلى تحويل ملاعبتها لداعش إلى مغالبة لتقليم بعض أظافرها ، وفي الوقت نفسه، تشجّع حلفاءها وتضغط عليهم للعب دور جوي أكثر فعالية ، وقد تكون الرقة وجهتها وهدفها المفضّل . وهذا كلّه ، حتى لا يظهر الموقف الأمريكي باهتاً ضعيفاً أمام جديّة الروس .. ( يتبع )
في : 7 / 10 / 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في