الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطاقة الوطنية خنجر اخر في خصر الاقليات غير المسلمة

كوهر يوحنان عوديش

2015 / 11 / 8
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


التغيرات السياسية التي رافقت عملية تحرير/ احتلال كان لها الاثر الكبير في تدمير الوطن ( العراق ) بشكل تام بحيث زالت وبصورة نهائية كل الفرص للتفكير لتعميره او اعادة بنائه كوطن واحد يتسع لجميع مواطنيه بمختلف قومياتهم واديانهم وطوائفهم للعيش بحرية وكرامة دون استثناء احد بغض النظر عن الانتماء القومي والديني والمذهبي.
لا شك ان الشعب العراقي ككل كان متضررا من السياسة الطائفية العوجاء التي اتبعت بعد اسقاط النظام السابق عام 2003، لكن المسيحيين والايزيديين والاقليات غير المسلمة الاخرى كانوا المتضرر الاكبر وذلك لاستهدافها، وبصورة علنية في الكثير من الاحيان، بسبب معتقداتها ومبادئها الدينية المختلفة عن معتقدات والمباديء الدينية للمتحكمين بزمام الامور ومقاليد الحكم في العراق الجديد، ففجرت الكنائس وقتل الكثير واختطف الكثير الاخر وهجر من بقى منهم فاصبحت المدن الجنوبية شبه خالية منهم، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل جرى تهميشهم واحتقارهم من قبل المتنفذين والمتسلطين الجدد في الحكومات الجديدة ( اي الحكومات التي شكلت بعد 2003 ) حتى وان منحوا بعض المناصب فكانت مناصب صورية لارضاء بضعة اشخاص انتهازيين ينتمون الى الاقليات اسميا! ومن ناحية اخرى كانت محاولة ماكرة وذكية لتجميل صورة الحكومة العراقية امام الرأي العالمي.
حتى الامس القريب كانت كل التقارير والدلائل والوقائع تشير الى خلو العراق من المسيحيين والاقليات الاخرى على المدى القريب بسبب المذابح والجرائم والفظائع والضغوطات التي مورست/ تمارس بحقهم من قبل الميليشيات المسلحة احيانا ومن قبل المسيطرين على الحكم والمتحكمين بزمام الامور في البلد احيانا اخرى، لكن اليوم وبعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل وسنجار وبلدات سهل نينوى، وما مورس بحق المسيحيين والايزيدين من قتل جماعي وسبي للنساء كان وصمة عار ليس على جباه مرتكبي هذه الجرائم والمتعاونين معهم فقط بل على جبين الانسانية جمعاء لاتخاذها موقف المتفرج ( للاسف الشديد مرت جرائم داعش من قتل جماعي وسبي للفتيات والنساء غير المسلمات! مرور الكرام على الحكومات العربية والمؤسسات الاعلامية العربية وكأن ما يحدث لهذه الاقليات امر اكثر من طبيعي! )، سار الامر نحو الاسوأ واصبحت الهجرة نحو اوروبا وامريكا او اية دولة اخرى تضمن لهم حياة كريمة وتحفظ لهم ادنى نسبة من حقوقهم الهدف الوحيد لافراد الاقليات كي ينجو بحيواتهم ويضمنوا مستقبل اولادهم براحة بال بعيدا عن كنية كافر التي تلاحقهم اينما ذهبوا في الشرق المؤمن.
اليوم، وبعد تصويت البرلمان على قانون البطاقة الوطنية والذي ينص في مادته الـ 26 على ( اولا- يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا للقانون. ثانيا- يتبع الاولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الاسلامي من الابوين. ) ازداد الامر سوءا عما كان من قبل، حيث كان تشريع هذا القانون الذي يخالف الدستور العراقي! ويخالف كذلك جميع القيم والمباديء والقوانين التي سنت وتقر بحقوق الانسان وتكفل صيانتها صفعة اخرى تتلقاها الاقليات العراقية، لكن هذه المرة لم تكن من داعش او الميليشيات المسلحة او المجرمين ذوو النفوس الضعيفة بل كانت من نواب البرلمان العراقي المحترمين حماة القانون الساهرين على مصلحة الشعب وراحته، وبهذا التشريع ( هذا التشريع يسلب الاطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد، 18 سنة ، حقهم في اختيار دينهم عند اسلمة احد الوالدين ) فان الاقليات غير المسلمة تكون قد فقدت اخر بصيص امل لها في البقاء في وطن يحتقرهم ولا يصون ادنى حقوقهم للاحتفاظ بدينهم ومعتقداتهم ومبادئهم التي يكفل بها الدستور، فالتصويت على هذا القانون واقراره كان اعلان صريح من قبل المتحكمين بمقاليد الامور في البلد على محو كل اثر مسيحي وايزيدي او باختصار كل ما هو غير مسلم من الوجود على الخارطة العراقية، وبهذا يكون البرلمان الموقر قد ثبت اخر مسمار في نعش العراقيين الاصلاء من غير المسلمين ودعاهم بكل صراحة الى ترك البلد اذا هم ارادوا حرية التفكير والاعتقاد والانتماء.

اذا كنا حتى الامس القريب نشك في خلو العراق من اصلائه من المسيحيين والايزيدين ونتمسك ببصيص امل ولو صغير جدا للبقاء والاستمرار في وطن الاباء والاجداد متمنين عودة الاحبة والاصدقاء الاقرباء والاعزاء الذين اجبرتهم الظروف على ترك البلد وتحمل الالام ومعاناة الغربة، لكن اليوم تأكدنا بصورة قطعية بان موضوع اخلاء العراق من الاقليات غير المسلمة بات امرا محتما ومسألة وقت لا اكثر ولا اقل.
صرخة:- الف شكر لكم ايها الدخلاء على الوطن لنبذنا وارغامنا على الهجرة والرحيل، فنحن الاصلاء الذين بنينا العراق واعطيناه الثقافة والحضارة يخجلنا كثيرا ان نعيش في وطننا كضيوف ثقلاء مقتادين كالخراف خاضعين لحكم الجهلاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - آسف
عدلي جندي ( 2015 / 11 / 8 - 20:54 )
أتفوووووووا
علي أتباع إيدولوجية التكفير صار غبائهم المنقطع النظير مضرب للمثل
إكتب ..إفضح .. فالتاريخ لن يرحمهم ومزابل التاريخ مصير إيديولوجيتهم

اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م