الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابواق الدعاية الدينية المحافظة فيديو (قانون الأرزاق)

مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)

2015 / 11 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يحاول دعاة الارشاد الاجتماعي المحافظ، ومنهم أمجد قورشه باعتباره انموذج نمطي في مجتمعنا الاردني، تسويق برامجهم السطحية التافهة، ذات المردود المالي، معتبرين انفسهم ملمين بشتى العلوم، ويحاول أمجد قورشه ان يثبت المامه بالاقتصاد، باختزاله مسألة توزيع الثروات وطبيعة الانتاج والخدمات الاجتماعية وتعدد الرؤى الفكرية حولها، بنماذج فردية وجمل مبسطة يضعها كأمثلة امام الناس.
يأتينا أمجد قورشه في القرن الواحد والعشرين، حاملاً معه قصص القرن السادس عشر معتقداً بهذا انه قادر ان يستخف بعقول الناس، فقصة (السلطان الغني، الذي يملك المال والجاه كله، ولكنه غير سعيد بسبب امراضه الكثيرة).
و(الرزق) عند أمجد قورشه لديه صور عديدة (المال، الصحة، السمعة الطيبة، التوفيق في الانجاز)، وهذه كلها صور للرزق، على الانسان أن يدركها ولا يحصرها في المال. ويقوم بتمرير أحكامه القدرية، على انها الاجابة النهائية والمطلقة لما يحاول ان يطرحه.
لنأخذ المثال الذي ضربه قورشه بنفسه، شاب فقير وذكي، قام بمشروع ما، وتم رفضه على ما يبدو، وهذا الشاب يتمنى أن يكون لديه المال لكي يتسنى له أن يمرر مشروعه.
فعلى الشاب الفقير ان لا يحزن، وأن يعلم أنه يمتلك أحد (صور الرزق) الأخرى وهو الذكاء، على الرغم من فقره.
لم يتسائل أمجد قورشه عن سبب فقر هذا الشخص، وان سألناه فقد يجيب بأن (الله قد قام بتقدير رزقه).
ما هو موقف أمجد قورشه من الاحصائات تشير الى أن خط الفقر في الأردن للاسرة المعيارية يبلغ 400 دينار شهرياً فقط؟، وبأن 71% من مشتركي الضمان العام تقل رواتبهم عن هذا المبلغ؟ علماً بأن خمس سكان المملكة، اي مليون و25 الف فقط هم المشتركين بمؤسسة الضمان الاجتماعي. وما هو موقف قورشه من أن ما يقارب 44 في المائة من القوى العاملة الأردنية لا تتمتع بأي شكل من اشكال الضمان الاجتماعي؟
ان على كل هذه المجاميع الاجتماعية الأردنية أن تفرح ب(ذكائها) فقط، حسب (قانون الأرزاق) عند قورشه!!
قد يرد قورشه، أو أحد المدافعين عنه، بأنه ليس المقصود هنا ب(الذكاء) فقط..
فماذا يريد قورشه اذاً؟ هل يقصد (الصحة)؟
هل تنفصل الصحة عن نمط حياة الانسان؟ بمعنى، اذا كان أمجد قورشه يتحدث عن شخص (فقير وصحيح الجسم)، فهل الشروط الاجتماعية تسمح لهذا الفقير بأن يعيش حياة صحية فعلاً؟
يبدو أن الدكتور أمجد قورشه لا يرى واقع ارتفاع تكاليف العلاج وخصوصاً في المستشفيات الخاصة، ولا يرى واقع أن الانفاق الحكومي على قطاعات الصحة والتعليم والعمل مجتمعةً لم تحظ سوى بـأقل-او يساوي من الإنفاق-على الأمن العسكري وحده. وبالتأكيد، فليس الشغل الشاغل لأمجد قورشه وأمثاله، الا التشديد على سعادة (المرء) وصحته فقط، وليس الحديث-الذي لن يتفوه به مطلقاً- حول حق الناس جميعاً في صحة مجانية، ترتقي بهم أن يكونوا سعداء فعلاً بصحتهم.
يذهب أمجد قورشه بمحاكاماته السفيهة-التي لن نضيع وقتنا في الدخول بتفاصيلها- الى وعظ الناس، المنعزل عن السياق الاجتماعي لهم، ففي المثال الذي يورده ، فان على المواطن الذي يتناول (الفلافل) ان يشعر ب(سعادة غامرة) عندما يقارن نفسه بشيخ غني، يبني قصوراً في (مكة، حسب مثاله هو)، ولكنه يعاني من السمنة المتخمة.
وطبعاً، لا بأس في التلبك المعوي المصاحب للفلافل، عند الشيخ قورشه.
على الانسان في نظر قورشه، ان يتلقى منه مواعظه (المعتدلة السمحاء) دون أن يفكر بواقعه، وعلى الانسان ايضاً ان يضع نصب اعينه (السلطان المتخم) كمعيار يستشهد به، ويقارن نفسه معه، وحسب منطقه: (يكفيني انني لازلت على قيد الحياة). ومما يثير الانتباه في الفيديوهات الكثيرة لهذا الشيخ، وخصوصاً (قانون الرزق) هذا، هو انه يعزز الاستكانة والخضوع لواقع الاستغلال وانعدام المساواة الاجتماعية، اي الخضوع لواقع بشري يمكن تغييره اصلاً.
اذا كان منطق الشيخ هو المقارنة المعيارية: فما هو موقفه من شخص يملك مالاً كثيراً، ويتمتع بصحة وسمعة جيدة، وموفق في انجازاته، في مواجهة فقير معدم، درس وتخرج من الجامعة ولم يجد عملاً، فالبطالة في الأردن تصل الى 30%.
ما هو موقف الشيخ قورشه من هذا المثال؟
موقفه، لن يكون افضل من المواقف السابقة، وسيفصل كل حالة عن وضعها الاجتماعي الذي ادى بها هذا الحال، وسينتقل لحالة الوعظ السطحية الملازمة له، وسيحاول مرة اخرى ان يستخف بعقول الناس. ويراد من هذا التطبيل لهذه الحالات الاجتماعية (سواءاً كان قورشه واعياً لها ام ليس واعياً)، ان تكون (مرتاحة) لواقعها، بأن يتم سحب الحالات الفردية على الواقع الاجتماعي بمجمله، وأن ترضى الفئات الاجتماعية المتضررة بمنطق التبعية والسطوة الاجتماعية.
نقول، بأن القصص الخرافية والمقارنات التافهة، ومحاولة تخدير الناس عن واقعهم، ووضع (سلاطين مصابين بالجرب) كأمثلة يقيس الناس انفسهم عليها، هو منطق متهافت عفى عليه الزمن، وولى منذ ايام حكم الكنيسة الاقطاعية في اوروبا.
ولن ندعو الشيخ للتوقف عن محاكماته، لأن هذا سيكون، كمن يدعو السمك أن يعيش خارج الماء، فقط.
فهذا هو قورشه، وهذا هو ما يعتاش عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في العراق تؤكد أن الرعب آتٍ إ


.. ناشط أميركي يهودي يعلن إسلامه خلال مظاهرة داعمة لـ فلسطين في




.. 91-Al-baqarah


.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح




.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص